facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أبطالنا وجنون العظمة


اوكتافيا نصر
25-03-2014 04:34 PM

ليس كل ما نصفه بالبطولي عملاً بطولياً بالمعنى الحقيقي للكلمة. لذلك، فإن من ننصّبهم أبطالاً ليسوا أحياناً سوى مجرّد مجانين مارقين. في الواقع، ما عدا استثناءات قليلة عن أبطال حقيقيين، ان معظم الثوار هم أشخاص غير مستقرّين ينفّسون عن غضبهم وشعورهم بالفشل. هؤلاء هم من يتسبّبون بالفوضى ويزيدون الأمور تعقيداً بدل إيجاد الحلول لها. ولا يمكن أن يحلّ السلام ما داموا يمسكون بزمام الأمور.

يكفي أن ننظر من حولنا لنلاحظ زيادة مطّردة في أعدادهم، ولهجة أكثر عدوانية في خطابهم، وعنفاً أشد دموية في مقاربتهم للأمور، وجنوناً أكبر في سلوكهم في الإجمال.

إذا كانت الحياة توازناً بين الإيجابي والسلبي أو رقصة بين الباني والمدمِّر، أظن أننا نسير بخطى سريعة وكبيرة نحو الدمار. ففي حين أن معظم الأشخاص يقفون في مكان ما في الوسط، يقف غريب الأطوار - المجنون أو العبقري - في هذا الطرف أو ذاك، ويستقطب القدر الأكبر من الانتباه لأنه يصدر ضجيجاً بأسلوبه الصاخب للتعبير عن نفسه. وأحياناً يقود التطرّف إلى تطرّف آخر في المقابل. ومع مرور الوقت، يدفع الاستقطاب الأشخاص إلى الانحياز، والتجاذب الشديد إلى أن يبلغ الوضع نقطة اللاعودة ويتغلّب فريق على الآخر.

والفوز أيضاً لا يصنع أبطالاً. كما أنه لا يعني أن المنتصر على حق والخاسر على خطأ. في عالم من التطرّف والأصولية والتعصّب، كل شيء يكاد يكون غير منطقي حتى بالنسبة إلى الأشخاص العاديين.

نعيش في عالم من التحوّل في الطاقات. يمسك المجانين بزمام الأمور لأننا تركناهم ينتصرون فترة طويلة. لزمنا الصمت تحت ذريعة القومية والوطنية والدين والعلمانية والحركة النسوية والحرية والعديد من الشعارات الأخرى.

شُنَّت حروب باسمنا وبقينا نلزم الصمت. أُطلِقت أكاذيب في وجهنا، وادّعينا أننا نصدّقها وكأنها الحقيقة بذاتها. يُقتَل الناس يومياً باسم الله أو باسم حزبٍ أو ميليشيا أو رئيس أو رجل دين أو كتاب أو أرض أو حدود أو احتلال أو باسم الحرية.

يفصل خيط رفيع الجنون عن العبقرية. وتفصل شعرةٌ بين البطولة والجُبن. ويصنع نفَسٌ واحد الفارق بين الحياة والموت. الأمر بهذه البساطة، ومع ذلك فإنه معقّد جداً.

اليوم يريد الجميع أن يكونوا على صواب في كل زمان ومكان وفي مختلف المسائل. هذا ليس أمراً طبيعياً على الإطلاق؛ ومع ذلك نسمح لهذه الفكرة المتعصّبة بالسيطرة على واقعنا.

فِعلُ الصواب يقتضي أولاً الإقرار بالأخطاء التي ارتكبناها. ثم علينا أن نغيّر أنفسنا إذا أردنا أن تتغيّر الأمور من حولنا!
(النهار اللبنانية)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :