نواصل عرض الانطباعات عن الرحلة العلمية إلى ينا، فبعد التعرف على بعض الأماكن وعلى أقسام الجامعة في المدينة، فوصلنا إلى قسم الكيمياء العضوية وغير العضوية، وعندما اتجهنا إلى المختبرات تعرفنا على طلاب دكتوراه وباحثين لأبحاث ما بعد الدكتوراه وكان مبينهم الدكتور طارق الشبول وزوجته التي تحضر لأطروحة الدكتوراه في الكيمياء، فقد أخذنا نتجول في أطراف المدينة وعرفنا على السوبر ماركت العربي، الذي يبيع المنتجات العربية وكذلك اللحوم والدجاج الحلال للمسلمين، وأيضا قام بأخذنا إلى مسجد المدينة وصلينا صلاة الجمعة بعد أن خطب الإمام الخطبة الأولى بالعربي ثم أكمل الخطبة الثانية باللغة الألمانية لان هناك من المسلمين غير العرب الذين يؤمون المسجد، فمنهم الباكستاني والماليزي والمغربي والتونسي والعراقي والسوري والأردني وألماني.
وأصر أن نتناول طعام العشاء في بيته في السكن الجامعي، ودعا مجموعة من الطلبة الأردنيون في الجامعة وكان معنا الدكتور محمد الخطيب من جامعة العلوم والتكنولوجيا إلى جامعة ينا لزيارة علمية مدتها شهر وذلك لمتابعة بعض بحوث الطلبة الذي يشرف عليهم، فقدم المنسف الأردني بالجميد الكركي وتجمع حول سدر المنسف الأصدقاء الجدد ،فأعاد للأذهان الضيافة الأردنية الكريمة والعادات التي يتمسك بها الأردنيون أينما ذهبوا وجعلنا نقضي سويعات وكأننا بين أهلنا في الأردن، وبعدها قدم لنا الشاي الأردني والبطيخ ،وأشعل الارجيلة واستمرت السهرة إلى قبيل العشاء – علما بان غروب الشمس يحين في الساعة التاسعة والنصف مساء وصلاة العشاء تكون في تمام الساعة الحادية عشر بتوقيت ينا ، وان صلاة الفجر تحين في تمام الساعة الثانية والنصف بعد منصف الليل – ومن المتعارف عليه في جامعة ينا ومدينتها إن الدكتور طارق الشبول يدعى " عقيد " العرب و الأردنيين في المدينة، وهو بحق يستحق ذلك اللقب بأخلاقه، فهو يسعى لتقديم كل خدمة لكل أردني وعربي ومسلم . بعدها قام مضيفنا بإيصالنا إلى محطة القطار بعد أن حجز لنا تذكرة للمواصلات مدتها شهر كامل تصلح لجميع الخطوط القطارات والباصات الداخلية في مدينة ينا بمبلغ قدره سبعة وأربعون يورو، وهي أوفر بكثير من الحجز اليومي والأسبوعي- إذ يبلغ حجز التذكرة الأسبوعي خمسة عشر يورو، وبالتالي فهي تعد الأوفر بين العروض الأخرى، ثم بدلنا القطار بحافلة لتوصلنا إلى سكن الجامعة الذي صمم على سفح جبل ويقبع في غابة غنية خضراء و المعد لضيوف الجامعة من شتى إنحاء العالم .
تنظيم السكن حكاية أخرى فكما أن اقتصاد المعرفة مفعل جدا في ألمانيا كذلك اقتصاد الطاقة فالإنارة تضيء لوحدها الكترونيا في الممرات وكذلك بعض الغرف الخدمية ، فهو مقسم إلى شقق وغرف ويسكن بها الجميع العائلات والشباب والبنات دون أن يلتفت بعضهم لبعض فالكل مشغول بأبحاثه ومشاغله، ويوجد في الطابق الأرضي غسالات، فتضع في جهاز معد لتشغيل الغسالة واحد يورو فتشتغل ، ثم تضع الملابس في النشافة الخاصة بالتنشيف مجانا .

باعتقادي أينما يذهب الأردني يجد له معازيب وهذه صفات متأصلة في معظم الأردنيين، فهم السفراء لبلادهم ويمثلون العراقة و النخوة والكرم والجود الأردني الأصيل .