facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ضياء الموسوي المدنية هي الحل ل"ضياء الموسوي"

07-12-2007 02:00 AM

تسمرت لحظات وأنا ألمح شعارات الأحزاب الإسلاموية في الأردن وهي ترفع شعار(الإسلام هو الحل).تسلقت إلى شفتي ابتسامة يخرج منها الغبار، غبار الذاكرة المرة، عندما كنت صغيرا، وما زلت برعما ينمو تحت تراب الخيمة الإسلامية، وأنا أصرخ في الميكرفون بشعار الإسلام هو الحل.

كلما سألني شاب عن معضلة اقتصادية أو سياسية أوسيكولوجية أقول له: "الإسلام هو الحل".

هكذا كنت أردد الشعارات التي كانت تلف في سندويشات الأحزاب السياسية حتى اكتشفت أن الشعار يعني على أرض الواقع أن دكاكين الأحزاب الإسلاموية هي الحل وليس الإسلام، كانت سندويشات تقطر منها دسومة البرغماتية بامتياز.

لم أكن ملتفتا أن هذه الأقراص المنومة من الشعارات كانت توضع إلينا في شاي الحزب، وأن المقصود بها هو أن شيخ القرية هو الحل.

كانت الدكاكين الحزبية تبيع علينا هذه الوجبات السريعة بعد أن تخزن عقولنا في ثلاجاتها المستوردة والمصنوعة من جلود الشباب الطرية، والضائعة في صحراء الايديولوجيات الضيقة التي تأخذ من إسلامنا الجميل ما يصب في مصلحة البورصة وتلقي ما يتعارض مع مصلحتها إلى المحارق.

تمر السنون وتنتهي المحارق وما زلنا نرجع إلى ذات المصيدة، ونكرر ذات الأخطاء،
ذلك لأن الدكاكين السياسية هي هي، تتغير الأجيال ويبقى الشعار هو الشعار، محشو بغبار التاريخ والعقلية الجامدة الاستاتيكية؛ لأنه لا يوجد هناك من يمتلك تصفية العقل بما علق به من أملاح الأفكار.

الإسلام شيء جميل، جاء ليوجد توازنا في الحياة، لكن من قال إنه يجيب على الأسئلة الحديثة، الطيبية، والهندسية، والصناعية؟ لقد أصبحنا نشاهد دكاترة مسلمين مصابين بعقدة النقص تجاه الغرب، فيستخدمون كحيلة شرعية، ولسد العجز الذاتي كل عضلاتهم، لإثبات أننا سبقنا الغرب في كل صغيرة وكبيرة من إظهار أننا نمتلك إعجازا علميا في كل صغيرة وكبيرة.

الغريب لقد حولوا الإسلام إلى كتاب هندسي وطبي وسيكولوجي وذري يجيب عن كل شؤون الحياة، فأضاعوا بوصلة الحياة وأضاعوا هذا الشباب الشوزفريني التائه ما بين طلاسم التاريخ وتعقيدات الحاضر بحداثته وعولمته وأوروبته وحضارته وفوبيا المستقبل الغامض.

لسنا بحاجة في انتخابات الأردن أو الكويت أو البحرين أو العراق إلى استخدام مخدرات دينية، الدين منها براء لصالح دكاكينا التي نفتحها على ضفاف الغيبوبة الشرقية.

قوتك في مدى ما تملك من إجابات رقمية علمية، وما تمتلك من مشاريع واقعية، وليس مجرد شعارات تطلقها في الهواء وأنت عاجز عن ترجمتها إلى واقع على الأرض،
لقد ملأنا الأرض من مثل هذه الشعارات ومثل هذه الفتاوى، نحن بحاجة اليوم إلى فتاوى تحرض على اليقظة، وتحرض على الوعي، يقول الشاعر الحداثي ادونيس في إحدى مداخلاته: هل تتحول الفتوى إلى شيء إيجابي؟ افتوا لإقامة مراكز البحوث العلمية والمعرفية، افتوا بضرورة التقدم والابتكار.

نعم، إننا بحاجة إلى فتاوى تعيد علاقتنا بالحياة، وتزيل الأتربة المتكدسة على العقول، وتكنس كل النفايات المتراكمة على عقولنا العربية والإسلامية.

ملأنا عقول الناس بفتاوي الطهارة والنجاسة ودماء المرأة من الحيض إلى النفاس إلى الاستحاضة حتى قال عالم دين مسلم: شيبتني الدماء!

حتى النصوص اختزناها عبر رؤيتنا الضيقة وقراءاتنا المحدودة، النص يكبر إذا قرأناه بعقل كبير، ويصغر إذا قرأناه بعقل صغير، لهذا لا تتعجبوا إذا أصبحت أغلب تفاسير المسلمين على شتى مذاهبهم لقرآننا الكريم تفاسير مذهبية تنسج في مصانع طائفية، تستقوي بالأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة، وتفصل حسب مدى تراكم الكلسترول الطائفي على مفاصيل وعي المفسر ذاته.

يجب ألا نتعجب من الحساسية الجلدية ما بين السنة والشيعة، والتي تحولت إلى مرض (الصدفة) والإحمرار والطفح الجلدي بينهم في العراق، إن هذا المرض انتشر في الأجساد والعقول والأنفس بسبب التفسيرات الملغمة والخطب المفخخة بفتيل الطائفية وبسبب الشحن الايديولوجي الذي يسكب كزيت حارق في عقول الصغار، في المعاهد والمدارس والمخيمات، العالم مشغول بغزو الفضاء وبالغزو الاقتصادي والتكنولوجي ونحن مشغولون بالنفخ الايديولوجي على بعضنا البعض.

أكثرنا انشغالا بتوزيع منشيتات الوحدة الإسلامية في الصحف والكتب والمؤتمرات التقريبية هم رجال الدين، وهم أكثر الناس استخداما للكوميدية السوداء ضد عقائد الآخرين تحت الطاولة، هذا الانفصام يصنع لنا شبابا يحمل القضية ونقيضها، نحن بحاجة إلى علماء يقطرون في عيوننا الفرح، فأوطاننا أصبحت( فينيسيا) تطفو هذه المرة على الدموع، وليس على الماء، وأصبح مسلسل الرعب يلتف علينا بسلسلة طويلة كسلسلة مسلس جيمس بوند الشهيرة.

يقول المعري:

هو عبأ ثقيل على الحياة *** من يظن الحياة عبأ ثقيلا

إن رفعنا لمثل هذه الشعارات تقودنا إلى الانزلاق نحو البحيرات المذهبية الساخنة بالحقائق الوهمية، نحن نسير نحو سلسة من الأنفاق.

لو نظرنا إلى الشعارات الأردنية فهي خاطئة، ولنا تجربة في العراق؛ حيث تحول حتى البسكويت إلى بسكويت طائفي، قنوات طائفية ومدارس طائفية وأحزاب طائفية والنتيجة هو ضياع بلد بأكمله مكتنز بحضارة عريقة ضاعت بين ليلة وعشاها بعد دكتاتورية ما زال البعض يبكي عليها، ديجول عندما جاء بمشروعه الاقتصادي قال له الشعب الفرنسي "اجلس في البيت"، ونحن للأسف الشديد جعلنا من صدام رجل الضرورة! أصبح العراق مشروع خسارة كبرى، وكأنما أصبح هذا البلد بلد منذور للعذاب.

الحل للعراق هو ديمقراطية قوية للجميع بعيدا عن المذهبية، نعم أخرج السنة من غرفة الحكم بالبجامة، ولكن ليس الحل هو في أخذ الغرفة كاملة للشيعة أو السنة، الحل أن يشارك الجميع، وأن يخرج الشيعة من عقدة الماضي، وأن يخرج السنة من عقدة المستقبل.

إن تغيير التوازنات في المنطقة كما هي العصا الأمريكية لا يمكن أن تخدم المنطقة، فلا بد -كما هو منهج العالم السوسويولوجي العراقي على الوردي- من مراعاة القاع السوسيولوجي لتغيير أي مجتمع.

الديمقراطية منهج وتربية وسلوك لا يمكن أن تزرع على الأرض ما لم تزرع في العقول والقلوب، فالدمقراطية لا يمكن أن تنمو بقرار رئاسي".

والسؤال: لماذا لا نستفيد من الغرب، فالغرب قتلتهم الحروب وأكلت الحرب العالمية الأولى أكثر من 62 مليون فرد، ولا تزال جرائم الجيش الأحمر تلطخ التاريخ الغربي، يقول أوسكار دايلد "كلنا غاطسون في مصرف الماء، ولكن بعضنا ينظر إلى النجوم".

كمايقول الماغوط في ديوانه (سياف الزهور) "البؤس هو الوحيد المتماسك في العالم العربي!".

هل لنا أن نكتب على معاهدنا كما كتب سقراط على معابد أثينا "اعرف نفسك بنفسك"، ثم جاء في العصر الحديث فرويد ليختهما بـ"واعترف بها"؟ أتمنى ذلك.

فنعترف بالهزيمة حتى نلتحق بالحضارة، وإلا ستبقى الأفاق مسدودة، عودا على بدء أقول "الحل هو بالدولة المدنية وليس الدولة الدينية، والدين لا ينمو إلا في ظل دولة دينية، لذلك نقول (الدولة المدنية هي الحل)".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :