facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رجلان بحجم وزارة


16-04-2008 03:00 AM

مُرهق بحثك حين تتبع فيه خطوات رجال لا يستهويهم الوقوف تحت الأضواء ، أو ممن لا يرغبون في أن يكونوا حديث المجالس بمآثرهم وأياديهم البيضاء ، نعم إن هذا الصنف من الرجال يدخلك في حيرة هل تتحدث عنه لتشكل من خلاله قدوة تشجع وتحفز الآخرين على نهج طريقهم ؟ أم تصمت وتنصاع لرغبتهم بالاختفاء .


إن عمل الخير والبحث عن و(في) جيوب الفقر ليس سهلا ، وفاعله يخشى في كل حين أن يُغلب في صراع بين نفسين واحدة راضية طيبة ،وأخرى نزّاعة للظهور والإطراء ، وقد يكون هذا الصراع هو الآفة الكبرى لأعمال الخير ، فعيوننا لا ترى النوايا ولكن صاحب العمل بعد الله يعلم أن نوازعه أين هي من العمل؟ وهل هو خالصا لوجه الله تعالى؟ .


نموذجان أقلقاني وشكلا لي حالة إغراء للكتابة في هذا الموضوع ، فقد أتعباني هذان الرجلان وأنا أسمع وأرى ما يقومان به ، ويحاولان ما أمكنهما أن يبقيا ذلك خافيا عن العيون ، وأن لا تراهما إلا عين الرحمن . ولكني استطعت بعد عناء أن أرصد بعضا من حركتهم الملائكية.


النموذج الأول : أبو شحادة الخليلي الأردني ما أن تراه حتى تحبه، يمتاز بفراسة عجيبة بتحديد أصحاب الحاجة ،لم يمنعه بعض الثراء البسيط من أن يبحث عن أولئك المستضعفين المتعبين ،من الذين يغلقون عليهم أبوابهم ويبيتون على الطوى ولا يسألون الناس إلحافاً 0

يجلس أبو شحادة على باب فندقه وينظر في وجوه الناس ، يرصد حركتهم ، فما أن تقع عينه على أحد المحتاجين حتى يبادر إلى دفع ما يتيسر دون أن يعِّرفَ على نفسه ، أبو شحادة هذا الرجل الطيب سمعت عنه حكاية أبكتني كثيراً وأفرحتني في آن واحد ، زار هذا الرجل المستشفى لعيادة أحد المرضى وبُعيْد انتهاء الزيارة قام بجولة سلام على جميع المرضى ،وحرص أن يضع في يد من رصدته عين فراسته مبلغاً من المال، وكان البعض منهم لا يصدق ما يحصل ويحدّثُ نفسه ، هل هذا الزمان ما زال يعيش فيه رجال يمتلكون كل هذه الطيبة والمحبة ،أم هو رجل امتد إلينا من زمن الصحابة .

النموذج الثاني : سليمان رجل نبتَ مع شيح جبال الشراه ، وجهه يفيض طيبة ، وحركته الدائبة تجعلك تفكر أن هذا الرجل معفيا من النوم ، نذر هذا الرجل نفسه خالصة لعمل الخير ، ففي شهر رمضان نادرا ما يتناول إفطاره قبل أن يطمئن أن عشرات العائلات الفقيرة والتي أوكل نفسه بها قد تناولت إفطارها ، هذا الإفطار الذي لا يتأتى له إلا بعد بحث يومي مضني في المطاعم وبيوت المحسنين، ومن المناظر المؤثرة التي سمعتها عنه أن أطفال هذه الأسر يجلسون قبيل الإفطار ينتظرون بشغف وعيونهم الوادعة ترقب إطلالة هذا الزائر الطيب ليبعث في معدهم وقلوبهم بعضا من شبع وبعضا من سرور ، سليمان ليس ثرياً فربما بعض العائلات التي يسعى لها ميسورة أكثر منه،ولكنه يصر على أن يسد جوع هذا ويبحث عن دواء لتلك ،ويقضي النهار القائظ في العقبة وهو يدور من مكان إلى مكان ، يجمع لبعض العائلات لشراء مستلزمات المدرسة ، أو لإجراء عملية وغير ذلك من اهتماماته الكثيرة ،يا سليمان صدق من وصفك بأنك وزارة تنمية اجتماعية تسير على قدمين ، فكثير من المتعبين يبحثون عنك وإنا كذلك، فأنت تمثل لي قيمة تعيد توازن الحياة في نفسي .


إن حديثي عن هذه النموذجين ليس من باب حصر العمل التطوعي والخيري بهما ، فأنا على يقين أن هناك نماذج كثيرة تعمل بالخفاء ويحرصون كذلك أن يبقى هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى ، وكذلك لم يأت هذه الحديث من باب التقليل من جهود الوزارات المعنية ، ولكن إشارة بسيطة كيف يمكن أن يكون الجهد الفردي المتميز بحجم وزارات كبيرة يعمل فيها عدد كبير من المخططين والمنظرين ، وما يرافق ذلك من زفات إعلامية تجعل من صاحب الحاجة مادة اعلانية لا أكثر .

فيا سليمان ويا أبا شحادة سأبقى أرصد خطواتكم حتى لو حاولتم الاختفاء عني ، فعيني تعلمت كيف تميز رائحة الخير وسأعمل جاهداً على رصد ظاهرتكما في مجتمعنا لتكون محفزاً يستفزني ويستفز آخرين ، لنبدأ مشوارنا معكما بعد أن نستدل على خطاكما على طريق الخير .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :