facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"يا الله الغيث يا ربي تسقي زريعنا الغربي"


جهاد المنسي
09-02-2014 07:14 PM

يبدو أننا أصبنا موسمنا الشتوي بالعين، فبعد عاصفة الثلجة (أليكسا)، لم يزرنا المطر، وان جاء يأتي سريعا ويذهب، ما اضطرنا لإقامة صلاة استسقاء لعل وعسى يأتي الخير، ولكنه لم يأتِ حتى الآن، ما عرّض موسمنا المطري لجفاف متواصل، وسدودنا لتبخر سريع، وسيولنا القليلة لاندثار من قلة المطر.
حبست السماء عنا خيرها، فلم يأتنا إلا برد قارس تغلغل في عظامنا، فأشعل فينا أمراضا لم نكن نعرفها سابقا، وجعل جدران بيوتنا تشتكي تجلدا غير مسبوق لم يرافقه قطرة ماء واحدة خلال أكثر من شهرين.
مضت "المربعانية" بلا مطر، ودخل علينا شهر شباط (الخباط) كما يطلق عليه الأجداد، وحتى الآن سماؤنا جرداء، بل مقدمات لقطرات مطر قادمة في الأفق، ويبدو أن (المستقرضات) وهي آخر أربعة أيام من شباط (فبراير)، وأول 3 أيام من آذار (مارس)، ستكون بلا مطر أيضا كما تشير خرائط الجو.
المفارقة أن الأجداد عندما أطلقوا على شهر شباط (الخباط) كان الشهر معروفا لديهم بغزارة شتائه وقوة حبة المطر التي كانت تبدو كأنها تضرب في المكان، فتتغلغل في تربة الأرض فتنفعها، كما أطلقوا على أواخر الشهر الحالي، وأوائل الشهر المقبل (المستقرضات) لأنهم كانوا يشهدون في تلك الأيام شتاء متواصلا تفيض منه السيول ومجاري الأنهار.

اليوم... أين نحن الآن من كل ذلك، وما الذي تغير علينا حتى تقاطعنا السماء وتحبس رحمتها عنا، هل تغير المطر أم تغيرنا نحن، هل بتنا أكثر قسوة وعداء وبعدا عن الأرض، ونفاقا وقطرية وجهوية، فلم تعد كل صرخات الرجاء والمغفرة والتوبة تنفع.

زمان كان أهالينا يرددون عند انحباس المطر ترويدة لها طقوس من خلال حمل الأوعية ورفعها باتجاه السماء، ومشاركة كل أهل المنطقة أو القرية في الترويدة التي تقول: "يا الله الغيث يا ربي تسقي زريعنا الغربي... يا الله الغيث يا رحمن تسقي زرعنا العطشان... يا الله الغيث يا دايم تسقي زرعنا النايم".
زمان لم تكن النشرة الجوية حاضرة في الإذاعات كما هي الآن، وغالبا لم تكن الإذاعات موجودة، وبالتالي لم يكن أهالينا يعرفون إن كان في الأفق منخفض أم لا حتى يستبقوه بترويدتهم تلك، أو بإقامة صلاة استسقاء وغيرها، وإنما كانوا يخرجون على السليقة دون تفكير في الأمر، وكانوا يأملون بأن ينزل المطر قبل عودتهم أدراجهم إلى بيوتهم (أي عند انتهاء طلبهم للمطر) وما أدل على ذلك من قولهم "يا رب اتبلل هالمنديل كل ما نرحل ونشيل".

انقطعت الترويدة، وانحبس المطر، وبتنا أبعد عن تراث حفظه الأجداد وتناقله الأحفاد، ابتعدنا عن الأرض فابتعدت عنا، وأوكل بعضنا زراعة أرضه لمن لا يعرفها ولا يعرف كيف يتعامل معها، فباتت لا تجود علينا بخيرها، وأصبحت رقعتنا الزراعية بيد غيرنا، واتجه بعضنا لركوب السيارات وبناء العمارات وقضم ما تبقى من إرث زراعي، فتقلصت رقعتنا الزراعية، فانقطع المطر ولم تعد تنفع معه صلاة استسقاء ولا غيرها.
نعم... عندما تغيرت النفوس تغير المطر، فأصبحت سماؤنا أكثر قسوة علينا، وغيومنا تهرب من أجوائنا لتنثر ما تحمله في أرحامها من خير في مناطق أخرى غير مناطقنا.

عندما يصبح الأخ لا يثق بأخيه، والصديق يغدر بصديقه، والجار لا يود جاره، تتغير علينا السماء، ويغادرنا المطر، وعندما يصبح من كانوا في مواقع المسؤولية يوما يثيرون في النفوس فتنا وأحقادا لهدم وحدتنا الوطنية تجف السدود، وعندما لا يكون لحكوماتنا وسيلة إلا جيب المواطن مرتعا، يتغير المطر.
رغم ذلك، فإن في السماء رحمة يمكن أن تأتي وتجود علينا بما تبقى من حبات مطر في أرحام غيوم وضعت حملها في مناطق قريبة منا، وتركتنا بلا حتى رذاذ.

"الغد"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :