طفح الكيل وزادت بضاعة الحراك الشعبي استعارا وصارت له عناوين وهتافات ويافطات واقوال ومواقع انترنت وغير ذلك, وباتت له اغان وموسيقى ومداحين وطبالين.. الخ, والكيل الذي يكيلون به زاده فاسد واصحابه تجار بالجملة ومن حولهم شلة لا تتقن فن التجارة, والأسوأ من هذا كله أن قلة الأدب اصبحت عناوين تلازم شعاراتهم وهتافاتهم واقوالهم وحركاتهم وينطبق عليهم هذا قول القائل ذات مرة معين خوري "RIFF _ RAFF اي (شعاراتهم حثالة ¯ رعاع ¯ همج ¯ الخ).

قبل أن أبدأ.. نحن لا نتهم البعض في الحراك بأنه من الحثالة أو الرعاع, ولا نصف أحدا بهكذا اوصاف بتاتا بل نتحدث عن شعاراتهم بأنها كذلك لسبب بسيط هو انها صارت تتطاول على المقام السامي وبات البعض يسيئ بطريقته الى رمز الدولة والى زوجته والى ولي عهده والى آخرين ويتطاول بطريقته الفجة على كل شيء, وكأننا انفلتا بعقالنا وبعيرنا الى الصحراء نتحضر لكي يغزو احدنا الاخر.

الحراك.. معظمه من قيادات الحركة الاسلامية, ونحن نحترم البعض ممن يشارك به ويلتزم اصول وقواعد الأدب عند العرب والمسلمين, ولا نحترم كل من يتطاول على الدولة ورمزها وعرشها وجيشها وأجهزتها الامنية, فلا يعقل ان ترتفع شعارات لا نحبذ تكرارها ضد قائد الوطن واسرته.. ونسأل القائمين عليه.. أين أخلاق الاسلام والمسلمين.. أين أدب العرب.. أين صفات وسمات اصحاب السلف الصالح والخلفاء الراشدين وغيرهم.. أين ديننا الاسلامي.. أين تربيتنا.. أين نحن من الفاظ سوقية يأبى الساقي ان يتلفظ بها.. اين واين..?! .. هل هذا حراك شعبي هدفه الحرية والديمقراطية والاصلاح السياسي.. هل هذه الافعال والاقوال تنم عن مسؤولية اخلاقية وأدبية.. هل هذا الشعار أو ذاك الذي يتطاول على سيدّ البلاد هو مفخرة لحامله أو قائله.. هل هذه هي الحرية التي تنادون بها..? يا سادة الحراك.. هذا عيب.. هذا أمر محزن.. هذا أمر مخزي لنا جميعا.. هذا عمل شرير ظاهره وفاعله إما جاهل أو حاقد لئيم او ماكر خبيث يريد هلاكنا جميعا, واذا قلتم يا قيادات الحركة اسلامية انكم لا تتبنون هذه الشعارات وترفضونها فلماذا أنتم موجودون معهم في الحراك..! ولماذا تقبلون على أنفسكم هكذا مواقف مخزية بحق الله ورسوله والاسلام?! واسألكم مرة اخرى اين تعاليم الاسلام السمحة التي تدعو الى كلمة سواء وتحث على الحوار والرأي والرأي الاخر وتغليب مصلحة الأمة.. اين انتم من هذا?

لقد صُدمنا حقيقة من محاولة استغلال قصة صغيرة يمكن حلها عبر قنوات اخرى ليست هذه الشعارات والاقوال.. قصة البنزين أوكتان (90) والتي صارت عنوانا للحراك.. واسأل الجميع ممن يشاركون بالحراك.. يأتي الى المملكة في فصل الصيف, زهاء (400) ألف سائح وزائر عربي واجنبي وهؤلاء يستأجرون السيارات السياحية, فلماذا يصار الى بيعهم البنزين بأسعار رخيصة?.. المشكلة تكمن عندنا في ابن البلد الذي يعاني وهذا الامر يمكن حله عبر كوبونات محددة تصرفها مصفاة البترول لكل مالك سيارة خاصة او عامة بصورة شهرية.. وهنا اقول لكل من له قريب بجوارنا في الضفة الغربية ان يسأله عن سعر تنكة البنزين هناك ليعرف انها تتجاوز (23) دينارا اي اكثر بكثير مما هي عندنا بعد زيادة السعر.

نحن نحترم القائمين على الحراك الشعبي المنادي بالاصلاح السياسي والملتزم بالحرية وبثوابت الوطن ولا ننتقص من جهدهم في اظهار الصورة الحضارية الديمقراطية للمملكة, لكننا لا نحترم القائمين على الحراك ممن يتجاوزون حدود الاردن ويتطاولون على رسالة الدولة ورمزها ولا نقبل لهم ان يجروا معهم البعض ممن هو حاقد وناكر للجميل ولديه اجندته الخاصة المرتبطة بمشاريع اسرائيل والغرب في المنطقة,.. وليعذرني كل من يقرأ مقالي لان اصحاب الكيل عندنا صاروا تجاراً ومقاولين بالجملة, وصارت شعاراتهم RIFF - RAFF .ونتمنى عليهم ان لا ينزلقوا وراء ذلك فيصبحوا مثل شعاراتهم.
(صحيفة الديار)