ارتفعت قيمة الدينار الاردني عالميا لمستويات قياسية عالية جدا خلال الاسابيع الماضية وخصوصا امام اليورو والدولار الاسترالي والكندي والفرنك السويسري والين الياباني وعملات كوريا والصين ومعظم العملات العالمية باستثناء الدولار الامريكي لان الدينار الاردني مربوط كسعر عالمي مع الدولار الامريكي اذا ارتفع يرتفع معه واذا انخفض ينخفض معه.

وقد ترتب على هذا الارتفاع الكبير لعملة الدينار الاردني مقابل العملات العالمية ما عدا الدولار الامريكي انخفاض قيمة المستوردات والمشتريات من معظم دول العالم باستثناء الولايات المتحدة الامريكية والدول ذات العملات المدولرة او المرتبطة بالدولار الامريكي .

وكمثال بسيط فان الدينار الاردني ارتفع بنسبة كبيرة مقابل اليورو فبعد ان كان اليورو تقريبا يساوي الدينار الاردني قبل حوالي العام اصبح ىالان يساوي فقط حوالي 80 قرشا اي ان اليورو انخفض امام الدينار الاردني بنسبة حوالي 20%.

وكذلك الامر بالنسبة لعملات عالمية اخرى انخفضت بقوة امام الدينار الاردني مثل عملات اليابان وكندا واستراليا ونيوزلندا والصين وغيرها.

اقتصاديا انخفضت بنسبة حوالي 20% قيمة المشتريات من اوروبا واليابان مثلا وعلى سبيل المثال فان السلعة التي كنا نستوردها من اوروبا لندفع ثمنها 10 يورو اي 10 دنانير الان نستوردها ب 10 يورو ولكن ب 8 دنانير.

لم ينعكس انخفاض سعر العملات العالمية مقابل الدينار الاردني على الاسعار نهائيا في السوق المحلي وهذا في الاقتصاد من اخطر ظواهر الفساد الاقتصادي العالمي حينما تنخفض الاسعار عالميا بنسبة حوالي 20% بينما لا ينعكس هذا الانخفاض حتى لو بنسبة 5% على الاسعار في السوق المحلية.

واكثر من 75% من مستوردات الاردن تاتي من دول اوروبا واليابان والصين واستراليا ودول انخفضت عملاتها بقوة امام الدينار الاردني ومع ذلك لم نشهد اي انخفاض ملموس للسلع المستوردة من تلك الدول.

على سبيل المثال السيارة المستوردة من المانيا كان ثمنها مثلا 20 الف يورو اي 20 الف دينار اردني وبعد انخفاض قيمة اليورو اصبحت ال 20 الف يورو تساوي 16 الف دينار اردني ولكننا كمستهلكين في السوق المحلي لم نلمس اي انخفاض اطلاقا على اسعارها وقس على ذلك الاف السلع.

طبعا السبب الرئيسي في هذه الماساة الاقتصادية هو طبقة الحيتان المستوردين من تلك الدول بالجملة حيث ان ارباحهم زادت بنسبة حوالي 20% بينما لم يخفضوا الاسعار على المستهلك ولو بنسبة 1%.

ومن الاسباب الاخرى وهي بالواقع السبب الاول غياب سيطرة الدولة او الحكومة على طبقة المستوردين الكبار وعدم اجبارهم على تخفيض الاسعار كما انخفضت عالميا.

استفاد حيتان الاستيراد من هذه الحركة بارتفاع قيمة الدينار الاردني زيادة في ارباحهم وملايينهم بنسبة حوالي 20% بينما لم يلمس المواطن اي انخفاض بالاسعار على تلك السلع.

بعض المصانع الكبيرة اتجهت للاستيراد بنفسها واستوردت موادها الخام والاولية مباشرة واستفادت من انخفاض فاتورة مشترياتها وزادت ارباحها بينما للاسف الشديد لم تخفض اسعار اي سلعة .

المسوولية الكبرى تقع على عاتق الجهات الحكومية المرخصة والمتابعة لعمليات الاستيراد من الخارج ويجب ان يكون هنالك الزام لحيتان المستوردين ان يخفضوا الاسعار بقدر انخفاضها بسبب ارتفاع قيمة الدينار الاردني!

واذا لم تنخفض الاسعار على المواطن فما الفائدة من القوة الجامحة والارتفاع الكبير للدينار الاردني امام العملات العالمية؟


فرج المحاسنة - خبير اقتصادي متخصص بالاسواق العالمية
soqona@soqona.com