facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اغتيال بوتو .. اغتيال لدور المرأة المسلمة


مالك نصراوين
07-01-2008 02:00 AM

فجع العالم في ربيع عام 1979 باغتيال الزعيم الوطني الباكستاني ذو الفقار علي بوتو ، من خلال تنفيذ حكم بالاعدام به ، بتهمة موافقته على اغتيال سياسي معارض ، وهي تهمة اعتبرها الكثيرون مكيدة سياسية للتخلص من هذا الرجل ، الذي اسر بشخصيته قلوب غالبية ابناء الشعب الباكستاني ، وقلوب الكثيرين في العالم ، من انصار الديمقراطية والحرية والتقدم ، وقد تم ذلك في عهد الجنرال محمد ضياء الحق ، الذي انتزع السلطة بانقلاب عسكري ضد حكومة السيد بوتو عام 1976، وقتل لاحقا بحادث طائرة وبرفقته السفير الامريكي في باكستان .لقد عرف الزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو ، بعشقه للحرية والديمقراطية ، والتصاقه بالفقراء رغم كونه ابن عائلة اقطاعية ، وكان ذلك من ابرز مباديء الحزب الذي اسسه ، حزب الشعب الباكستاني عام 1967 ، حيث كانت الديمقراطية والاشتراكية ابرز عناوين حزبه ، فتمتع حزبه على ضوء ذلك بتاييد الفقراء والمثقفين وحتى ابناء الطبقة الارستقراطية ، واصبح الحزب الاكثر شعبية في باكستان ، فقد ايده الفقراء لانهم وجدوا فيه ضالتهم للخلاص من براثن الفقر والجهل والمرض ، وايده الارستقراطيون الذين وجدوا فيه وجها تقدميا مشرقا لباكستان ، وانضوى تحت لواء حزبه مواطنون من مختلف الطوائف ، الذي وجدوا في الحزب البوتقة الوطنية التي تجمعهم ، والذين لم تصلهم اصوات الفضائيات المشبوهة هذه الايام ، التي تدس السم في الدسم ، فلا تترك شاردة او واردة الا وبثت من خلالها سمومها الطائفية ، بحجة االتحليل الوافي ، والالمام بكل جوانب القضية ، أي قضية .

اذكر هنا انني كنت في ذلك الوقت طالبا في جامعة دمشق ، واسكن المدينة الجامعية ، حيث هناك طلاب من كل الملل ، فاضافة للطلبة العرب كان الصينيون والباكستانيون يدرسون اللغة العربية ، وكان لي زملاء واصدقاء باكستانيين في غرف مجاورة ، يزورهم بين الحين والاخر طالب باكستاني اخر يبدو من هندامه ومن مناقشاته ، انه من عائلة ميسورة ومن الليبراليين حيث يسكن في شقة خارج سكن الطلبة ، ويتبنى افكارا تحررية ومن اشد المناصرين لبوتو ومن اكثر المتأثرين باعدامه ، وقد دعاني احد الايام بعد ان توطدت علاقتي به الى احد المطاعم الراقية في حي ابو رمانة ، وهو مطعم يقدم المأكولات على الطريقة الغربية ، وكانت هذه اول مرة ازور فيها مطعم من هذا الصنف في دمشق ، فانا احد الذين طبعت في اذهانهم صورة نمطية عن الباكستاني الفقير ، وقد كنت ارى بعضهم يتسول في شوارع دمشق ، فادهشني وجود مواطن باكستاني بهذه المواصفات .

اوردت تلك الحادثة لابين كيف اجتمعت المتناقضات في عشق الزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو ، وكيف انسحب هذا العشق لاحقا على ابنته بناظير بوتو ، التي اقسمت ان تقود المسيرة بعد ابيها ، فعاشت المعاناة ، معاناة السجن ومعاناة الحزن على مصير ابيها ، وعلى مصير اخويها مرتضى وشاهنواز ، الذين قتلا ايضا في ظروف غامضة ، فجعلت تلك النكبات عائلة بوتو كعائلة كينيدي في امريكا وعائلة غاندي في الهند ، عائلة اختارت الدرب الخطر ، درب الزعامة لخدمة وطنهم ومواطنيهم ، رغم الاخطار المحدقة ، ونجحت تلك السيدة الفذة في تولي منصب رئيسة الوزراء لفترتين ، ورغم الصعاب التي زرعت في طريقها ، ومحاولة تشويه صورتها ، فقد عادت اخيرا الى وطنها كي تشارك في الانتخابات القادمة ، وسط ترحيب شعبي وتوقعات كبيرة بالفوز .

غير ان القدر المتوقع قد وقع ، وتكررت المأساة في الاسبوع الاخير من العام المنصرم ، حين طالت رصاصات ومتفجرات الغدر الزعيمة ابنة الزعيم ، بناظير بوتو ، فاغتيل باغتيالها حلم الباكستانيين من عشاق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ، واغتيل باغتيالها اكبر حلم لنساء العالم المسلم ، وكل نساء العالم الطامحات للحرية والتقدم والمساواة ، فقد كانت الراحلة اول امرأة مسلمة تتبوأ منصبا قياديا كبيرا في دولة اسلامية ، وتقود حزبا يتمتع بشعبية عالية ، جمعت بين العصرنة والاصالة ، وكانت جسرا تمر عليه المرأة المسلمة من عالم الظلام الى عالم النور .

لقد كان رحيل بناظير بوتو وبهذه الطريقة البشعة ، خسارة كبرى لقضية المرأة في العالم بشكل عام ، والمرأة المسلمة بشكل خاص ، وليس من الضروري ان يفهم من العنوان ، ان من قتلها هم اعداء المرأة ، من الاصوليين المتطرفين ، رغم ان هذا القتل قد يفرحهم ، لكن نتيجة الاغتيال تمثل خسارة كبرى لقضية المرأة ، وكم كنت اتمنى والحال هذه ، لو تم اختيار فاطمة مرتضى بوتو ، ابنة شقيق الراحلة ، او أي عنصر نسائي اخر من عائلة بوتو لزعامة الحزب ، فقط من اجل استمرار تصاعد المنحنى البياني لدور المرأة ، خاصة في العالم الاسلامي ، والذي تبوأت فيه بعد باكستان زعامات نسائية مقتدرة ، في بنغلادش واندونيسيا ، فتفوقت المــرأة في هذه الدول على نظيراتها في الغرب .


m_nasrawin@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :