صياما مقبولا .. وافطارا في جنات الخلد
10-07-2014 07:25 PM
عمون - غير مكترثة بالصواريخ؛ تحمل "الحجة" "معلقتها" الفقيرة، وقرنا من الفلفل الذي يعشقه الغزيون، وتتوجه لتناول الإفطار... مفتول غزاوي على ما يبدو، ولكنه "مفتول" متواضع يغيب عنه الدجاج الذي يزين "سدر المفتول" عادة، في وقت أصبح فيه الدجاج حلما بعيد المنال في ظل حصار إسرائيلي، صادف أن شارك فيه مصر الرسمية – لا الشعب، وسلطة المقاطعة القابعة خلف مشاريع ابن محمود عباس في رام الله.
تنتظر "الحجة" أذان المغرب بعد يوم طويل حافل بالقصف والخوف والطائرات و "الزنانة" وأخبار موت الأحبة والجيران... والحافل بحر الصيف وعطش الصوم وجوع الحصار الرمضاني الطويل... ولكنه حافل أيضا ببهجة القدرة على الرد المقاوم على اعتداءات الطيران الصهيوني.
تنتظر الحجة إفطارها، كما انتظرت طوال سنواتها الستين أو أكثر أو أقل أن تترك مخيمها الذي جاءته عابرة لتعود إلى أرض تركتها على عجل، ولا تزال تتذكر ملامحها، وبواباتها الصخيرة الصلبة، و "بسطتها" التي كانت تحلو فيها جلسات الراحة العائلية المسائية، بعد عمل يوم شاق؛ في "البلاد"!
تنتظر الحجة إفطارها... وتتطاول المسافة الفاصلة بين "فرش السفرة" المتواضعة وصوت الأذان، وتتطاول أكثر فأكثر مع سماع صوت الطائرات البغيض، لتصبح بمقدار سنواتها الستين، فيعاجلها صوت الطائرات بدلا من صوت الشيخ الطالع من بين شقوق أحجار المئذنة العتيقة؛ التي لم يصلها القصف بعد، ولكنه قد يصل في أي لحظة.
وكأن قائد الطائرة البغيض أراد أن يطارد "انتظارها" للإفطار وليس مجرد قتلها، وكأنه استكثر عليها أن تتناول المفتول المعجون بيديها التي تجعدت تحت سقف بيوت المخيم، وكأنه يدرك أن مهمته الأولى هي ملاحقة لحظات الفرح الصغير للفلسطيني... أي فلسطيني.
لم تصل يد "الحجة" إلى المفتول... ولم يجد انتظارها للعودة منذ عقود، ولكنها حظيت بالموت فوق حصيرتها في "فلسطين"... فلسطينها التي عشقت، وفلسطينها التي لأجلها قتلت.. ولأجلها ربت أولادها الذين لم تقل الصور إن كانوا قد قضوا معها أو حالفهم "القصف" فخرجوا منه سالمين!.
إلى رحمة الله يا "حجة"... إلى حيث لا قتل ولا ظلم ولا "زنانة"... نسأل الله أن تكملي صحن المفتول في "الجنة"!
عن صفحة فراس أبو هلال عن موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك