عمون –طارق العاصي - فيلم قرود في الشتاء من الافلام البلغارية التي تناقش هموم المجتمع بطريقة مميزة مشوقة. ويركز على الاحداث والمشاهد الدرامية بدقة, وضم مجموعة من افضل الممثلين البلغاريين, وقدم الفيلم على مسرح البلد ضمن نشاطات الافلام الفرانكفونية.وتدور احداثه في ثلاث قصص تباينت فتراتها الزمنية التي اختلفت من فترة الستينيات والسبعينيات واوائل الثمانينيات; دونا,لوسيريسيا, وتانا وهن نساء يسعين بكل الوسائل لتحقيق سعادتهن ويبرز الفيلم الاحداث وعرض المشاكل بطريقة ملفتة وواقعية فيشعر المشاهد بانه متيقظ مع احداث الفيلم بدقة لاسيما ان الفيلم يركز على اكثر من حدث ويبدو ان التنقل في صورة عرض الديكور فيه حرص على ابراز عنصر الحدث التي تدور حوله القصة, فبين المشاكل الاجتماعية وما تتركه من ترسبات في شخصية الفتاة كانت بداية الفيلم دونا الفتاة التي كانت تعيش بسكن داخلي تحلم بكوابيس مرعبة وتتهيأ لها احداث غريبة قد تحصل معها في بعض الاحيان. المخرج ميلنا اندوموفا كان حريصا على اضفاء عنصر التشويق والاثارة في مشاهد الفيلم وهذا ما اكده في العرض المتتالي لاحداث الفيلم الذي عرض طوال 111 دقيقة متتالية.

(الاحداث)

يبدأ الفيلم بعرض قصة دونا الفتاة الفقيرة المرهفة التي تبحث عن الرجل الطيب المثالي من خلال اقامة عدة علاقات مع العديد من الرجال هكذا كانت طريقتها في البحث عما تتمناه لكنها لا تصادف رجل الاحلام بل تعيش متألمة متحسرة في البحث عن خيط رفيع لتتشبث به مع احد الرجال لكنها في النهاية تعيش برقة اطفالها غير الشرعيين بحيث يبرز الفيلم بان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

لوسيريسيا وهي فتاة جذابة تتمتع بصفاء ونقاء في بشرتها ملامحها دقيقة وهي مناسبة للدور الممنوح لها فهي طالبة في كلية الحقوق تدرس هذا التخصص عن رغبة فهي ترى بان الدفاع عن المظلومين هدف جميل وذلك لمعاناتها من طفولتها التي باتت غامضة طوال احداث الفيلم,كانت تعاني من الكوابيس المزعجة التي كانت تسبب لها الارق فاستذكار الماضي في هذه المشاهد الحية وضعت المتتبع للفيلم في العمق لكن لوسيريسيا تضطر في النهاية لرعاية طفلها وترك العمل في مجال الحقوق الذي طالما احبته.

اما تانا فهي امراة متزوجة تحب زوجها كثيرا وتامل بان تنجب طفلا لكنها لا تستطيع لمشكلة يعاني منها زوجها, تانا امراة ثرية لكنها حزينة وكئيبة لعدم وجود طفل في حياتها ليكمل حروف القصيدة في السعادة التي تعيشه في حياتها,تحاول تانا جاهدة في عدم اظهار حزنها وألمها امام زوجها التي طالما احبته لكنه يشعر دائما في حزنها ويرى بان التخلي عنها شيء مستحيل لذلك يحاول ان يظهر امامها بقوة لكنه ممزق في داخله.

ولعل ابرز ما يميز هذا الفيلم قوة طرح الاحداث الاجتماعية بشكل عميق ومميز عن طريق طريقة التعامل مع الاحداث التي تحتاج لحكمة في ادارة المواقف والارادة والتصميم على بلوغ الهدف