تطفو على السطح إرهاصات ما اعتدنا على تسميته العرس الديموقراطي وانتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد، وقد بدأت الاستعدادات وما تشمله من إعداد البرامج الانتخابية والتنسيق مع المرشحين، والزيارات، وإعداد الصور، وتعليق اليافطات، ومقاولة محلات الكنافة، وإقامة الدواوين المتنقلة.
وتدخل الانتخابات هذه المرة بمتغيرات على الساحة السياسية، فهناك قانون انتخاب جديد تم تركبيه على أساس القائمة النسبية، ويستقر في رحمه جنين الصوت الواحد، ومع ذلك فقد اعتبر خطوة متقدمة عن القانون القديم سيء الذكر والسمعة.
السؤال المهم من هو النائب الذي نريد؟ وماذا يريد النائب من جلوسه تحت القبة؟، بعض هؤلاء يسعون إلى تكوين الثروة والحصول على الامتيازات، والبعض الآخر يسعى إلى الشهرة والوجاهة، والبعض يسعى دعماً لفلسفة ما أو تطبيق ايدلوجية ما، والبعض يسعى إلى تقديم الخدمات لمنطقته الانتخابية، وهذا بالمناسبة ليس عيباً، فهناك وللأسف بلدات وقرى لم تحظى بعيادة طبية أو شارع خال من الحفر إلا عندما تحرك نائب المنطقة.
مع كل هذه التصنيفات فهناك مرشح لديه رؤية ورسالة يرغب أن يحققها للوطن أولاً، ولمنطقته ثانياً، لا يمكن أن نسعى لمرشح يتجاوز الدستور والقانون من أجل توظيف قريبه، فقد نقدنا نوابنا السابقون على هذه الفعلة، ولكن للنائب أن يرفع الحيف والظلم عن منطقته الانتخابية ضمن فن الممكن دون تجاوز قاعدة تغليب المصلحة العامة على الخاصة.
كان المقصود بالتصويت للقائمة أن تشكل على أساس برامج وطنية متفق عليها من طيف من المرشحين، وليس على أساس عشائري وجهوي، ويتضمن برنامجها الانتخابي مبادئ عامة تخوض بالتشريع والمراقبة والمحاسبة ونقل صوت المواطن، وهذا كله يتطلب كفاءة وأهلية علمية وعملية وإنجازات اجتماعية، وبالرغم أن الشجرة التي تنقطع عن جذورها لا تثمر وأن العشيرة وأهالي المنطقة هي ملح المعركة الانتخابية، إلا أن التعصب العشائري والجهوي المؤسس على الأفخاذ والفروع لن يأتي بنائب وطن كالذي نصبوا إليه.