facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الموجبات الدستورية للعقوبة التأديبية والجزائية ضد النائب


المحامي الدكتور جهاد الجرّاح
16-09-2013 03:07 AM

*المحامي الدكتور جهاد الجرّاح

يعتبر وجود هيئة نيابية منتخبة ركنا اساسيا للنظام النيابي , وبموجب ذلك يقوم الشعب بانتخاب النواب الذين يكونون الهيئة النيابية , وهذه بدورها تتولى التعبير عن ارادة الامة وممارسة السلطة باسمها .
وفي مهد نشوء فكرة النيابة , كان الناخبون الانجليز يختارون من كل مقاطعة او مدينة نائبا اي وكيلا عنهم , وكان هؤلاء الناخبون يرسمون لهذا النائب حدود مهمته ووكالته ويدفعوا له مرتبه ونفقاته ويحاسبوه عن اعماله عند انتهاء وكالته , ولهم ان يعزلوه قبل انتهاء وكالته اذا خرج عن تعليماتهم , ولذا كانت العلاقة التي تحكم الطرفين هي نظرية الوكالة المدنية , وهي ذاتها التي تحكم علاقات الافراد بعضهم ببعض .
ولا شك ان لما سبق سلبية كبيرة تجعل ارادة النائب مرهونة بارادة ناخبيه , وهذا يقود لتغليب مصلحتهم الخاصة حتى لو تعارضت مع المصلحة العامة , ولذا بذلت جهود ونشات نظريات لتحقيق استقلال النائب عن ناخبيه بحيث قادت الى اعتبار النائب ممثلا للامة باسرها , وهكذا ساد واستقرمبدأ علو المصلحة العامة على المصالح الفردية للشعب , ولذا نصت الاعلانات العالمية والدساتير وقوانين الانتخاب على ان النائب يمثل الامة باسرها , وان الاخيرة هي منبع السلطة , وبهذا جاء الدستور الاردني لينص في الفقرة الاولى من المادة 24 على ان : الأمة مصدر السلطات .
وبهذا يبدو جليا الفرق بين سيادة الشعب وسيادة الأمة وبحيث يصبح البرلمان في مجموعه وليس النائب بذاته هو الوكيل عن الامة بمجموعها , فالناخب يختار النائب ثم يستقل الاخير ويندمج ضمن الهيئة النيابية التي تباشر سلطات الحكم باسم الامة , وتصبح العلاقة القانونية بين النائب والمجلس الذي ينتمي اليه .
ولعل كل ماسبق يجيبنا على التساؤل الكبير والمفصلي : هل يحق للبرلمان ان يفصل احد الاعضاء الذين انتخبهم الشعب ؟
وبالتاسيس على ماتقدم نستطيع الجزم - وفي معرض حادثة الكلاشن طيبة الذكر في مجلس النواب – بالقول ان مجلس النواب يستطيع من الناحية الفقهية والدستورية وباعتباره ممثلا لارادة الامة , ان يفصل احد اعضائه استنادا الى العلاقة القانونية التي تربط النائب بالبرلمان , ويسند ماسبق النص الصريح للمادة 90 من الدستور الاردني , والتي اوجبت لذلك صدور قرار من مجلس النواب وباكثرية ثلثي الاعضاء الذين يتالف منهم المجلس

( اي بما لايقل عن 100 نائب ) , ومما يجدر ذكره ان هذه العقوبة عقوبة تاديبية , اناط المشرع الدستوري سلطة ايقاعها بمجلس النواب وترك تقدير موجباتها لذلك المجلس ودون ان يحدد افعالا بعينها تستلزم هذه العقوبة , ذلك ان قاعدة لا جريمة ولا عقوبة الا بنص , لا يمكن تطبيقها هنا , فهذه القاعدة من قواعد القانون الجزائي الذي يعاقب على الجرائم المحددة بنص القانون , والتي تستوجب عقوبة جزائية يصدر بها حكم من السلطة القضائية المختصة , اما حالتنا هذه , فالعقوبة هنا تاديبية وليست جزائية ويوقعها مجلس النواب وليس السلطة القضائية , وللمجلس هنا كامل الصلاحية التقديرية في ذلك دون الاستناد الى افعال محددة على سبيل الحصر .
وقد تناولت بعض الاقلام , ان هناك ارادة ملكية سامية تم اصدارها لمجلس النواب لاجل فصل النائب الشريف , وللتوضيح , نستطيع القول هنا ان الدورة الحالية لمجلس النواب هي دورة استثنائية , وبموجب الفقرة 3 من المادة 82 من الدستور فانه " لا يجوز لمجلس الامة ان يبحث في اية دورة استثنائية الا في الامور المعينة بالارادة الملكية التي انعقدت تلك الدورة بمقتضاها " , وطالما ان قضية العنف النيابي واطلاق النار لم تكن مدرجة ضمن الارادة الملكية التي دعي مجلس الامة على اساسها , فان الدستور يقضي بوجوب اصدار ارادة ملكية لاضافة مناقشة هذا الامر , اما مسالة فصل النائب من عدمه فيستقل بها مجلس النواب سيّد نفسه .
وينبني على مسالة فصل النائب وجوب اجراء انتخابات تكميلية طبقا لنص المادة 88 من الدستور , وهذه الانتخابات التكميلية هي الحالة الرابعة المنتظرة خلال اقل من 8 اشهر من تاريخ ولادة مجلس النواب .
اما بالنسبة لتجميد عضوية النائب الدميسي لمدة سنة , فقد ثار التساؤل لدى اهل القانون حول مدى دستورية هذه العقوبة التاديبية ؟
وفي الاجابة على ذلك نستطيع القول انه لم يرد نص صريح في الدستور الاردني يفيد بجواز تجميد عضوية النائب , ولذا ذهب البعض للاجتهاد بعدم دستورية ذلك , بينما ذهب فريق اخر الى دستورية هذه العقوبة استنادا الى مبدأ " ان من يملك الاكثر يملك الاقل من باب اولى " , ولذا وطالما ان مجلس النواب يملك الاكثر وهو فصل النائب فانه يملك الاقل وهو تجميد عضويته , ولكن السؤال الذي يمكن طرحه بقوة في هذا المقام ردّا على الفريق الثاني وهو : انه اذا كان المشرع الدستوري اجاز فصل النائب فانه اوجب اجراء انتخابات تكميلية لملء المقعد الشاغر لسد النقص الحاصل , اما في حالة التجميد لمدة طالت ام قصرت , فمن الذي يملأ مقعد النائب الذي جمدت عضويته , حيث لا انتخابات تكميلية , وبهذا يصبح عدد النواب ناقصا واحدا , وبالتالي هناك فراغا دستوريا يتوجب معالجته والحالة هذه ؟
اما عن العقوبة الجزائية بحق اعضاء مجلس الامة , فابتداءا يمكن القول , ان اعضاء المجلس يتمتعون بحصانة برلمانية هدفها منع ملاحقة النائب , وذلك لكي يؤدي دوره في خدمة الامة , ولكن هذه الحصانة لها محدداتها التي بينها المشرع في حرية التكلم وابداء الراي وذلك ضمن حدود النظام الداخلي للمجلس , ولا يجوز مؤاخذة النائب عن اي تصويت او راي يبديه او خطاب يلقيه في اثناء جلسات المجلس , وكل ماسبق طبقا للمادة 87 من الدستور , وبمعنى اخر فان حرية النائب داخل المجلس , يمكن التعبير عنها بالكلام وبالكلام فقط , دون شلح الزنانير اوسحب المسدسات او فتح الجبهات بالكلاشنات , اما اذا تعدى الامر ما سبق , فتنسلخ الحصانة عن النائب ويعود سيرته الاولى , وهنا يجب التفريق فيما اذا كان المجلس في غير حالة انعقاد , ففي هذه الحالة اقتصر الدستور الامر على ابلاغ المجلس بالاجراءات المتخذة بحق النائب مشفوعة بالايضاح اللازم .
اما اذا كان المجلس في حالة انعقاد , فقد اشترط المشرع الدستوري صدور قرار من مجلس النواب بالاكثرية المطلقة ( 76 نائبا ) لجهة ملاحقة النائب , والحالة الثانية التي يجوز فيها ملاحقته هي اذا قبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية , وهنا اوجب المشرع اعلام المجلس بذلك فورا .

والمقصود بحالة التلبس وفقا للفقه الجنائي هي حالة الجرم المشهود والذي عرفته المادة 28 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بقولها :هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه او عند الانتهاء من ارتكابه , وهذا ما ينطبق تماما على حالة النائب الشريف , وحتى لو كان ذلك داخل مجلس النواب , اذ ان ما قام به يعد فعلا معاقبا عليه قانونا ولا يعفي فاعله ارتكابه لذلك الفعل داخل مجلس النواب , ذلك ان مجلس النواب ما زال داخل حدود التراب الاردني - لمن يعتقد غير ذلك – والذي تبسط عليه الدولة سيادتها وهيبتها , كما ان هذا الفعل لا علاقة له باداء النائب في خدمة الامة , وهي الوظيفة الموجود اصلا بهذا المكان من اجلها , وواضح انها تخرج عن مجرد ابداء الكلام وحرية التعبير في حدود المهمة النيابية .

واخيرا نتساءل : هل المقصود بالجريمة الجنائية هو ان تشكل الجريمة المقترفة من النائب جناية بالمعنى المقصود في قانوني العقوبات واصول المحاكمات الجزائية ؟ ام ان المقصود بذلك الجريمة الجزائية , باعتبار ان كثيرا من المشتغلين بالقانون يطلقون على قانون العقوبات : القانون الجنائي ؟

وفي الاجابة على ماسبق , نستطيع القول ان النص ناطق بما فيه , ولا اجتهاد مع مورد النص , وان الشك يفسر لمصلحة المتّهم , وبالتالي يجب ان يكون الفعل المقترف يشكل جناية بالمعنى المقصود فنيا من ذلك , ولكن من جهة اخرى يمكن الاخذ ليس بحرفية النص وانما بروحه , اي ان تكون الجريمة جزائية وتتسع لتشمل الجنايات والجنح , وعلى اي حال فان الفصل في ذلك يعود لمن اولاهم الدستور الحق في ذلك .
وختاما , فانه لادخل للجريمة فيما اذا كانت جناية ام جنحة على العقوبة التاديبية بفصل النائب , ذلك انها تصدر من السلطة التشريعية , والسلطة التشريعية لها مطلق التقدير في ممارسة سلطتها , بينما العقوبة الجزائية تصدر من السلطة القضائية , كما يمكن القول انه لا تلازم بين العقوبة التاديبية والعقوبة الجزائية , فيمكن للسلطة التشريعية ان تمارس صلاحياتها بفصل النائب استقلالا عن السلطة القضائية .
" ربّ اجعل هذا البلد آمنا وارزق اهله من الثمرات "

*رئيس قسم القانون المقارن – جامعة العلوم الإسلامية العالمية
Dr.jihad2000@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :