هل قرأتم قصيدة (الحبشي الذبيح) للشاعر العربي الفلسطيني ابراهيم طوقان , رقصة الحبشي الذبيح لطوقان هذه معروفة و اذا لم تعرفوها أدعوكم لقراءتها إن شئتم لتعرفوها جيداً .. كما عرفتم قبل أيام رقصة الذبيح (معمر القذافي) كاملة و بجميع تفاصيلها... في (سرت) قيل الكثير عنها و الرواة كُثر ليبيون و غير ليبيين ... جميع الصحف و وسائل الإعلام العربية و العالمية روت عملية الذبح البطيء لهذا الرجل و ما بعد الذبح أيضاً.

لن أدخل في التفاصيل فالرئيس الجريح كما يبدو أُسر من قبل مجموعة من (النشامى) من مصراته و بني غازي و أشبعوه ركلاً و صفعاً .. و اغتصاباً..! , أحد (النشامى) رأيناه كان فرحاً بخاتم الرئيس الذهبي و قيل أن الرجل كان يتوسل اليهم للرأفة به باعتباره رجلاً مسناً لكننا لم نسمع مثل هذه التوسلات منه, ما سمعناه تكبيرات ليس غير و وصفه بصفات مهينة تخللها أصوات طلقات تخترق رأس و قلب الأسير من قبل آسريه .. ثم يُعرض الجسد شبه العاري على مدار ثلاثة أيام في شاحنة مبردة للحوم مركونة في سوق شعبي و أمكنة أُخرى و أُناس كُثر ينظرون اليه بشماتة و هو ينظر اليهم بشماتة أيضاً , و تنتهي رقصة الرجل الذبيح (القذافي) في قبر مجهول في الصحراء و هنا يتساءل المرء : لماذا قُبر القذافي في مكان مجهول .. كما يبدو أعداؤه يخافون منه ميتاً كما كانوا يخافونه حياً , في المشهد الختامي كان القذافي يحتضن ابنه المعتصم و كأنهما في غفوة , التهمة للقذافي أنه (طاغية) أرجوكم .. أيها السادة أن تعدوا على أصابعكم أسماء من حكموا وطننا العربي من الطغاة و بالطريقة نفسها : هل تعرفون أن الحجاج ابن يوسف هو أول حاكم (في التاريخ) سن نظام منع التجول و الأقامة الجبرية و التجنيد الإجباري و قصف الكعبة بالمنجنيق.. أما ابن المقفع فقبره غير معروف تماماً كالقذافي فقد ذبحه السلطان بيده ليلة العيد , و سلطان آخر قتل شاعراً أعمى هو بشار ابن بُرد و رمى جثته في شط العرب في البصره و لولا زنجيتان تسللتا خلسة و حفرتا له حفرة ليدُفن فيها لأكلته جثته حيوانات البحر .

لم أزر ليبيا لكن زملائي الصحفيين الذين زاروها كانوا عندما يعودون يقولون : إن التعليم و العلاج و الماء و الكهرباء بالمجان و الليبيون لا يعملون إلا قليلاً و يخدمهم آخرون جاءوا من أقاصي الدنيا... أتعرفون قصة الثور الذي وقع فتكاثر أصحاب السكاكين حوله هذا ما حدث تماماً للقذافي ..!!

لكن .. من حقنا أن نتساءل .. و باستغراب : لماذا تم تغيّب رقصة الناتو تماماً عن المشهد الملحمي الليبي.. ؟! آلاف الطلعات الجوية لهذا الناتو كل يوم و في كل طلعة تُقصف المدن الليبية بآلاف الأطنان من القنابل المدمرة و الحارقة , نعم كان يحدث هذا كل يوم و على مدى شهرين في طرابلس و مصراته و سرت و غيرها و مطارات مدنية و عسكرية و وزارات و بيوت عادية دمرها الناتو و الحصيلة أكثر من نصف مليون شهيد و جريح و معطوب و عدة مدن دمرتها هذه الطائرات , تماماً كما حدث في العراق على مدى ثماني سنوات , صمت عربي و أُممي مُريب إضافة الى ما يسمى بجمعيات حقوق الإنسان و القنوات الفضائية العربية و العالمية .. (و لا من شاف و لا من دري ..!!)