facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في ذكرى ميلاد الحسين


د. محمد العناقرة
14-11-2012 02:53 PM

يصادف يوم الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من كل عام ذكرى ميلاد الملك الباني المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه والتي حرص الملك عبد الله الثاني على أن تبقى خالدة في ذاكرة كل الأردنيين. شيباً وشباباً والتي ما نسوها يوماً.
تعتبر الأرض الأردنية أرض المعارك والفداء، ومثَّل موقعه ساحة مهمة للأحداث التاريخية الهامة. ويعود الفضل للهاشميين في إرساء دعائم الدولة الأردنية والمضي قُدُماً لتطويرها لترقى إلى مصافِ الدول الحديثة.
فالشريف الهاشمي الحسين بن علي هو المنقذ الأعظم وقائد أول ثورة عربية كبرى في مطلع القرن العشرين، ثم جاء نجلهُ الأمير عبد الله بن الحسين ليؤسس ويضع قواعد ودعائم ما أنشأهُ والده، فهو منشئ ومؤسس الدولة الأردنية، أما الملك طلال رحمه الله فهو واضع الدستور والقانون الذي يعد من أفضل الدساتير في العالم أجمع. ثم جاء الملك الباني جلالة المغفور له بإذن الله تعالى الحسين بن طلال فعرَّب قيادة الجيش العربي وعمل على إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية، ناهيك عن الإنجازات الأخرى، وتابع المسيرة الملك المعزز الملك عبد الله الثاني بن الحسين ليعزز ما بناه والده. ولتشهد الدولة الأردنية أكبر الإنجازات وأعظم التطورات في عهده. فهاهم الهاشميين يحملون الراية كابراً عن كابر وبكل ثقة وهمة عالية من أجل إعلاء بنيان الوطن وتعزيز مكانته.
ولد المغفور له الملك الحسين بن طلال في مدينة عمان في 14 تشرين الثاني في عام 1935م وتربى في كنف والديه المغفور لهما جلالة الملك طلال وجلالة الملكة زين الشرف وتحت إشراف جده الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين.
نشأ الملك الحسين في كنف والده الملك طلال نشأةً معتدلة بسيطة بعيدة عن ترف الملوك وحياتهم المرفهة فكان المنزل الذي يعيش فيه مؤلفاً من خمس غرف للنوم وهو صغير مقارنة بالمنازل التي يمتلكها الأثرياء. ويمتد نسب الحسين طيب الله ثراه إلى (الحسين بن علي بن أبي طالب) ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والملك الحسين هو الحفيد المباشر الثاني والأربعين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو سليل أسرة استمدت من الدين الإسلامي المثل والقيم والتعاليم السمحة.
تلقى جلالة الملك الحسين تعليمه الابتدائي في مدارس عمان وكان جده حريصاً على أن ينشئه على القيم الدينية الأصلية مركزاً على التربية الدينية وقد علمه أصول الحكمة ومبادئ الثورة العربية الكبرى. وعندما بلغ سن السابعة انتقل إلى المدرسة الأهلية بعمان وكان من زملائه في الدراسة الشريف زيد بن شاكر وزيد الرفاعي وحمدي الطباع ومحمد بارطو وكمال عصفور وبشير الصباغ وأسامة الحايك وغيرهم وعندما كان ابن العشر سنوات انتقل جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال إلى كلية المطران ليدرس الصف الرابع الابتدائي وبعد ذلك بعام انتقل إلى الكلية العلمية الإسلامية. ثم التحق جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بكلية فكتوريا في الإسكندرية وذلك عام 1950م ثم قام والده بنقله إلى كلية هارو في بريطانيا ثم إلى الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست البريطانية.
لقد امان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال أن الجندية شرف وواجب وانضباط وقد حرص على تشجيع نجله الأكبر جلالة الملك عبد الله الثاني على الانخراط في الحياة العسكرية فيصحبه معه في جولاته العسكرية وعندما كان ابن الثانية عشرة تدرج في الخدمة العسكرية واستحق أوسمة وشارات ملكية من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله. وقد كان جلالة الملك الحسين بن طلال برفقة جده الملك الشهيد عبد الله بن الحسين عندما قضي شهيداً في المسجد الأقصى أثناء تأديته لصلاة الظهر من يوم الجمعة في 20 تموز 1950م وحول ذلك جاء في مذكرات الملك الحسين قوله "وتقدم نحو المسجد وما كاد يخطو بضع خطوات حتى ظهر رجل وراء الباب الكبير إلى اليمين: لم يكن في حالة طبيعية وكان يمسك بسلاح وقبل أن يستطيع أحد أن يبدي أية مقاومة، أطلق النار، ولم يره جدي أبداً وكان على بعد مترين القاتل فأصيب برأسه فانهار وقد انتشرت عمامته على الأرض. لم أتبين فوراً ما حدث خلال لحظة كانت تبدو دهراً كاملاً، بقي القاتل جامداً غير قادر على الحركة. وكان القاتل يجري في خط متعرج دون أن يعرف في أي اتجاه يفر وبعد أن حوصر في زاوية وكانت عيناه تلمعان والسلاح ما زال في يده اليمنى عندما رأيته يسدده نحوي رأيت الدخان وانطلقت الرصاصة فترنحت وقد تزعزعت أركاني من جراء صدمة كبرى أصابت صدري وانتظرت ولكن لم يحدث شيء لقد حدثت معجزة فقد ضربت الرصاصة أحد أوسمتي ثم ارتدت".
ومع استمرار تدهور صحة الملك طلال قرر مجلس الأمة إعفاءه من منصبه بسبب أوضاعه الصحية الصعبة في 11/8/1952، أعلن في اليوم نفسه ابنه الحسين ولي العهد ملكاً على الأردن ولكنه كان لم يبلغ بعد السن القانونية فقد كان عمره وقتها سبع عشرة سنة، ولذلك فقد شكل مجلس الأمة مجلساً للوصاية على العرش. بويع الحسين بن طلال ملكاً دستورياً على الأردن يوم 2 آيار 1953م ومنذ البداية أظهر على الرغم من حداثة سنه صفات قيادية عالية جمعت بين الجرأة والحكمة والحزم والحلم وحب الوطن والشجاعة وعلو الهمة والإيمان بوحدة الأمة وقضاياها المصيرية ومواجهة كافة التحديات التي تواجه أمن ومستقبل الأمة.
ومنذ تولي جلالة الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية بدأ مسلسل المهمات الصعبة، مثل مجابهة العدو الصهيوني المدعوم عالمياً من أعظم القوى الغربية والشرقية. وكانت المملكة الأردنية الهاشمية تعاني من الأزمات الاقتصادية والعجز المالي وترنح تحت ثقل قيود المعاهدة الأردنية البريطانية وقيادة الجيش بيد الضباط الأجانب البريطانيين وكانت الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على العديد من المواقع الأردنية. وبشكل خاص خلال الفترة 1951 – 1956 من أهم التحديات التي واجهت الملك الحسين في بداية عهده. واتسمت سياسة الأردن الخارجية بالحيوية والنشاط والاتزان في التعامل مع سائر القوى على الساحة الدولية ومعالجة القضايا العربية والدفاع عنها تحقيقاً لأهداف الأردن وتطلعاته في الوحدة والحرية والحياة الفضلى والعمل من أجل الهدف القومي.
كان للحسين في بداية شبابه طموح شديد في تعريب الجيش العربي والاستغناء عن خدمات الضباط الانكليز وجعل إدارة الجيش أردنية عربية حرة. وقد أمضى كلوب باشا مدة تتراوح ما بين 26 عاماً وكان له النفوذ والسيطرة في مجال الأمن والجيش معتمداً على تقربه للعشائر وزعمائها وكان قد وصل إلى ذروة عمله عندما تسلم رئاسة أركان الجيش العربي، إلا أنه ظل في نظر الأردنيين رمزاً للهيمنة البريطانية. وفي نيسان عام 1955م اجتمع الملك الحسين مع كبار رجالات الدولة الأردنية والعسكريين، وظهر انزعاج من قبل الضباط الأردنيين ضد ممارسات كلوب داخل الأردن، وعزم الحسين على التخلص من النفوذ الأجنبي في الجيش العربي. وبالفعل أقدم الحسين في 1/3/1956م على اتخاذ قراره الخطير والجريء المتعلق بالجيش والمتمثل بإنهاء خدمة الفريق كلوب باشا من منصبه رئاسة أركان حرب الجيش العربي الأردني وترفع الزعيم راضي عنان لرتبة أمير لواء، وتعيينه لمنصب رئاسة أركان الجيش العربي. وأبلغ بذلك رئيس وزرائه سمير الرفاعي، وقرأ الرفاعي القرار الملكي: "قررنا إنهاء خدمات الفريق السير جون باجوت كلوب ابتداءً من هذه اللحظة وعليه أن يغادر الأردن فوراً". وقد أيد مجلس الأمة الأردني بالإجماع ذلك الإجراء وعمت الأفراح الوطنية داخل الأردن وخارجه.
وعندما نتحدث عن انجازات الملك الباني لا يفوتنا أن نذكر معركة الكرامة وأحداثها فقد جاء الهجوم الإسرائيلي مفاجئاً في الساعة الخامسة والنصف من صبيحة يوم 21 آذار 1968 على الأراضي الأردنية بقوة عسكرية كبيرة مدعومة بسلاح الجو والمدفعية وذلك على ثلاث محاور رئيسية بغية تحقيق أهدف إستراتيجية تتمثل في احتلال المرتفعات الغربية من الأردن (مرتفعات البلقاء) للوصول إلى عمان العاصمة لكي يفرضوا على الأردن القبول بتسوية معهم على عكس ما أعلنه الإسرائيليون أن هدفهم من الهجوم هو القضاء على قواعد الفدائيين في قرية الكرامة. تصدت قوات الجيش الأردني للعدو ومنذ الدقائق الأولى أخذت تطلق النار على قواته وأوقعت بهم خسائر فادحة وقدم الجيش العربي الأردني بطولات رائعة في الدفاع عن حمى الأردن الغالي مما اضطر إسرائيل لأول مرة في تاريخها العسكري أن تطلب وقف إطلاق النار. إلا أن الملك الحسين رفض ذلك ما دام هناك جندي إسرائيلي واحد شرقي النهر وقد أجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب تاركة وراءها عدداً كبيراً من الآليات والدبابات على أرض المعركة وقد قدم الجيش العربي الأردني 61 شهيداً و 108 جريحاً وفي تلك المعركة تحطمت الأساطير الإسرائيلية حول عقدة التفوق العسكري الإسرائيلي.
وقد جاهد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه منذ توليه سلطاته الدستورية من أجل بناء أردن حديث وإرساء دعائم نهضة شاملة في جميع جوانب الحياة وفي شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعمرانية وترسيخ مبادئ الديمقراطية. وقد هيأ قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية الذي اتخذه جلالة الملك الحسين استجابة لرغبة الأشقاء العرب ورغبة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988 الظروف لاستئناف مسيرة الديمقراطية في المملكة.
وعلى الصعيد الدولي فقد عَمِل جلالة الملك الحسين على إقامة شبكة من العلاقات الدولية أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع العديد من دول العالم وتجلى ذلك من عدم تخلفه عن حضور أي مؤتمر قمة عربي والحرص على حضور جميع اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات العربية على كافة المستويات. وفي عهد جلالة الملك الحسين اتسعت قاعدة التعليم الإلزامي وازداد عدد المدارس في مختلف مناطق المملكة وقد ارتفعت نسبة المتعلمين وتم العمل على مكافحة الأمية وشملت نهضة الأردن في عهده رحمه الله جميع المجالات الصحية والخدمات العامة والبنية التحتية والطرق والاتصالات والزراعة والصناعة.
وقام جلالة الملك الحسين بن طلال عام 1991 بدور رئيس في عقد مؤتمر مدريد للسلام وذلك من أجل توفير مظلة للفلسطينيين للتفاوض من أجل مستقبلهم، وفي عام 1993 وقعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل إعلان مبادئ (أوسلوا) حدد فيها أطر التفاوض معاً. وقد تم توقيع إعلان واشنطن في الخامس والعشرين من تموز عام 1994 الذي أنهى رسمياً حالة الحرب بين الأردن وإسرائيل والتي استمرت زهاء 46 عاماً. وللمغفور له الملك الحسين رحمه الله خمسة أبناء وست بنات هم جلالة الملك عبد الله الثاني وأصحاب السمو الأمراء والأميرات فيصل وعلي وحمزة وهاشم وعالية وزين وعائشة وهيا وإيمان وراية وجميعهم نشأوا على التواضع والتحلي بالأخلاق النبيلة والقيم الإسلامية.
كان عروبياً وتربى على خلفية ثورة قامت في الأساس لتحرير العرب ثم توحيدهم وتسلم مقاليد الحكم في وقت كانت الدعوة القومية في عصرها الذهبي.
ترعرع الحسين الإنسان في كنف الجد المؤسس المغفور له عبد الله الأول بن الحسين فتربى على الإرث النبوي الخالد اعتزازاً وقيماً وسلوكات كما تحدر إليه إرث المشروع النهضوي العربي الذي قام عليه أحرار العرب بقيادة الشريف الهاشمي الملك الحسين بن علي.
اجتمع للحسين رحمه الله ما ندر اجتماعه لشخص من تليد المجد وخارقه وموروثة ومكتسبة من شرف النسب وعراقة الملك والمكانة التي لا تنكر واكتسب إلى جانبها علو الهمة وبعد النظر وتسامحاً تضرب به الأمثال وتواضعاً مقروناً بهيبة.
كان الحسين رحمه الله نموذجاً للقيادة الفذة القادر على توظيف الإمكانات المادية والمعنوية المتاحة، التوظيف الأمثل الذي يقوى على خدمة الأهداف بحيث مكنت هذه القدرة الاستثنائية التي اتسم بها، الدولة الأردنية من أن تتغلب على نقطة ضعفها الأساسية وهي شح الموارد والإمكانات.
كان يؤمن الحسين بفكره ووجدانه بالسلام ليس فقط العسكري والسياسي منه، بل الأهم من ذلك السلام في علاقات الأفراد بعضهم ببعض الآخر داخل المجتمعات وكان يؤمن أن المجتمع الذي يكون في سلام مع نفسه هو القادر على التواصل مع العالم بثقة وتفهم وصداقة.
وفي السابع من شباط عام 1999 كان الأردن والأردنيين في وداع ملك القلوب رحل الحسين تاركاً ورائه العديد من الإنجازات والأعمال والمواقف التي تخلد ذكر الحسين على مر السنين ووسط حشود قادة العالم وجميع الأردنيين سارت جنازة الحسين التي وصفت بأنها جنازة العصر ودل حشد الحضور على المكانة العظيمة التي يحتلها الملك الحسين في قلوب جميع من عرفوه. وقد جاء الملك الشاب عبد الله الثاني بن الحسين ليسير على خطى والده فترى الأردن يشهد العديد من النقلات النوعية في شتى المجالات ويطلق جلالة الملك عبد الله الثاني بين الحين والآخر العديد من المبادرات التي تهدف إلى تنمية الأردن والأردنيين. رحم الله الملك الباني المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال وأسكنه فسيح جناته.





  • 1 لولو 14-11-2012 | 04:22 PM

    الله يرحمه و يجعل مثواه الجنه . و سيبقى فى قلوبنا ما حيينا .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :