facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




انفصام شخصية


جهاد المنسي
19-09-2012 05:23 AM

يسمعك كلاما يعجز عنه ساسة كبار، ويعلمك أصول الديمقراطية والمشاركة، وحقوق الإنسان، وأهمية حضور الدولة المدنية في حياة الفرد والجماعة، وتعزيز قيم دولة المؤسسات والقانون؛ وينبذ العنف والتطرف والعشائرية والجهوية والإقليمية، ويرفض ربط الدين بالسياسية، وتدخل أي قوة مؤثرة في عمل السلطة التنفيذية، مدافعا عن ضرورة أن يكون للحكومة ولايتها العامة، ولا تتهاون فيها بحيث يتم انتزاعها منها من قبل جهات أخرى.

وهو أيضا ينتقد أداء مجالس النواب، باعتبارها جاءت نتيجة إفراز مشوش وغير مستقر، وطغت خلال انتخاب المجالس السابقة الصبغة العشائرية والفردية والجهوية على اختيارات الفرد، فغاب النائب البرلماني والعقائدي والسياسي، وحل بديلا عنه النائب الخدمي والعشائري والمناطقي، فضعف أداء المجلس، وضعفت ثقة المواطن في المؤسسة التشريعية. ويعتقد أن المجلس النيابي تقاعس عن القيام بدوره الدستوري الذي ينص على أن الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي.

هو يسمعك ما سبق كله، وإن دخلت وإياه في نقاش بشأن موضوع سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي، ويزيد عليك إلى حد المطالبة بدولة دستورية يجري فيها تعزيز تطبيق أحكام الدستور على الغني والفقير، الوزير والغفير، على العائلة والحمولة والعشيرة والفخذ، يتم فيها محاسبة الفاسد بدون النظر إلى عشيرته ومكانته فيها، فتخاله سيحدث نقلة نوعية في المجتمع، ويؤثر على محيطه، وخاصة أنه أسمعك موشحات تطرب لها الأذن، ويتمناها الإنسان. وهو يمتلك حجج إقناع جيدة، ولديه قدرة على مقارعة الحجة بالحجة.

الشخص نفسه، وعند مفاصل معينة، ينقلب؛ لتفاجأ وكأنك تتعرف إلى إنسان جديد! فهو يرفض أن يسري القانون الجامعي على أبناء عشيرته إن كسروا ممتلكات الجامعة. وهو يغلق الطريق إن قطعت المياه عن مكان سكنه، ويحرق الممتلكات العامة عندما يطالب بفصل بلدية عن أخرى، ويعتدي بالشتم على الفريق المنافس، ويستحضر ما نسيه من شتائم كان يستخدمها في صغره إن خسر فريقه ولم يحالفه النصيب بالفوز، بما فيها كلمات نابية وشتائم إقليمية يوجهها للفريق الآخر. والأنكى من ذلك أنه يذهب إلى صندوق الاقتراع بقوة "القنوة" لانتخاب ابن العشيرة الذي لا يعرف الفرق بين كلمة شيعي وشيوعي، ويغضب إن رسب ابن عشيرته ذاك، فيحرق ويعتدي على رجال الدرك والأمن، ويفعل كل ما يخطر على البال.

وهي، تسمعك كلاما غير مسبوق عن حرية المرأة، وضرورة مساواتها بالرجل في جميع ميادين العمل. وتقدم لك موشحات عن "الجندر" وضرورة القفز من دولة من دول العالم الثالث فيما يتعلق بحقوق المرأة إلى دولة متطورة ومتقدمة، بحيث يتم سن قوانين تحميها وتحمي أطفالها، وتعطى المرأة حق منح جنسيتها لأبنائها، وأن تتساوى مع الرجل في كل مناحي الحياة.

وهي أيضا تصر على حضور كل العروض والمسرحيات التي تنتقد التحرش الجنسي أو اللفظي، ولها موقف شديد منه. وترفض فرض لباس معين على المرأة باعتبار أن لها القدرة على اتخاذ القرار، وتعبر عن رفضها لبعض الفتاوى التي تخرج أحيانا، باعتبار أن مثل تلك الفتاوى تساهم في إهانة المرأة، وتعيدها قرونا إلى الوراء.

وهي تقول لك إنها تمتلك رأيا ضد السلفية، رفضا منها لنظرتهم للمرأة. وترفض عدم منح المرأة الحق في قيادة السيارة أو إسعاف نفسها أو طفلها، إن تعرضت لحادث في منزلها. وترفض فكرة وجود هيئات للحث على الدين، تقوم بمتابعة ومراقبة لباس النساء في بعض الدول.

ولاحقا، تستغرب أن السيدة عينها التي تدافع بكل قوة عن وجهة نظرها وحقها في عدم وضع غطاء للرأس، تضع كل ذاك خلف ظهرها عندما تلوح لها بوادر نصف فرصة هنا أو هناك، فتصبح على استعداد للذهاب إلى دول لا يمكن أن تخرج فيها المرأة بلا حجاب، أو بدون لباس شرعي كامل. ويصبح كل ما كانت تقوله عن حقوق المرأة، وأهمية محاربة الزواج التقليدي، خارج التغطية؛ فتصبح لا ترى أبعد من عقلة إصبعها على أبعد تقدير، وهمها وشغلها الشاغل التفكير في الخطوة المقبلة، بدون اعتبار لأشخاص محيطين بها.

غريب هو أمر البعض! نقول البعض (رجالا ونساء) ولكن هذا البعض كثر جدا؛ إذ تجد نسبة عالية يقولون ما لا يفعلون، ويُسمعون من طرف اللسان حلاوة بدون قناعة راسخة، وفكر واضح، فتفاجأ بانقلاب في الشخصية يساوي 180 درجة.
(الغد)
jihad.mansi@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :