لم اتفاجأ بما نشرته وسيلة اعلام مرئية ان 4% فقط من الاراضي الصالحة للزراعة في الاردن يتم استغلالها .. وتشدني الذاكرة الى ما ذكره احد الخبراء عن حوض البقعة ودرجة خصوبة تربتة ، وامتداده الجغرافي ، ومشكلة الزحف العمراني والمشاريع الاسكانية ، في هذه البقعة الزراعية المثمرة .

والسؤال هو : هل نقتنع بضرورة اعادة النظر بمنهجيتنا تجاه الزراعة .. وهل لنا بديل غير العودة الى الارض لتصحيح التخبط الاقتصادي الذي نراه على ارض الواقع !؟

ان الخبر المنشور ليس جديدا على اذهان المختصين . وارى ان هناك تجارب ناجحة محليا في المجال الزراعي يمكن الاستفادة منها ، واقربها تجربة الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الاردنية . وهذا يقودنا الى التذكير بأهمية التركيز على استغلال المناطق الزراعية ذات الخصوبة العالية ، وضرورة تدخل الجهات المختصة لتحقيق ثلاثة اهداف رئيسة وهي :

اولا : ان وزارة الزراعة واتحاد المزارعين على علم كامل بمواقع الاراضي الزراعية المتميزة ، ضمن الحدود الجغرافية للاردن . وفي سبيل تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في مجال الزراعة ، فان المطلوب تدخل الجهات المختصة ، لاصدار تعليمات يتم بموجبها ، وضع احداثيات جغرافية للأراضي الزراعية التي تتميز بتدني درجة الملوحة ، والنوعية الجيدة للتربة ، وقلة متطلبات الاصلاح فيها ، حتى تصبح جاهزة كليا للزراعة .

ثانيا : ان الاحتياطات واجبة في التخفيف من الاعتماد على الامطار في فصل الشتاء . والجميع بالتاكيد يشاركنا الشكر لله سبحانه وتعالى على نعمه ، وهطول الامطار بكثافة ، في بدايات فصل الشتاء لهذا العام . وهذا يتطلب اخذ العبرة من وضع هذا العام ، والتخطيط على هذا الاساس . وبالتالي يتعين ايقاف الزحف العمراني ، في المناطق التي اتسمت بتربة عالية الخصوبة ، وصلاحيتها لكل انواع الزراعة ، بما في ذلك المزروعات البعلية ، التي لا تحتاج الى كميات كبيرة من المياه ، خاصة شجرة الزيتون المباركة .

ثالثا : ان الخطوات التي اتخذتها وزارة الزراعة والجهات المختصة ، نحو اعداد وتنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية ، كفيلة بتطوير منظومة التسويق الزراعي ، وتنشيط آليات البيع للمنتجات الزراعية ، مما سيعود بالفائدة المالية المستهدفة ، كبديل عن المدخولات اوالارباح ، التي يمكن ان تتحقق من مشاريع الزحف العمراني على مثل هذه المناطق ، والمنتشرة في مواقع مختلفة على امتداد الاراضي الاردنية .

والمطلوب : اجراء مسح لكل المناطق الزراعية المشابهة في مواصفاتها لحوض البقعة . والتأكيد على اعتبار مثل هذه المناطق الزراعية ذات مواصفات خاصة ، وادخالها ضمن خريطة نطلق عليها "مناطق زراعية عالية الخصوبة " . بحيث تعكس هذه الخطوة بلورة عملية لاستراتيجية تنموية شعارها " زراعة مثمرة دائمة الاخضرار " .. فهل نبدأ ؟