facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الخلافة ليست تابوتاً من السماء


د.رحيل الغرايبة
08-08-2014 04:30 AM

هناك كثير من الاسلاميين يتعاملون مع مسألة «الخلافة» وكأنها تابوت منزل من السماء، ويتم تداوله بشكل سرّي من جيل إلى جيل، أو من من طائفة إلى طائفة، ويتم التعامل معها بشكل طقوس دينية، ويحاول بعضهم المسابقة إلى التمسك والاحتفاظ بها، واعلان الفوز بحيازتها والاستيلاء عليها.

الخلافة مصطلح اجتهادي تم اطلاقه على رئاسة الدولة بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عندما اجتمع كبار الصحابة ليتداولوا في موضوع تولية من يخلف الرسول عليه الصلاة والسلام في موقع إدارة الكيان الجديد، ويرعى شؤون المسلمين، وجاء الاشتقاق من هذا المعنى، وأصبح المسلمون ينادون أول رجل تولى هذا الأمر وهو أبو بكر الصديق بالقول: يا خليفة رسول الله، وعندما جاء عمر ليخلف أبا بكر، استثقل المسلمون النداء على عمر بخليفة خليفة رسول الله، فأخذوا يبحثون عن اسم جديد ولقب آخر، واهتدوا إلى اسم: أمير المؤمنين وأصبح النداء المتعارف عليه في الخطاب لمن يحتل هذا الموقع بـ»يا أمير المؤمنين»، دلالة على أنها أسماء وألقاب اجتهادية لا تحمل صفة القداسة، وليس في ذلك نص من قرآن أو سنة، وإنما هو محض اجتهاد بشري له التقدير والاحترام وهو جزء من تراث المسلمين الحضاري، لا يتصف بالعصمة ولا بالإلزام والفرضية والوجوب.

المجتمع الإسلامي مجتمع بشري مثل كل المجتمعات البشرية الأخرى التي تحتاج إلى إدارة وقيادة تشرف على مصالح الناس ومعايشهم، وتصون أعراضهم وأموالهم ودماءهم، وتحقق أمنهم، وتحرس حدودهم، وهؤلاء الذين يقومون بهذه المهمة بشر من البشر، يخطئون ويصيبون، وينتصرون وينهزمون، ويمرضون ويموتون ويعينون ويعزلون من الأمة.

مسألة رئاسة الدولة من حيث التنظيم والإدارة تحتاج طريقة منظمة بالاختيار وطريقة منظمة بالمراقبة والتقويم من أجل تطوير أدائها، وتحقيق الرضا الشعبي والجماهيري عنها، لضمان استقرار الدولة، وضمان حسن رعايتها وتحقيق غاياتها وضمان القيام بواجباتها على أكمل وجه، وهذا يخضع لتطوير هذه الآليات التي تخضع لحسن الاجتهاد القائم على البناء على الاجتهادات السابقة والتجارب السابقة عبر تاريخ المسلمين من أجل الوصول إلى أحسن الصيغ وأكثرها استقراراً وأكثرها تحقيقاً للمصلحة العامة.

لقد أصّل الفقهاء المسلمون لموضوع رئاسة الدولة، ووضعوا القواعد العامة، وتم التصنيف في هذا العلم قديماً وحديثاً، ومن أهم ما صنف في هذا المجال كتاب الأحكام السلطانية للفقيه الشافعي «الماوردي» وتبعه الفقيه أبو يعلى الفراء الحنبلي، وكذلك الجويني وابن جماعة، ومحمد بن الحسن وأبو يوسف، وابن تيمية وغيرهم كثير، وفي العصر الحاضر تم كتابة رسائل دكتوراة أصيلة مثل كتاب «الخلافة» لعبد الرزاق السنهوري الفقيه القانوني المصري المعروف، وكذلك (رئاسة الدولة في الاسلام) للدكتور محمد رأفت عثمان وغيرهم الكثيرباعتباره شأناً إدارياً له مضمون ومعنى معروف بغض النظر عن الاسم أو العنوان.

المهم في الموضوع أن هناك إجماعا قديما وحديثا على أن اختيار رئيس الدولة أمر دينوي بشري محض، وهو شأن عام مصلحي يهم كل المكلفين والعقلاء رجالاً ونساء، ولا يجوز أن يختص بهذا الموضوع فئة أو طائفة من المجتمع من دون الناس، مما جعل الجويني يؤكد بكل حزم في كتابه المشهور «غياث الأمم» أن الاجماع منعقد على أن طريق ايجاد الأمة منحصر بالاختيار من الأمة.

طريقة الاختيار تخضع للاجتهاد البشري في طريقة تحصيل رضا العامة، ولذلك فإن الانتخاب أو الاقتراع عبر صناديق الأصوات التي توصل اليها البشر حديثاً تعد أفضل الطرق التي تحقق هذا المقصود، وهي تجربة بشرية عامة أسهمت بها كل الأمم والشعوب على مدار التاريخ، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.

التعامل مع شأن الخلافة بطريقة دينية ساذجة وبعقلية ضيقة، أمر يسيء إلى الاسلام والمسلمين، وينقض أهم المبادىء والمرتكزات التي تم تأصيلها عبر الأزمان، ويسيىء إلى الوجه الحضاري الذي تم إنجازه عبر تاريخ المسلمين الطويل.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :