facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحصانة والمشاجرات تحت القبة! *


د.عادل الحياري
23-03-2013 02:47 PM

القاعدة العامة تقضي بان الفرد يتمتع في ظل الانظمة السياسية الحديثة، بحرية التعبير، وحرية القيام بالفعل الذي يريد، ضمن نطاق القانون. ولكن اذا نتج عن ممارسة هذه الحرية، ضرر للغير، كان للمجني عليه الحق بمقاضاة الجاني لينال عقوبته.

ولكن استثناء تنص الدساتير على ضمانات تمنحها لعضو البرلمان، دون غيره من الافراد، وذلك لتمكينه من اداء عمله، باعتباره يمارس سلطة، نيابة عن الامة، بحرية واستقلالية، دون خوف او قلق. وتسمى هذه الضمانات، بالحصانة البرلمانية.

غير انه لا يجب ان يظنَّ احد ان الحصانة البرلمانية تمنح صاحبها حرية مطلقة بالقول والفعل دون اية مساءلة قانونية، ذلك ان الحصانة البرلمانية لا تقوم الا بتوافر الشروط التي اشترطها القانون، وبعكس ذلك لا يستطيع عضو البرلمان ان يتمسك بالحصانة، ويصبح حيال القانون، كما لو كان فردا عاديا.

وفي تفصيل ذلك، نقول إن الدستور الاردني لسنة 1952 - وهو النافذ حاليا - جاء ليمنح عضو البرلمان حصانة برلمانية ذات شقين: الشق الاول، حصانة شاملة تتضمن عدم مسؤولية العضو من جرائم القول والرأي، بحيث تنفي صفة الجريمة عن تلك الافعال. والشق الثاني، حصانة قاصرة ومؤقتة تتعلق بالاجراءات التي تخص الجرائم التي يرتكبها العضو، ولا تشملها الحصانة الشاملة، وهذه الحصانة لا تنفي الصفة الجرمية عن الفعل، بل توقف فقط اجراءات المحاكمة خلال مدة انعقاد المجلس، ما لم يأذن المجلس الذي هو منتسب اليه العضو باجراء المحاكمة.

وفي هذه المقالة سنعالج فقط الحصانة الشاملة المتعلقة بجرائم القول والرأي. وفي هذا الشأن، نصت المادة 87 من الدستور على ما يلي: «لكل عضو من اعضاء مجلس الاعيان والنواب ملء الحرية في التكلم وابداء الرأي في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب اليه، ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت او رأي يبديه او خطاب يلقيه في اثناء جلسات المجلس.

وقد يتساءل القارئ عن الافعال القولية التي يمكن ان تطالها نصوص التجريم, ولكن ضمانات الحصانة هي التي تمنع النيابة العامة من ملاحقة عضو البرلمان قانوناً. وهذه الافعال كثيرة, وتتردد على ألسنة اعضاء البرلمان في كثير من الجلسات. فنرى العضو يلقي خطاباً, يتهم فيه الحكومة بأنها في التعيين للوظائف العامة, تنتهج الشللية او تحابي الاقارب والمحاسيب. أو انها تحابي في الانفاق العام جهة دون جهات اخرى. وقد يقوم اخر ليتهم دولة جارة انها تشجع التهريب, مما يضر بمصلحة الوطن. وقد ينهض ثالث ليتهم ان خبير السدود الفلاني, قادم من دولة صديقة للنظام, ما هو الا جاسوس للعدو. حتى في داخل مجلس الامة, قد يتهم احد الاعضاء رئيس المجلس, انه يحابي كتلة بعينها, باعطائها حق الكلام اكثر من غيرها. وكذلك الامر في اختيار بعض الاعضاء, للقيام بزيارات لمواقع داخل الوطن أو خارجه. وهكذا دواليك, فالامثلة على ما يرد جزافاً في خطابات الاعضاء كثيرة لا مجال لحصرها, وهي التي لا يجوز ملاحقة العضو بشأنها, اذا ما توافرت شروط الحصانة البرلمانية التي تغطيها.

وعودة على النص الذي جاء لينظم هذه الحصانة, نقول ان هذه الحصانة جاءت مشروطة بشروط ثلاثة, لا بد من توافرها, حتى يتمتع عضو البرلمان بهذه الحصانة, وهذه الشروط تخص الموضوع والزمن والمكان.

فمن حيث الموضوع فقد قصر النص الحصانة على التصرفات القولية التي تقع في نطاق مهمة العضو البرلمانية من افكار وآراء وخطب واقتراحات وتصويت وسؤال واستجواب وتحقيق، اما الافعال القولية التي تقع خارج نطاق المهمة البرلمانية، كما لو أنه شتم او قدح او ذم عضو البرلمان زميلا له او اي شخص اخر، فالعضو يُسأل قانونا عن هذا الفعل.

كذلك الافعال المادية التي يطالها احد نصوص التجريم، فلا تعتبر مشمولة بهذا النوع من الحصانة، مثال ذلك ان يضرب عضو البرلمان زميلا له او اي شخص اخر، على ان الافعال من قولية او مادية غير المشمولة بالحصانة الشاملة، تكون مشمولة بالحصانة القاصرة المؤقتة التي توقف فقط اجراءات المحاكمة اثناء انعقاد المجلس، ما لم يتم استئذان المجلس باجراء المحاكمة.

أما من حيث الزمن، فتقتصر الحصانة على مدة انعقاد المجلس واثناء الجلسات التي يعقدها، سواء أكانت الجلسة لعموم المجلس ام لاحدى لجانه الدائمة او المؤقتة، كما لو كانت الجلسة للجنة تحقيق شكلها المجلس لمسألة بعينها.

وعليه فانه اذا ابدى العضو رأيا قوليا يعاقب عليه القانون في غير الزمن المحدد وهو «جلسات المجلس» فانه لا يعتبر مشمولا بهذا النوع من الحصانة.

اما من حيث المكان، فتطبق هذه الحصانة داخل البرلمان فقط، سواء كان ذلك تحت القبة، او في احدى قاعات اجتماعات اللجان.

وبناء عليه، فانه اذا صدر من عضو البرلمان فعل قولي سبّب ضررا للغير، وكان هذا الفعل خارج البرلمان، فلا يعتبر العضو مشمولا بهذا النوع من الحصانة، مثال ذلك لو ان عضو البرلمان القى خطاباً في اجتماع عام، او كتب مقالاً في احدى الصحف، وكان ذلك الفعل يشكل جرماً جزائياً، فانه يخضع للمساءلة القانونية، حتى لو ظهر في ذلك بوصفه عضواً في البرلمان، وحتى لو كان الفعل له علاقة بموضوع مطروح امام البرلمان.

وفي مجمل القول، فانه يصار الى تطبيق القواعد العامة على كل ما يكتبه عضو البرلمان من مقالات في الصحف الورقية او غيرها، وعلى كل ما يلقيه من خطابات على الجماهير، وعلى كل ما يبديه من رأي في التلفاز او الاذاعة، فاذا كان في ذلك ما يشكل جرماً جزائياً، فتقع المساءلة القانونية.

ومما تجدر الاشارة اليه، ان من مقتضيات الحصانة الشاملة، ان تستمر الى ما بعد انتهاء عضوية العضو في البرلمان، فلا يلاحق العضو بسبب رأي أبداه في اثناء عضويته في البرلمان، وكان مشمولاً بهذه الحصانة، حتى لو كان معاقباً عليه بموجب القانون، ذلك لأن هذه الحصانة ترفع الصفة الجرمية عن الفعل كما اسلفنا.

بقي ان نقول ان هذه الحصانة، تقررت لمصلحة البرلمان، وهي تغطي العضو حينما يصبح عضواً في البرلمان، وتزول عنه حينما تزول العضوية، وعليه، فالحصانة ليست شخصية للعضو، بل هي مقرر للصالح العام، ولذلك فهي من قبيل النظام العام، وبالتالي لا يجوز للعضو التنازل عن حصانته، الا بموافقة المجلس الذي هو منتسب اليه.

والنقطة الاخيرة التي لا بد من التعرض لها، هي هل الحصانة الشاملة تشمل حصانة مدنية-اي دعوى التعويض-ام لا تشملها؟

هناك رأيان في هذا الصدد، الاول يقول ان الحصانة الشاملة، لا تشمل الدعوى المدنية، لأنها لا تثقل كاهل عضو البرلمان، فهدفها التعويض فقط، في حين ان الدعوى الجزائية هي التي تثقل كاهله، لأن هدفها العقاب، وهي التي تعيقه عن اداء عمله، لأنها تجبر العضو على المثول امام المحكمة بشخصه.

اما الرأي الثاني، وهو الراجح في رأينا، فيقول بشمول الحصانة الشاملة للدعوى المدنية، لأن علّة الحصانة، هي تمكين العضو من القيام بأداء واجبه بحرية، باعتباره يمارس سلطة نيابة عن الأمة. واقامة الدعوى المدنية على العضو، تقيّد هذه الحرية وتجعله يتردد عن القيام بواجبه تجاه من انتخبوه، هذا يتعارض مع العلّة التي قامت من اجلها الحصانة. يضاف الى ذلك ان عضو البرلمان حينما يقوم بواجباته، فهو يمارس حقا قانونيا، والقواعد العامة تقضي ان من يقوم بممارسة حقه القانوني، لا يجب ان تقوم بحقه اية مساءلة قانونية. واخيرا فان النص الدستوري، جاء بتعبير مطلق والمطلق يجري على اطلاقه. فهو يقول «ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت او رأي يبديه او خطاب يلقيه». وهذا التعبير يتسع لكل الدعاوى، سواء كانت جزائية أو مدنية. (الرأي)



• استاذ دكتور ألـّف في القانون الدستوري كتاب «القانون الدستوري والنظام السياسي الأردني من 850 صفحة»





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :