نشهد حالياً في الاردن حالة من حشد الموارد البشرية في اتجاهين ؛متفقين على موضوع واحد وهو الاصلاح ،الا ان الرؤية و الوسيلة والتقدير قد تكون مختلفة .الكل ينتظر يوم الجمعة بفارغ الصبر اما للمشاركة باحدى المسيرتين ، او لشكر الله والثناء عليه لتجنيب الاردن ما من شأنه ان يودي بكارثه ترمي بظلالها على الاردن بمجموعه . احترم اراء الجميع ممن ينتظمون في تلك المسيرتين ، ولكن حرصي على الاردن النابع من تقديري لما سوف يحصل يجعلني ادفع باتجاه الغاء المسيرتين او تغيير مسارهما او تأجيلهما فالضرورات تبيح المحظورات .

لنعترف جميعاً بأن الاردن اكبر واسمى من ان يختزل بمجموعتين من الناس يعتقد كل منها انه على حق ،لن ادخل في التفاصيل والدوافع لكل مجموعة ، ولكن اود الاشارة هنا الى ان الاصل بالامور ان يكون الاختلاف مكانه مجالس الفكر، والاعلام باذرعه المختلفة، وان يمارس الاعلام الرسمي على وجه الخصوص سياسة قبول الاخر وعدم الغاءه او تهميشه .

ولا يعني ان من يعملون بصمت لخدمة الاردن هم خارج اللعبة ، او لا حسبة لهم فاغلبية الساحقة من الاردنيون منتمون بقوة للتراب الاردني وفهموا الانتماء من خلال القيام بواجباتهم ، فلنعمل بادراك وحكمة على ان لا يشطر الاردنيون الي شطرين غير متساويين ، قد يؤثر احدهم على الاغلبية السابق الاشارة اليها .

وهنا يجب التوقف فوراً عن سياسة التجييش والتعبئة المضادة التي تمارسها بعض الاذاعات والصحف ، فالاخوان هم اولا واخيراً اردنيون وممن كان لهم الدور الاكبر في المحافظة على الاردن في مرحلة ما ، وعندما الغيت الاحزاب في الخمسينات بقي حزبهم الاوحد على الساحة الاردنية غير مشكوك بولاءه وانتمائه . فاي صدام قد يحدث يوم الجمعة لا قدر الله مقصود او غير مقصود قد يكون له اثر فعّال في حرف طبيعة المسيرات السلمية عن مسارها والتي نقدر فيها المطالب والتنظيم والاهداف وهذا يدل على مرحلة متقدمة من وجود بيئة ديمقراطية تمارس فيها المشاركة السياسية الناتجة عن وعي ونضج سياسي .

على الحكومة ان تدرك بأن هنالك ضغوطات على جماعة الاخوان ،من قبل رفقائهم في بعض الدول التي حصلت فيها تغييرات على مستوى القيادة العليا ،مع الفارق الكبير بالتشبيه ما بين احوال تلك الدول قبل ثوراتها وما بين الاردن، وهنا يسجل للاخوان المسلمون حرصهم على مستقبل الاردن بان يبقى متماسكاً صلباً في ظل التغيرات الجسيمة التي تصيب بنية الدولة الاستراتيجية وتفرض اصلاحاً خارجياً ذو كلفة مرتفعة جداً ، فما المانع من المحاورة والمفاوضة في حدود مساحة معينة تسقط عنهم النظرة الاستفزازية من قبل نظرائهم ،و هنا يجب ممارسة فن السياسة الوقائية ،لا خلق الازمات ومن ثم معالجتها و بعيداً كل البعد عن نظرية اللعبة الصفرية .
وختاماً للمسجد الحسيني مساحة في هذا المقال، فقبل جمعتين مباركتين تشرفت بالصلاة في المسجد الحسيني ، واثناء الخطبة سقط لوح زجاجي على احد المصلين ، لذا نرجو الاهتمام اكثر بصيانة هذا المسجد الذي يؤمه عدد كبير من المصلين .



adel.hawatmeh@gju.edu.jo