facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"سلام الشماع" خفايا من حياة علي الوردي


17-05-2019 02:21 AM

* الوردي : علم الاجتماع في الثقافة العربية

عمون - من سليم النجار - قدم علي الوردي الكثير من الآراء بشأن تجربة بناء علم اجتماع عَربي على الصعيد النظري وعلى مستوى الممارسة التاريخية ؛ وذلك في سياق مشروعه النقدي للعقل العربي الذي استحضر فيه سلطات مرجعية ومنهجية متعددة؛ مروراً بفلسفة الأنوار المكافِحة ؛ وانتهاء ببعض مفاهيم فوكو وألتوسير وغرامشي ؛ من دون أن يغفل الدرس الماركسي . وأخضع للنقد المرجعية الفكرية الغربية ؛ وأردفها بنقد المنظومة الفكرية العربية والإسلامية ؛ إلى ان توصل لدعوته الشهيرة " للانتظام داخل التراثية " ؛ لإتمام ما بدأه ابن رشد وابن خلدون والشاطبي ؛ وكذلك كشرط لا بد منه للنهضة والتجديد ؛ والتحرر من هيمنة الفكر الأوربي من دون القطيعة معه ؛ وأيضاً دون الخضوع للتراث .

ولعل الإشكالية الرئيسية التي نواجهها مع الأطروحات الاجتماعية للوردي هي : هل استطاع ان يقدم صياغة نظرية وشواهد تجريببة تاريخية ؛ لأطروحته ؛ لأطروحته عن ضرورة انتظام المفاهيم التحديثية لعلم الاجتماع في الثقافة العربية كشرط للتجديد والتحديث ؟ . هذا ما سيجيب عليه سلام الشماع في كتابه الموسوم ب " خفايا من حياة علي الوردي " .

لذا تتشكل معمارية كتاب " خفايا من حياة علي الوردي " الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت - ٢٠١٥ - ؛ إلى مباحث فرعية متنوعة ؛ مشكّلاً بذلك انزياحاً عن الأنماط الكلاسكية للمداخل من قسمين : يتكون القسم الأول من المقدمة أما القسم الثاني فقوامه " ٢٢" ؛ عنواناً ؛ تتناول معظم سيرة علي الوردي .

يحمل القسم الأول مقدمة مثيرة للتساؤل ؛ إذ يقول الكاتب الشماع : ( إن هناك الكثير مما بقي مخفياً في حياة هذا المصلح الاجتماعي ورجل التنوير الكبير الذي أراد لمجتمعنا أن يحتل المكانة اللائقة به بين مجتمعات العالم فظّل طوال حياته يقارع أمراض المجتمع العراقي المتمثلة ببعض تقاليده البالية ومعتقداته المتخلفة ص١١" .

شاء الشماع الاّ تكون قراءته لخطاب الوردي المعاصر قراءة تقليدية ؛ ولذلك سنسلك معه ما سلكه مع أغياره من أسلافنا في تاريخ الأنظار النقدية ؛ اتجاه علم الاجتماع .

لقد عمل الشماع على تسييج مقدمات عمله ونتائجه بمجموعة من الأراء الاجتماعية باعتبارها أدوات ومفاتيح استباط وتحليل أسس التنظير الاجتماعي للوردي ؛ ومن بينها نذكر : ( إن الشرق مفهوم جغرافي ليس له صلة مباشرة بعلم الاجتماع . إن الذي يهتم به علم الاجتماع في شأن المقارنة بين الشعوب وهو ما يطلق عليه الانكليزية مصطلح (cutlure) ؛ والذي أميل أنا إلى ترجمته في العربية ب( التراثية) ؛ ويقصد به مجموعة المعتقدات والاعراف والقيم والتقاليد التي يتميز بها مجتمع عن آخر ؛ إن أهمية التراثية في علم الاجتماع تأتي من كونها لها تأثير كبير في تكوين شخصية الإنسان منذ طفولته في تراثية معينة ص٧٠) .

يُعتمد أسلوب النمذجة في مجموعة من العلوم ؛ مثل علم النفس وعلم الاجتماع ؛ للتمثيل لخصائص الظواهر المدروسة ؛ ولصوغ التعميمات ووصف اشتغال مكونات النظرية . فالتفسير والاستدلال والتمثيل ومختلف مسارات الصياغة العقلانية لعلم الاجتماع ؛ تقوم فيها النمذجة بأدوار جوهرية ؛ كما أشار الشماع في رصده لنمذجة الوردي ؛ عندما عاد من أمريكيا للعراق : ( أنا لست مع القائلين إن الوردي عاد إلى العراق ناقماً على كا شيء ؛ ففي هذا الوصف تسفيه على القيم القديمة للمجتمع العراقي واستهانة بدعوته إلى التغير والتنوير ص٨٢) .

ما من شك أن الرؤى التي قدمها الوردي رؤى جديدة وطازجة ؛ في وقت انخفض فيه صوت النقد للقيم الاجتماعية كثيرًا ؛ وتراجع الاهتمام بها حتى وسط النخب . وقد تعدّدت رؤاه النقدية الجرئية في ذات الوقت إذ ذكر :( لم يتحمسّ له القوميون كثيراً ؛ لرفضه فكرة الوحدة السياسية بين الأقطار العربية من دون دراسة معمّقة لخصائص وتكوينات كل بلد على حدة ؛ بغية تجنب انتكاسة وحدوية كتلك التي حصلت بين مصر وسوريا ص١٢١) .

يعرّج الشماع كذلك إلى علم الباراسايكولوجي ؛ الذي كان للوردي رأي هام وجدلي ؛ قال : ( إن علم الخارقية ؛ أو الباراسايكولوجي ؛ كما يسمونه في اللغات الأجنية ؛ له صلة وثقية بالظواهر الاجتماعية ولاسيما في المجتمعات المتخلفة والنامية . فقد اكتشف هذا العلم أن بعض الأفراد لديهم قدرات نفسية خارقة . ولكن هذه القدرات كانت في الماضي ؛ ولاتزال حتى الآن ؛ يفسرها العوام بأنها من أفاعيل الجن أو السحر أو ما أشبه ؛ وكانوا يحيطوها بالخرافات المبالغ فيها ويحاولون اتقاء شرها بالتعاويذ والطلاسم ! ص١٥٩) .

غير أن أفكار الوردي ؛ على قوتها ومتانة حجتها ؛ تصبح مربكة ؛ بل ربما تشير للخلاف للمعنى للوجود الإنساني ؛ خاصة عندما يستخدم كلمة ( العوام ) ؛ وهذا الفصل الاجتماعي ؛ وهو معنى ظل المثقف النخبوي يشيده عبر الحقب ؛ ولربما امكننا التساؤل : هل ملك المثقف ؛ في أي يوم من الأيام من تاريخه ؛ ان ينفك عن رؤية ذاته كمخلوق متميز ؟! . وهل أن يملك في مستقبله سوى أن يفكر في نفسه بهذه الطريقة أم انها رؤية محض وهم ؟! .

ولكن هل دفع على الوردي بالتنوير إلى أفق جديد ؛ وجذب التفكير النقدي إلى منطقة جديدة ؟ ؛ نعم ؛ لقد فعل ذلك دون أدنى شك .

وأبدع سلام الشماع في كتابة سيرة الوردي ؛ على النحو الذي قرأناه .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :