facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إضراب المعلمين ونذر تهاوي المجتمع


لميس اندوني
09-02-2012 12:55 AM

لم تلجأ نقابة المعلمين إلى إعلان الاضراب العام, إلا بعد أن وصلت إلى طريق مسدود في مفاوضاتها مع الحكومة لالزام الاخيرة, بتنفيذ تعهدات سابقة بتحسين رواتب المعلمين, وشمول المتقاعدين منهم بالعلاوة المتفق عليها.

حال المعلمين لا يختلف كثيراً عن حال معظم الاردنيين, خاصة, ولكن ليس حصراً, العاملين في القطاع العام, المكافحين من أجل تحقيق حياة كريمة لاسرهم وأولادهم, في ظل أزمة اقتصادية حادة, وارتفاع مستمر في الاسعار, تدفع فئات واسعة إلى حافة الفقر, والشرائح الفقيرة نحو خطر الجوع واليأس.

لكن قضية المعلمين تعكس أيضاً, خللا جذرياً ومنهجياً, يتمثل في غياب رؤية تربوية وفلسفية, أدت إلى الاستخفاف بهذا القطاع الاستراتيجي, الذي تعتمد عليه المجتمعات في بناء مستقبلها, إذ أن المدارس, والجامعات, هي المحك لقياس قدرة المجتمع, ونجاحه في استثمار الانسان - مورده الرئيسي, الدائم, والمتجدد.

غياب الرؤية الاستراتيجية, أدى إلى قلة احترام الجهاز التعليمي , ومتطلباته, وإلى الاستهانة المهنية والانسانية بالمعلم, بالرغم من اعتراف الجميع, اللفظي على الاقل, بدور المعلم بتنشئة الاجيال, وبناء مجتمع صحي وقوي, ووطن منيع, وغيرها من التعبيرات الجميلة, وحتى الابيات الشعرية الرائعة, التي شبهت أشهرها المعلمين بالرسل, ولكن هذه البلاغة اللغوية التي أبدعت في وصف المعلم عبر التاريخ , تتهاوى سريعاً على أرض الواقع, عندما يصطدم المعلم, بإهمال الدولة له, وأحيانا استخفاف المجتمع به و بكرامته.

صحيح أن المكافأة المادية ليست وحدها المعيار لتقويم المعلم, ولكن يجب أن لا نخدع أنفسنا, فشعور المعلم بالعوز المادي, لا ينتقص من كرامته فحسب, ولكن قد يؤثر على أدائه, عدا أننا نعيش في مجتمع مادي يربط مستوى الاحترام بالمستوى المادي لذا فان احترام الدولة للمعلم, معنوياً ومادياً, يعزز مكانة المعلم في المجتمع وداخل غرف الصف أمام الطلبة وذويهم.

بالطبع فان المشكلة لا تقتصر على التقصير نحو المعلمين, بل حال المعلمين يمثل جانبا من أزمة تربوية أعمق تتهدد نظام التعليم الحكومي, فالاهمال وعدم التخطيط يشمل النقص الحاد, في كثير من المناطق, من غرف صفوف, ومختبرات علمية , ومكتبات, وملاعب, عدا عن عدم كفاية, او عدم وجود تدفئة, أو مرافق صحية, وما يتبعه مشروط لخلق بيئة صحية ونفسية لتسهيل العملية التعليمية للاساتذة والطلبة على السواء.

إضراب المعلمين يقرع ناقوس الخطر الذي يهدد ليس نظامنا التعليمي فحسب بل المجتمع بأكمله, ولم يكن من الصدفة أن قادة هذا القطاع, ومن أبرزهم,على سبيل الذكر لا الحصر, الاستاذان مصطفى إرشيدات وأدما زريقات, أنهم ثاروا للمطالبة بحقهم في نقابة خاصة بهم, قبل بدء الثورات العربية, وان انتصارهم ساهم في إذكاء شعلة وعي الفئات العاملة للمطالبة في حقوقهم, فذلك استمرار لدور المعلمين التاريخي في قيادة الاحتجاجات, الحقوقية والوطنية منها, في الوطن العربي والعالم أجمع.

السبب المباشر الذي أدى إلى الاضراب, مع تأكيد أن الازمة قديمة ومزمنة, هو في تراجع الحكومة عن تنفيذ وعدها بصرف علاوة التعليم كاملة ابتداء من أول العام الحالي, اضافة إلى الصدمة التي انتابت, قطاع المعلمين, كما القطاعات الاخرى, من تفاصيل عملية الهيكلة, التي تم الترويج لها على أنها وسيلة لتحقيق عدالة في توزيع الرواتب ورفع سوية العاملين (مما يطرح تساؤلا إذا كانت الهيكلة المطروحة لها علاقة بالخطة الاصلية), وإذ بها تقوم بالعكس تماماً, وتؤدي إلى الاضرار, بوضع المعلمين وغيرهم من موظفي وعاملي القطاع العام.

ومع نقدنا لموقف الحكومة الحالية, ولكن يجب الاقرار أنها ورثت حملا صعباً, يحتاج إلى حل جذري, ليس لمسألة الفساد وسلب أموال الدولة فحسب, بل يتطلب الامر إعادة النظر في توزيع النفقات, فدولة مثل تركيا مثلا, فهمت أهمية قطاع التعليم الاستراتيجية, فرصدت له ميزانية أعلى من ميزانية الدفاع, ولم تتوان عن تخفيض نفقاتها العسكرية لصالح قطاع التعليم.

المطلوب قرار حاسم, من أعلى المرجعيات, ليس فقط من أجل تخفيف حالة الاحتقان المجتمعية, بل من أجل إنقاذ مجتمع من التهاوي.


(العرب اليوم)





  • 1 قارئة 09-02-2012 | 01:15 PM

    تحليل عميق وموضوعي للوضع ومقال رائع. شكرا

  • 2 معلمة تؤيد الإضراب 09-02-2012 | 01:36 PM

    فعلا لا نريد جيشا ينفق من أجله الملايين وبعد ذلك أول ما توجه أسلحته توجه إلى الشعب كما رأينا في دول مجاورة..بل نريد تنمية حقيقية للبلاد والعباد تبدأ من التعليم فهو بحق مصنع الرجال وضمان استقرار الوطن وأمنه..شكرا للكاتبة على التحليل العميق والمتوازن

  • 3 خطاب 09-02-2012 | 04:06 PM

    كلام في غاية الصدق و الاحساس بالمشكلة و الانتماء لهذا الوطن

  • 4 عبادي ندمان 09-02-2012 | 04:54 PM

    نعم توجد حقوق والحقوق شخصية ولكن ليس من اجلها احرق الاخضر واليابس . ليس من اجلها اغلق ابواب المدارس واترك الشباب تصيع في الشوارع .. الاتوجد تضحية .. وانما شعار الخاوة اصبح هو الاعلى اما ان واما ان .. لا والف لا يامعلمي الاردن الذكور تنكرتم لوطنكم من اجل علاوة ستصرف على 3 سنوات تريدونها في شهر واحد .. لان هذا وان دل على شيْ فاحدكم يبيع وطنه لاجل 10 دنانير او اكثر .. والله انكم قطاع ينعم بمزايا لاينعم فيها اي موظف في القطاع العام ..فلو حسبتم ايام عملكم لوجدتوها سمردح بالعامية وناهيك عن عطلتي الفصلين فيهي ثلث السنة والعطل الاخرى ثلث فانتم لاتعملون سوى 3 شهور ونيف .... ولو كنت صاحب قرار .....

  • 5 صلاح محمد 09-02-2012 | 06:15 PM

    شكرا لك على هذا الطرح العميق الذي ينم عن شجاعة وصدق في الرؤى اتجاه شريحة من اهم شرائح المجتمع( المعلمين )


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :