facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القاهرة تخسر شيئاً من ذاكرتها


محمد كعوش
07-05-2015 03:27 AM

قبل ايام قليلة مضت، غيّب الموت المواطن المصري مجدي عبد الملك، مالك مقهى « ريش « في القاهرة ، ورفيق المسيرة الثقافية والفكرية والفنية المصرية في الزمن الجميل، وصديق المبدعين الرواد في الشعر والرواية والسينما والمسرح والموسيقى، وحافظ اسرارهم.

برحيل مجدي عبد الملك، وقبله جاره الحاج محمد مدبولي ، صاحب «مكتبة مدبولي» خسر اشهر ميدان في القاهرة
اثنين من رموزه، وبقي تمثال طلعت حرب وحيدا تائها وسط زحام احلام الاجيال الجديدة.

المثقفون والاردنيون، والعرب، الذين درسوا في القاهرة، او اقاموا فيها، او ترددوا عليها في زيارات متقطعة، يعرفون ان مقهى ريش يشكل مرحلة ثقافية وفكرية وسياسية مهمة خلال قرن من تاريخ مصر. هذا المقهى الملتقى والمنتدى الذي احتضن عمالقة الحركة الادبية والفنية في مصر ، وبعض كبار الادباء والشعراء العرب ، في مرحلة ما ، شهد ولادة ثورة سعد زغلول، وتبين في وقت لاحق، ان المنشورات والبيانات الثورية ، كانت تصدر من هذا المقهى ، في العام 1919.

وخلال احدى زياراتي الاخيرة للقاهرة، رافقني مجدي عبد الملك ، في جولة تحت الارض ، في الطابق السفلي السري التابع للمقهى، حيث شاهدت موقع الة الطباعة التي استخدمها جماعة سعد زغلول ، التي كانت مخبأة في شق في الجدار، وكذلك الباب السري الذي يفتح على شارع خلفي ، والذي استخدمه الثوار للخروج في حالات المداهمة الامنية.

وخلال قرن من زمن مصر ، ظل مقهى «ريش» ملتقى رموز الحركة الادبية والفنية والساسية. ويروي بعض الحضورالكبار من رواد المقهى في الستينات، ان الروائي نجيب محفوظ كان يعقد فيه ندوة عصر كل يوم جمعة ، يتحدث فيها للمهتمين من الحضور حول هموم الامة، وقضاياها الثقافية. وفي السجل التاريخي للمقهى ان السيدة ام كلثوم ، عندما جاءت الى القاهرة صبية صغيرة، احيت حفلاتها الاولى في «مقهى ريش « ، وكذلك عرضت الفنانة المسرحية روز اليوسف ومعها الممثل محمد عبد القدوس احدى المسرحيات في المقهى ، حيث شهد ريش ولادة قصة حب بينهما انتهت بالزواج وولادة الكاتب احسان عبد القدوس.

ولكن لم تكن مسيرة "ريش" سهلة هينة، فقد شهد المقهى بعض العواصف، وواجه الكثير من التحديات، لأنه كان يشارك، عبر رواده، بتشكيل الوعي السياسي والاجتماعي في مصر، وقد تعرض للاغلاق لفترة من الزمن في عهد الرئيس السادات، بسبب انتقاد سياساته، خلال حلقات النقاش التي تعقد فيه ويشارك فيها سياسيون وكتاب من المعارضين، خصوصا بعد زيارته للقدس، وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد.

والحقيقة ان مقهى ريش هو شاهد على عصر كامل، وعلى امتداد قرن من تاريخ مصر ، وعلى جدرانه من الصور والرسوم ما يوثق لاحداث عصر وطني مهم، فالمقهى حافظ على ذاكرة القاهرة ، من حيث المكان ( الشوارع والمواقع والمعالم ) وكذلك الرموز من المبدعين، وعلى كل الصعد.

لذلك نرى ان اغلاقه سيؤدي الى طي مرحلة تاريخية مهمة من حياة القاهرة، وبالتالي اخراجها من الذاكرة ، في الوقت الذي نسعى فيه الى نقل احلامنا الكبيرة الى الاجيال الشابة الجديدة ، في زمن يتم فيه تدمير كل ما هو جميل ، وحيث تتحول المكتبات الى محال لبيع الوجبات السريعة. الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :