facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بعيدا عن السياسة: سأذهب الى السويد!


د. وليد خالد ابو دلبوح
06-02-2013 01:50 AM

لكل شيء ...ما لهُ وما عليه: الّا السويد... ما لها... وما لها!

ربما عندما شطر الله الجمال ليهب يوسف الصدّيق عليه السلام شطره, أبقى شطره الاخر وحسّنه في السويد, و لربما شاء الله أن يغزوها البرد دائما, اشارة منه لعباده انها ليست جنته التي وعد الصالحين بها, ولولا عامل "الطقس" هذا وكلمة سبقت منه تعالى, لساورتني الشكوك انها "الجنه" لا محالة, لجمال ما فيها من رقي وحضارة وفن وطبيعة, ولو قدّر لاهل السويد "دخول النار" في الاخره, لحسبت أنه "قضاء عادلا "لما نالوه في "جنّه" الدنيا من نعيم و"حور عين". وأحسب أن شجرة التفاح كانت "في الأصل" جذورها في "سويد الدنيا" وثمارها في السماء, فهبط منها أدم عليه السلام, الى صحراء العرب, عقابا رادعا على فعلة "تفاحة" السويد... فأي "سويد" أنتي ... يا سويد؟!

تحتضن السويد, موطن الفرد نوبل, حوالي 9 ملايين نسمه بناتج محلي يفوق 400 بليون دولار, وتعد من اكثر الدول رفاهية في العالم على الاطلاق, واعتبرتها مجلة الايكونومست الدوله الأولى الأفضل ديموقراطية في العالم, ومن أعلى الدول درجة في الشفافية والنزاهه دوليا. وقد شرّفني الله, أن أقوم بالتدريس في جامعات السويد ومؤسساتها التعليمية في أكثر من مناسبه, وقد مكّنني خلال هذه الزيارات التعليميه, تذوق حلاوة التعلم والتفكّر والتأمل, من شعب عظيم كشعب السويد.

في السويد: مفتاح واحد ... للجميع!!

حقيقة لم يعرف المواطن السويدي ابدا في قاموسه الاخلاقي شيء اسمه "قفل" أوجنزير لعقود, ولم يعتاد أن يقفل دراجته الهوائيه عند الاصطفاف في اي مكان ويمكنه تركتها في الاماكن العامه لايام, ولكن بدأت هذه الظاهره تختف وأُجبر على التعرف على القفل والاقفال بعد ازياد هجرة الاجانب والعرب الغير شرعيين للاسف بوجه التحديد الى هناك! ويعيش بدون مبالغة, السجين السويدي في حال أفضل من "الحر" في بلادنا العربيه, فيستطيع الدراسه مجانا وتقديم الامتحانات والعمل داخل السجن والسماح لزوجته قضاء عطلة نهاية الاسبوع معه, حتى نفقات المحامي لا يتحملها! وقد يكون أعظم ما ما استوقف ذاكرتني اليوم خلال زياتي التدريسيه هو, قصتي مع ..."مفتاح واحد للجميع"!

بالكاد دفع الباب بقدمه ليدخل الى ممر قاعة المكاتب, وكُتبه وحوائجه أثقلت كلتا يديه, فراّني من قريب وطلب مني بلطف أن أساعده لافتح باب مكتبه, فلم أمانع وطلبت منه مفتاح مكتبه لأفتح الباب, فقال لي, لا داعي, تستطيع فعل فتح باب مكتبي بمفتاح مكتبك أيضا! وفعلا فتحت له باب مكتبه مندهشا بمفتاح مكتبي... وتبين لاحقا ان الجميع يملكون نفس المفتاح (الماستر كي) لجميع المكاتب في الطابق بأسره!!

هل تستطيع أن تفعل هذا الشيء لزميلك هنا الذي تعرفه "عز المعرفه" منذ سنين في العمل, ولو لربع ساعة؟! هل تستطيع أن تسلم على الاخرين بحرارة من غير أن تتلمس ساعتك؟ فما بالك في السويديين, الذين يثقون بالاردني وغيره من "الضيوف" المحاضرين الاجانب, ثقتهم بأنفسهم, واعطائهم مفتاح مكاتبهم وهم لا يعرفوفهم ولو باسمائهم؟! اي شي من الرقي والتحضر والرفاه هذا.. كم بلغت السويد من الحضاره والعظمة والانسانيه في تعظيم الفرد وتقديس الثقه ليس بين ابناء جلدتهم فحسب ولكن بين ابناء جلدة أجانبهم على حد سواء. بالتأكيد ما حصل, لا يعبر عن قوانين متّبعه هناك, ولكن عن تربيه وثقافه مصهورة في وجدانهم وفي جيناتهم منذ قرون!!

هذا حدث معي شخصيا, وكنت حينها حقيقة متوجسا وانا في السويد, أن كنت سأرى مكتبي ثانية في الجامعة عندنا سالما غانما عند العودة ..."غير محتل", لم يحدث هذا بحمد الله ... ولكن حقيقة حدث شيء أفظع من من هذا بكثير ... ولا داعي لذكرها ... لا أريد أن أعكّر مزاجي ومزاجكم مع قصتي في السويد ... وما أدراك ما السويد!

الخاتمة: عدلت ...فامنت ... فنمت!

ماوصل في السويد اليوم ولعقود يذكرني ما وصل اليه زمن الخليفة عمر بن الخطاب عندما كان نائما بدون حراسة وما قال رسول ملك الفرس فيه. أعطيناهم درس في الماضي وهاهم يعكون الدرس والدروس اليوم. في الامس, اندهش الاوروبيون فينا وقالوا فينا ما قالوا... واليوم تبدل الحال لنصبح نحن المندهشين...لنقول فيهم في الرقي والعظمة ما نقول!

النزاهه, الفساد, الاصلاح, وغيرها من القيم, لا تُؤتى بقوانين ولا بالمؤسسات ولا بالهيئات ولكنها تؤسّس وتفعّل بالتربيه والثقافه, اباّ عن جد, وجيل عن جيل, ومنذ الصغر, فيرى الديموقراطيه رأي العين دون الحاجه الى حفظ القوانين والدساتير والانظمة عن ظهر قلب. بالتأكيد من كان يغش وينجح وهو صغير ويقال له انو "ازغرت", لا بد له عند الكبر أن يتبع "سُنة " المال السياسي والرياء ...وينجح!!! .. لانو "كبير من يومو"!

ومن هنا نقول, الثقافة هي التي تصنع القيم التي تؤسس المؤسسات والهيئات والدساتير والقوانين, والعكس ليس بالصحيح اطلاقا. لا يمكن أن نقضي على الفاسد بالقوانين أو لخوف الفاسد من دخوله السجن فقط, ولكن يكون ذلك مفعوله أقوى وديمومتها اطول, كون ثقافة "العيب" هي التي تردعه من الداخل, بدون رقابه وقوانين... متى سنصل الى هذه المرحله؟!

Dr_waleedd@yahoo.com





  • 1 الزغول 07-02-2013 | 02:04 PM

    مقال رائع وتجربه واقعيه نعيشها جميعا

  • 2 ماهر الدلابيح 26-05-2014 | 08:00 AM

    الله يعطيك العافية يا دكتور على هذه المقالة القيمة.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :