facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ضيف اللحم ..


سميح المعايطة
30-10-2014 03:37 AM

منظومة المصطلحات القديمة التي كانت مستعملة في مجتمعنا لها دلالات تتجاوز أول معنى أو المعنى المباشر، وكان استعمالها يعني أحكاماً ومواقف على أشخاص ومواقف وجهات.

ومن هذه المصطلحات «ضيف اللحم» ومعناها المباشر الضيف الذي يستحق من المعزب أن يكون واجبه ضيافته من اللحم أي أن يذبح صاحب البيت من الحلال له، ففي تلك الأوقات لم يكن في البيوت ثلاجات و«فريزرات» تحفظ فيها أكياس البلاستيك التي تخزن اللحم، ولم يكن هناك المطاعم التي تطلب منها طعاماً جاهزاً، وبالتالي فإن تقديم اللحم للضيف يعني جهداً من أهل البيت ويعني كلفة كبيرة لأن الناس لم تكن تذبح خروفاً كل يوم لأن الذبح يكون للضيف الذي يستحق أو في المناسبات، أما الطعام اليومي فكان من اللبن والتمر وربما شوربة، إضافة إلى دخول الدجاج قائمة الطعام بعدما كان التوطين الجزئي في القرى.

ضيف اللحم وصف يطلق ليس لتعريف نوع الطعام بل لتقييم وزن الضيف وقيمته، وهو حكم يكون عاماً في كل المحيط بحيث يستحي أي معزب من تجاوز هذا الحكم، ولا يكون الأمر كرماً أو بخلاً بل إعطاء الناس حقها من التكريم الذي يليق بها.

وضيف اللحم مقياس يمكن استعماله اليوم ليس لغايات الطعام لأن هناك اليوم لحوماً من التي قضت أغلب حياتها تتنقل بين ثلاجات المزارع والبواخر ومحلات بيع اللحوم، هذه الأنواع من اللحوم قيمتها أقل من تكلفة شوربة العدس، وبالتالي فإن اعتبار تقديمها لأي ضيف لا يدخل في سياق تقدير الأشخاص، لهذا نقول هذا ضيف لحم بلدي وهذا ضيف لحم مستورد وذبح مسلخ محلي وذاك ضيف لحم مجمد حتى نصل إلى ضيف اللحم الذي يكون على شكل مكعبات أو لحوم المرتديلا والسنيورة والشاورما الهندي....

وإذا اعتمدنا هذا المعيار القديم وطبقناه على أشخاص وهيئات ومؤسسات فإننا قد نصل إلى تقييم حقيقي أفضل بكثير من بعض المعايير التي نعتمدها في عالم السياسة والاجتماع والاقتصاد، ودائماً الشخص الصغير بقيمه أو صاحب المعايير الصغيرة التي لا تتجاوز حارته أو محاسيبه أو صاحب النفس «الردية» الذي لا يتعفف عن صغائر الأعمال والأفكار أو حتى السرقات الصغيرة قبل الكبيرة، مثل هذه النوعية لا يمكن أن تكون من صنف ضيوف اللحم حتى لو كان لحم جراد.

هناك أشخاص وأسماء وجهات وحتى دول يرافقها «الوهم» ويعتقد الناس أنها من طبقة «ضيف اللحم» لكن التجارب تجعلنا نصل إلى قناعة بأنها لا تستحق أن تجلس عند باب البيت، فضلاً على أن يقدم لها حتى علبة معلبات، فالألقاب للأشخاص والجهات والدول لا تمنح الصغار مضمونًا، وعندما تغيب عنها الألقاب أو أشكال النفوذ تكتشف كم هي صغيرة، وكم كان وجودها سلبياً في تقزيم ما كانت تحتل من مواقع....‏‫
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :