facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سليمان النابلسي .. أول رئيس لحكومة حزبية برلمانية


د. محمد العناقرة
28-02-2013 08:25 PM

إن الحديث عن سليمان النابلسي هو حديث عن شخصية وطنية وسياسية وحزبية من الرعيل الأول جمعت ما بين الهم الوطني والعربي. كثيرة هي المحطات الهامة والأدوار المميزة التي لعبتها هذه الشخصية في تاريخ الأردن.

ولد سليمان النابلسي في السلط عام (1908) ودرس الابتدائية في الكتاب، على يد شيخ الكتاب الشيخ عبدالحليم زيد الكيلاني، تحت شجرة التوت المشهورة في السلط، ومن ثم انتقل لمدينة نابلس ودرس في كلية النجاح المرحلة الثانوية وانتقل بعد ذلك إلى القدس ودرس في كلية شباب القدس، ومن القدس انتقل هو وعدد من زملائه، منهم المرحوم حسني فريز والمرحوم بهاء الدين طوقان إلى الجامعة الأمريكية في بيروت حيث تخرجا في عام (1932) منها.

أما عن عوامل تكوين شخصيته فقد بدأ سليمان النابلسي وعيه السياسي في نابلس بتأثير اساتذته الذين كانوا يدرسون في مدرسة النجاح الثانوية حيث كان هؤلاء على دراية واسعة بالقضية الفلسيطينية والقضية العربية بوجه عام وكانوا يلقنون تلامذتهم الوعي الوطني والوعي القومي وتأثر سليمان النابلسي وهو يعترف بهذا في مذكراته باساتذته وخصوصاً أساتذة اللغة العربية وأساتذة التاريخ الذين كانوا يدرسونه. وعندما ذهب للجامعة الأمريكية في بيروت كان هناك عدد من الاساتذة منهم قسطنطين زريق وغيرهم من الذين يعتبرون من المفكرين الأوائل في القومية العربية والفكر القومي العربي ولذلك تأثر أيضا بهذا المناخ السياسي الموجود في الجامعة الأمريكية وتأسست آنذاك جمعية العروة الوثقى وكان هو رئيساً لها لفترات طويلة أي طوال مدة دراسته في بيروت. وكان الطلبة فيها مقسومين لقسمين طلبة قوميين يهتمون بقضايا الوطن العربي ومشكلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومنهم سليمان النابلسي الذي كان على اتصال بالحركة القومية في بيروت والتي كان يتزعمها أفراد من آل الصلح حيث كانت لهم جريدة وكان سليمان النابلسي أيضا يلتقي بهم في هذه الجريدة، ويكتب أحياناً مقالات فيها. كان هذا التكوين السياسي الأولي له، وكان خطيباً أيضاً وهو في الجامعة الأمريكية في بيروت. ففي السنة الأولى اختاروه ليتكلم في مهرجان التخرج وكان أحد الثلاثة الأوائل في ذلك العام. فألقى خطاباً أثار إعجاب الطلبة، وأثار إعجاب الأساتذة به. وكان من الطلبة المتفوقين في الجامعة الأمريكية في بيروت، درس الاقتصاد والعلوم السياسية في تلك الجامعة وكان من المبرزين على صعيد الزعامة الطلابية في تلك الفترة وكان هذا شيئاً مهماً لتكوينه السياسي فيما بعد، وعلى صعيد الدراسة أيضاً.

لقد كان عمه الحاج فوزي النابلسي من وجهاء السلط ومن الشخصيات المهمة التي كانت تستقبل كبار رجال الدولة حتى في العهد العثماني وكان مستنطقاً بالمفهوم التركي كان هذا منصباً كبيراً في الدولة التركية لذلك بالإضافة للثراء كان للأسرة مكانة اجتماعية مهمة في السلط. ثم فيما بعد عاد سليمان النابلسي من دراسته في بيروت وبدأت في حياته مرحلة جديدة في التدرج الوظيفي.
أما التدرج الوظيفي عند سليمان النابلسي فقد بدأ حياته العملية معلماً في الكرك، وكان من تلاميذه الدكتور عبد السلام المجالي وعبد الوهاب المجالي وآخرين. وفي الكرك دعا الطلاب إلى الإضراب بمناسبة ذكرى وعد بلفور وشرح لهم موضوع وعد بلفور ومصيبة وعد بلفور التي ستقع على الأردن وفلسطين وعلى الأمة. ونتيجة لذلك حدثت مظاهرة صاخبة في الكرك، نقل على اثرها من الكرك إلى مدرسة السلط. وفيما بعد مرحلة التعليم اشتغل موظفاً في وزارة المالية لفترة قصيرة ثم تولى منصب سكرتير في رئاسة الوزراء في حكومة توفيق أبو الهدى، وكان فكره الوطني والسياسي ناشطاً.

وعندما عاد سليمان النابلسي للأردن في أوائل الثلاثيات كان الوضع الاقتصادي في الأردن صعباً جداً وكانت الحركة الوطنية الأردنية قد انقسمت على نفسها في تلك الفترة من الزمن، وكان هناك اتجاه يدعو للتعاون مع اليهود في فلسطين على أساس أن الوضع الاقتصادي في الأردن سيء جداً، وأن فلسطين وضعها ممتاز اعتقاداً من الناس البسطاء آنذاك أن الازدهار سببه وجود اليهود في فلسطين ولكن كان هناك قيادة سياسية لحزب الشعب الأردني الذي تحول فيما بعد، بعد انعقاد أول مؤتمر وطني في عمان عام 1928 تحول إلى حزب سياسي باسم حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني الذي تبنى أول ميثاق وطني أردني صدر عام 1928 وهذا الميثاق يطالب بحكومة نيابية دستورية ديمقراطية مثلما كان يطالب بإنهاء الانتداب البريطاني على الأردن وإلغاء وعد بلفور. طبع سليمان النابلسي على أرث هذا الحزب الذي تشكل آنذاك من بعض المثقفين الأردنيين وشيوخ العشائر الأردنية. عندما جاء سليمان النابلسي كانت هناك شخصية مثقفة أردنية جذابة جدا للشباب شخصية المرحوم صبحي أبو غنيمة، وهو طبيب درس في ألمانيا. بعدها عاد للأردن وجمع حوله مجموعة من الشباب الأردني المثقف، لحسن الحظ أن سليمان النابلسي عندما كان موجوداً في بيروت كان هناك عدد من الأردنيين هناك فوق عشرة طلاب، وهذا عدد كبير جدا في تلك الفترة، لهذا السبب ساروا في خط صبحي أبو غنيمه عندما عاد. وقد تبلور فيما بعد في الحزب العربي الأردني وفي فلسطين كانت الحركة الوطنية قد تبلورت هناك في عدة أحزاب، كان الحزب المقرب من الحاج أمين الحسيني هو الحزب العربي الفلسطيني، فأنشأ هذا الحزب على نمط الحزب العربي الفلسطيني، وانضم إليه فيما بعد مجموعة من الشباب المثقف حيث كانوا يلتقون ويتحدثون في المشكلات العربية بشكل عام، وكان المرحوم سليمان النابلسي يؤكد أن الأردنيين كمثقفين وكشعب بسيط لم يتحركوا في يوم من الأيام من أجل مطلب شخصي. ومعظم تحركات الأردنيين على العهد الطويل كانت استجابة للأحداث العربية وانضمامهم لتحقيق مطالب أمتهم.

أما عن علاقة سليمان النابلسي بالملك عبد الله الأول بن الحسين (الملك المؤسس) فقد كانت علاقة ودية والسبب أنه عندما كان موظفاً في وزارة المالية كان مسؤولاً عن مصروفات الديوان الملكي وكان الأمير يتصل به هاتفيا على كل قضية ويتناقش معه على ذلك. فقامت بينهما علاقة ودية فغضب الملك عندما ذهب سليمان إلى شومان ليعمل معه في البنك العربي. فقد كان الملك عبد الله معجباً بذكاء سليمان النابلسي وقدرته كموظف وكفاءته أيضاً في الحديث.

أما عن العمل السياسي فقد تفرغ النابلسي لذلك بعد استقالة الوزارة التي كان عضواً فيها، والتفّت حولة مجموعة من الشباب الأردنيين أخذت تعرف باسمه. وعمل على أصدار جريدة (العهد) الأسبوعية في عمان، وهي من أيام صبحي أبو غنيمه وأصبحت فيما بعد الصحيفة الناطقة باسم الحزب الوطني الاشتراكي الذي أسسه سليمان النابلسي. في البداية، وكان هزاع المجالي أمين سر للحزب ثم استقال بعد بضعة أشهر، فخلفه سليمان النابلسي أميناً للسر.

وفي الفترة التي تشكل فيها الحزب كان سليمان النابلسي سفيراً للأردن في بريطانيا، في فترة حكومة المرحوم فوزي الملقي وكانت الفترة التي بقي في لندن هي ثمانية شهور ثم عين وزيراً في حكومة سمير الرفاعي وأخذ لقب باشا فيها عام (1947).

أما بالنسبة لموضوع الأحلاف العسكرية التي انتهت بمشروع حلف بغداد (1955)، حيث كان هم الإنجليز إدخال الأردن ولبنان في حلف بغداد، وحاولوا مع مصر وسوريا لكنهم فشلوا فركزوا على الأردن ولبنان، الأردن لم يعارض بالإنضمام لحلف بغداد ولكن أراد الاستفادة من هذا الإنضمام فقدمت الحكومة مطالب لرفع عدد القوات المسلحة والحصول على طائرات حديثة وغير ذلك وعندما جاء الجنرال فنكلر لعمان ليدرس هذا الوضع ويقنع الحكومة الأردنية أن بريطانيا قادرة على تقديم هذه المساعدات للأردن حتى تقوم الحكومة بالإجراءات اللازمة للإنضمام للحلف. وأثناء المفاوضات استقال أربعة وزراء فقام الملك بتكليف الشخص المتحمس للإنضمام لحلف بغداد وهو هزاع المجالي وشكلت حكومته في كانون الأول (1955) في هذه الفترة قامت المظاهرات التي أدت لإسقاط الحكومة وتشكلت حكومة جديدة برئاسة سمير الرفاعي وبذلك تعذر على بريطانيا والعراق انضمام الأردن للحلف، وكان سليمان النابلسي والحزب الوطني الاشتراكي من المحبذين لوحدة الأردن والعراق، لأن الأردن والعراق تحكمهما أسرة واحدة وهي الأسرة الهاشمية ولأن الأردن بحاجة لدعم القوات المسلحة العراقية لها، للوقوف ضد إسرائيل، وأيضاً الأردن بحاجة لبلد نفطي مثل العراق، وعندما ذهب وفد للعراق لمعرفة حقيقة هذا الحلف أخبرهم نوري السعيد أنه حلف غربي للوقوف في وجه الشيوعية والاتحاد السوفيتي فعادوا وعارضوا هذا الحلف بكل الطرق.

وعند قيام الملك حسين بإعفاء كلوب باشا من قيادة الجيش جرت أول إنتخابات نزيهة لأن كلوب كان سابقاً يتدخل بها عن طريق الجيش، وعندما أجريت هذه الإنتخابات كان المناخ العربي متوتراً وتمثل ذلك بتأميم قناة السويس في تموز (1956) رداً على رفض البنك الدولي لتمويل السد العالي فيها، وهذا أثار الغرب كله، وأرادت أن تؤدب عبد الناصر وتعطيه درساً قاسياً وكان العدوان الثلاثي على مصر. قبل ذلك عندما أجريت الإنتخابات حصل الحزب الوطني على (13) مقعداً وكان المجلس 40 مقعداً فالملك في الدستور يكلف رئيس الحزب الفائز بتشكيل الوزارة فكلف سليمان النابلسي بتشكيل الحكومة وشكلت في الليلة التي حدث فيها العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وطلبوا من عبد الناصر أن يشارك الجيش الأردني في هذه الحرب، فرفض عبد الناصر ذلك، لكن سليمان النابلسي كان همه في الحكومة أن يرسي قواعد ديمقراطية وأن يضع تقاليد مهمة ولكنه لم يستطع تحقيق كل ما تمناه بسبب القوى التي كانت خصماً له، ولسوء حظ الحكومة حصلت في فترة انسحاب الإنجليز وفرنسا من المشرق العربي كله، وحل محلهم الأمريكان فظهر مبدأ أيزنهاور في المنطقة.

كان سليمان النابلسي رجلا متحرراً، رجلاً يحب القراءة وقد اكتسبها من الاعتقال وأيام دراسته الجامعية، فكان بالنسبة لزملائه متفوقاً عليهم.

ووصفه أحد الذين عرفوه عن قرب بأنه كان مستقيماً نظيفاً ونزيهاً، وأنه كان يتمتع بروح العدالة الاجتماعية. كان معجباً بشخصية الملك عبد الله وإنسانيته، وكثيراً ما أبدى إعجابه ببعد نظر الملك حسين.

في السنوات الأخيرة استعاد النابلسي نشاطه السياسي والاجتماعي، فقام برحلات إلى أقطار عديدة، وأدى فريضة الحج، وبقي عضواً في مجلس الأعيان. وبقي مجلسه ندوة مفتوحة يحضرها الساسة وغير الساسة، ولكن أحاديث السياسة بقيت أقرب الأحاديث إلى نفسه، حيث كانت السياسة في دمه.





  • 1 د. وليد خالد ابودلبوح 28-02-2013 | 09:15 PM

    كتابه رائعه ومتميزه واشكر الكاتب لأمرين: الاتزان والتنوع في اختيار الرموز الوطنيه من "موالاة" و"معارضه" كونهم جميعا ايناء وطن منتمون وحالدون تتفننوا في التضحيات كل على طريقته. والثانيه, هذه المقالة الاكثر سلاسة في العرض والتشويق في جميع المراحل والمنعطفات. لا اعرف الكاتب ولكن أتمنى دعم مثل هؤلاء الكتاب الموضوعيون للتوسع لنشر الكتب لاحقا عن رموزنا الوطنيه لكي يدرسوا في مناهج التربية الوطنيه. واتمنى من الكاتب ان يزودنا بسيره ذاتيه رموز غير مشهوره - راعي او مزارع - ترك اثرا ما في ارشيفنا. كل الشكر

  • 2 د. وليد خالد ابودلبوح 28-02-2013 | 09:16 PM

    كتابه رائعه ومتميزه واشكر الكاتب لأمرين: الاتزان والتنوع في اختيار الرموز الوطنيه من "موالاة" و"معارضه" كونهم جميعا ايناء وطن منتمون وحالدون تفننوا في التضحيات كل على طريقته. والثانيه, هذه المقالة الاكثر سلاسة في العرض والتشويق في جميع المراحل والمنعطفات. لا اعرف الكاتب ولكن أتمنى دعم مثل هؤلاء الكتاب الموضوعيون للتوسع لنشر الكتب لاحقا عن رموزنا الوطنيه لكي يدرسوا في مناهج التربية الوطنيه. واتمنى من الكاتب ان يزودنا بسيره ذاتيه رموز غير مشهوره - راعي او مزارع - ترك اثرا ما في ارشيفنا. كل الشكر

  • 3 ابو حاتم 28-02-2013 | 10:20 PM

    عمره 105 سنوات بعدو عايش

  • 4 لا جديد 01-03-2013 | 03:42 AM

    لا جديد

  • 5 مشكور يا دكتور 02-03-2013 | 01:29 AM

    مقال جميل جدا يا دكتور

  • 6 مشكور يا دكتور 02-03-2013 | 01:29 AM

    مقال جميل جدا يا دكتور

  • 7 ارجو ارجو ارجو 02-03-2013 | 01:33 AM

    ارجو يادكتور محمد الاستمرار بهذه المسيره الطيبه

  • 8 ارجو ارجو ارجو 02-03-2013 | 01:33 AM

    ارجو يادكتور محمد الاستمرار بهذه المسيره الطيبه

  • 9 معاني راحت ..... 02-03-2013 | 10:35 AM

    مبروك عليك وعليهم

  • 10 محمد 02-03-2013 | 07:55 PM

    طيب ماذا عن الحكومة التي شكلها هذا الرجل؟ كم كان عمرها ولماذا استقالت ومن جاء بعده في منصب رئيس الوزراء؟


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :