عمون - " يكمن التحدي الرئيس الذي يواجهنا اليوم في التنفيذ السليم والسريع للإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي".. قال الملك.

الأردنيون وهم يحتفلون الاثنين "الثلاثين من كانون الثاني" بالعيد الخمسين لميلاد قائد الوطن الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يستذكرون مسيرة الإصلاح الشامل التي نادى بها جلالته منذ توليه سلطاته الدستورية وما تحقق منها.

وفي السنوات الماضية أخذ الحديث عن الإصلاح السياسي حيزاً كبيراً في الشارع الأردني، وبدأت مطالب تدعو إلى التسريع بما ينادي به الملك ، وسارع "الربيع العربي" وما يجتاح المنطقة من أحداث وتداعيات من وتيرة المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية؛ تلقي بظلها وظلالها على المواطن وتعيد ما استلب منه.

أمام المجلس النيابي الأول المنتخب في عهد جلالته قال الملك "هذا الحدث الدستوري الذي نشهده اليوم، هو مصدر لاعتزازنا، لأنه المجلس المنتخب الأول في عهدنا، والذي تناط به مسؤولية أساسية، في تحقيق رؤيتنا لتعزيز منعة الأردن، وتحقيق ازدهاره ورخائه، خلال السنوات العشر المقبلة، وقد عقدنا العزم على التغيير والتطوير، وأخذ زمام المبادرة دون تردد مهما كانت الصعوبات حتى تظل جذور الأردن راسخة وثابتة في محيطه وفي العالم، فالأردن في رسالته الهاشمية، هو الأردن الرائد، الأردن المثل والقدوة".

ومسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث تشكل ضرورة حتمية للأردن الذي يسير بها بثبات، تلبية لطموحات الشعب الأردني، الذي - كما وصفه الملك – "تتقدم مصالحه وحقه في العيش بأمن وكرامة على كل شيء آخر".

ركزت كتب التكليف الملكية للحكومات المتعاقبة على إصلاحات جذرية شملت مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وترتكز على الإنجاز النوعي وترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.

وأعاد الملك في الكلمة التي وجهها إلى شعبه بمناسبة الذكرى العاشرة لتولي جلالته سلطاته الدستورية، تأكيده "بنينا رؤيتنا لأردن المستقبل، على الاستثمار في الإنسان الأردني وفي تعليمه وتدريبه، وتوفير فرص العمل لكل الشباب، ومأسسة المشاركة في صنع القرار، واعتماد مبدأ اللامركزية في الإدارة، وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة، وتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع".

وفي كتاب التكليف السامي الذي وجهه الملك إلى رئيس الوزراء عون الخصاونة قال "إن استكمال مسيرة الإصلاح السياسي يتطلب إعادة النظر ومراجعة وإقرار العديد من القوانين والتشريعات، حتى تتواءم مع دستورنا الجديد والذي يؤسس لتفعيل المشاركة الشعبية، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في صنع القرار، في إطار من الحرية والتعددية وسيادة القانون".

وركز الملك على أهمية التعددية السياسية وترسيخ دور الأحزاب الوطنية. ويؤكد دوما على أن تحقيق التنمية السياسية، بما يزيد من المشاركة الشعبية في صناعة القرار، شرط لنجاح كل جوانب الإصلاح الاقتصادية والاجتماعية الأخرى .

وفي خطاب العرش السامي، في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر قال الملك "وأؤكد أيضا أمام مجلسكم الكريم أننا ملتزمون وحريصون على تكريس الركـن النيابي للنظام، وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار توجهات مجلس النواب، الذي يمثل تطلعات وطموحات شعبنا العزيز لدى تكليف رؤساء الحكومات، وسنحرص على تطبيق ذلك، اعتبارا من المجلس النيابي القادم، والذي سيأتي نتاجا لهذا التحول الديمقراطي الكبير.

وتابع الملك بتأكيده "أما حزبية الحكومات، فهي قضية بيد المواطن والناخب الأردني، وهي مرهونة بقدرة الأحزاب على التنافس الوطني الحر. ونحن نريد لكل القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها، وتشارك في عملية صنع القرار، وأن تكون المعارضة معارضة وطنية بناءة وركنا أساسيا من أركان الدولة".معادلة ملكية تتوافق مع مطالب شعبية ترى أن استحقاق الإصلاح حان وقته، وفق رؤية تشاركية تأخذ منحىً سلمياً.

ورغم المعادلة السابقة تعترض جهود الإصلاح في الأردن تحديات لعل أبرزها رموز الفساد في الأردن، والذين يرون في الإصلاح دماراً لهم ولما اكتسبوه خلال سنوات تحكموا فيها برقاب الأردنيين وعاثوا فساداً وإفساداً في بنيانه ومكوناته.


**

"زبدة" الحديث :

الأردنيون ينظرون بعين الامل بان ساعة الاصلاح الحقيقي اقتربت والشعب وقيادته يتفقان على الرغبة في المضي نحو الاصلاح المنشود والفرصة مواتية بعد عقد من الزمن وهو ما اشار اليه الملك في احدى مقابلاته .

الإصلاح الحقيقي سيطوي حالة الاحتجاج التي تصدرت المشهد خلال عام مضى ، ولا بد من البناء على التعديلات الدستورية التي جرت في العام الماضي والتشريعات الناظمة للحياة السياسية والتي ستقر نتيجة لتلك التعديلات أبرزها الهيئة المستقلة للإنتخابات وقانون الانتخابات وقانون الاحزاب .

من شأن القوانين السابقة أن تؤسس لوثبة إصلاحية ان اجيد التعامل معها ومررت بالطريقة التي يطمح اليها الشعب ، ولا بد في هذا السياق الاشارة الى لجنة الحوار الوطني التي اسهمت في إثراء المناقشات السياسية حول قانون الانتخابات وتشريعات اخرى مهمة.

على الحكومة ان تنسجم مع الايقاع المتواصل في الشارع لان الوقت يمر والمماطلة لن تفيد إلا أعداء الإصلاح والتقدم لما فيه خير الاردن .

من الناحية الاقتصادية فالاردن يحتاج الى الاصلاح الاقتصادي والمراجعة الدقيقة للارقام والمعطيات لتجنيب الاردن الارتدادات الناجمة عالميا واقليميا ومحليا والمؤثرات المستحدثة جراء الربيع العربي.

ولا تزال آلام تفريخ المؤسسات الحكومية المستقلة تؤذي الوطن وبحاجة لجراحة عاجلة والتي تغرد بموازنات مستقلة وطائلة ، كما أن وضع اليد على حرج خصخصة الشركات بحاجة الى تضميد وعلاج وتكون عبر استعادة الدولة لأصولها.

ولا بد أن يكون هنالك ترشيد في الانفاق وتنمية المحافظات حيث تعاني المدن الاردنية من فجوة كبيرة بين العاصمة والاطراف.

في نهاية المطاف يبقى رهان الاردنيين كبيرا على ما يصلح امرهم من انتخابات حرة ونزيهة وشفافية في التعاطي مع الملفات جميعها بلا استثناء.