facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين


د.عادل الحياري
11-05-2014 02:53 AM

في الحلقة السابقة من هذه النقاشات, دار النقاش حول قرار المجلس العالي رقم (1) لسنة 1955, الذي تعرّض فيه الى تفسير المادة 91 من الدستور, وهي المادة التي عالجت مسيرة القانون العادي, منذ بدايته كمشروع يعرضه رئيس الوزراء على مجلس النواب, حتى نهايته بمصادقة الملك عليه. وقد ذكرنا ان المجلس العالي قد عالج في ذلك القرار, مسألتين في غاية الأهمية, المسألة الاولى تعلّقت في دور الحكومة ومشاركتها في تقرير التشريع العادي. وقد أفتى المجلس ان اقتراح وصياغة الحكومة لمشروعات القوانين, يعتبر أحد أركان العملية التشريعية, مما يخوّلها أن تكون شريكا أصيلا في تشريع القانون العادي, تماما كما هو شأن دور البرلمان ودور الملك.

وقد قلنا في مقالتين سابقتين, ان هذا التخريج لا يستقيم مع المفاهيم الدستورية, لان عملية اقتراح وصياغة مشروعات القوانين من قبل الحكومة, لا تعتبر اكثر من عمل اداري يحرك الاجراء التشريعي, وهو من قبيل مبدأ التعاون بين السلطات, ولكن تبقى الحكومة جزءا من السلطة التنفيذية, وليس جزءا من السلطة التشريعية.

أما المسألة الثانية التي تعرّض لها المجلس العالي في ذلك القرار, فتتعلق بصلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين التي يعرضها عليه رئيس الوزراء. وما يهمّنا في هذا الموضوع هو «مفهوم ونطاق التعديل « الذي يحق للبرلمان ان يقوم به, وهو بصدد مناقشة مواد التشريع المعروض عليه.

وفي هذا المقام لا بدّ ان نبسط اولا ما جاء على لسان المجلس العالي, فيما يخصّ هذه النقطة, لنعود تاليا الى مناقشة المسألة من جميع جوانبها. قال المجلس العالي ما يلي ( نرى ان المقصود من « التعديل» الذي نصّت عليه المادة 91 هو التعديل الذي ينحصر في حدود أحكام مشروع القانون وفي نطاق أهدافه ومراميه, سواء أكان ذلك بالزيادة ام النقصان. ولهذا لا يجوز ان يتناول التعديل احكاما جديدة لا صلة لها بالنواحي والغايات التي وضع المشروع من أجلها, والا فأننا اذا أجزنا لمجلس النواب وضع مثل هذه الاحكام الجديدة عن طريق استعمال حقه في تعديل المشروع, نكون قد افقدنا احدى مراحله الدستورية وتجاوزنا على حق السلطة التنفيذية في وضع مشروع قانون بهذه الاحكام الجديدة وتقديمه للمجلس طبق نص المادتين 91,95 المذكورتين, ونكون ايضا قد أعطينا المجلس اكثر من الحق الذي خوّله اياه الدستور في المادة 95 منه. اذ ان هذه المادة لا تعطي النواب في حالة رغبتهم بوضع احكام قانونية جديدة, سوى تقديم اقتراح بهذا الشأن واحالته الى الحكومة من قبل المجلس, لوضعه في صيغة مشروع قانون كما أسلفنا).

وفي تعليقنا على هذا التفسير نرغب بداية ان نستميح العذر للمجلس العالي للخروج بمثل هذا التفسير, ونقول ان تفسير القانون, لا بدّ ان يكون» ابن البيئة», فهو كما هو الحال بالنسبة للقانون والشعر والأدب وغير ذلك من العلوم الحياتية. وبالتالي لا غرابة ان مثل هذا التفسير جاء على لسان المجلس العالي سنة 1955, بحيث جعل ارادة البرلمان حبيسة في النطاق الذي ترغبه الحكومة, في ظل بيئة كانت اليد الطولى فيها للحكومة دون غيرها من السلطات. وهذا التفسير ما هو الا امتداد للأوضاع السياسية التي كانت سائدة في أثناء وقبل تاريخ التفسير.

وتوضيحا لما تقدّم نذكّر ان السلطة التنفيذية في ظل الدستورين السابقين, 1928, 1947, كانت هي المهيمنة على الحياة السياسية في هذه البلاد. يضاف الى ذلك ان الجهة التي انيط بها صلاحية تفسير القوانين والدستور, قبل دستور 1952, لم تكن محكمة قضائية او جهة مستقلة عن بقية السلطات, بل كانت جهة تابعة للسلطة التنفيذية, اذ اناط المشرع الدستوري مهمات التفسير كافة, «بديوان خاص» يؤلف من وزير العدلية وموظفين كبيرين من موظفي الادارة ينتخبهما المجلس التنفيذي, وموظفين كبيرين من موظفي العدلية ينتخبهما المجلس القضائي, ويجتمع هذا الديوان برئاسة وزير العدلية, وتكون لقرارات هذا الديوان مفعول القانون, اذا تعلّق التفسير باحكام قانونية عادية, اما اذا تعلّق التفسير بحكم دستوري, فلا يعتبر التفسير نافذ المفعول ما لم يصادق عليه الأمير.( المادة 55 من دستور 1928, والمادة 68 من دستور 1947).

في ضوء ما تقدم من قراءة لتشكيل الديوان الخاص, يتبيّن ان عملية تفسير القواعد الدستورية, ليست هي عملية قانونية بحته كما يظن البعض, وكما يجب ان تكون, بل انها عملية تتأثر بالتيارات السياسية التي تسود في وقت ومكان التفسير. اذ تلعب الاعتبارات السياسية - وكذلك رجال السياسة- دورا مهما في بعض الاحيان, في تفسير القواعد الدستورية, بحيث قد تؤدي عملية التفسير الى توسيع او تضييق نطاق النص المفسّر. بل قد يصل الأمر- وتحت ستار التفسير- الى تغيير المعنى الذي قصده المشرّع الدستوري. وهذا الوضع يؤدي, لا محاله, الى نتائج قانونية وسياسية مؤثرة ومهمة في حياة الدولة, مما يستدعي الامر الى اعادة المراجعة للنصوص الدستورية وتفسيراتها, من وقت الى اخر, وذلك بقصد مواكبة الحياة المتطورة. ذلك لان التفسير- كما هو القانون- من الامور المتناهية, التي لا يمكن ان تماشي وتغطّي الحياة المتطورة غير المتناهية.

قبل ختام هذه الحلقة, نعتذر للقارىء الكريم, ان الكتابة في موضوع حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين قد طال دون ان نصل الى خاتمة الموضوع, والسبب هو ان البحث القانوني يختلف عن المقالة الصحفية, نظرا للطبيعة الخاصة لكل منهما. وقد كان من الممكن ان نعالج الموضوع في كتيّب صغير, لا يقرأه الا المهتم والمختص, ولكن لعدم تفويت الفائدة على عموم القراء, ارتأينا ان نبسطه في مجموعة حلقات, فعذرا, والى الحلقة القادمة.
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :