بعد ثمان سنوات على زراعة كبد ناجحة فتحت له ابواب الحياة .. الشاب بشار علامات يروي قصة ولادته من جديد
12-06-2008 03:00 AM
عمون - ديترويت – وليم سلايطة -بعد ثمان سنوات من عملية زرع الكبد التي اجريت له في مستشفى هنري فورد وبعد اكثر من اثنتي عشرة سنة منتظرا استبدال كبده التالف جراء اصابته بمرض التهاب الكبد “Auto Immune”"هيبتايتس" يعيش الشاب الاردني بشار علامات حياة طبيعية بكامل عافيته. يعمل محاسبا في شركة اميركية مرموقة يملكها العربي الاميركي الحاج نسيب فواز. كما يتابع علامات دراسته العليا في جامعة مشيغن للحصول على ماجستير في ادارة الاعمال.في الوقت الحاضر ينتظر اكثر من سبعة عشر الف مريض اميركي دورهم لاجراء زراعة للكبد، وفي الوقت الذي يحصل ثلثهم على كبد جديد يموت نحو عشرة في المئة ممن هم على لائحة الانتظار.
وتؤكد التقارير الطبية الاميركية ان عمليات زرع الكبد تطورت بشكل مذهل خلال السنوات الاربعين الماضية، اي منذ فشل اول عملية زرع للكبد جرت عام 1963، وتشير الاحصائيات الرسمية التي تصدر عن المعاهد الطبية ومراكز الابحاث في الولايات المتحدة الى ان اكثر من خمسة وثمانين في المائة من عمليات زرع الكبد تسجل نجاحا مميزا ويعيش اصحابها حياة صحية اعتيادية.
بشار علامات ابن الحادية والثلاثين عاما، اجتاز مرحلة صحية دقيقة بعد سنوات طويلة من المعاناة جراء هذا المرض الخطير الذي كان يهدد حياته بالخطر في كل لحظة من لحظات السنوات الطويلة الماضية الى ان اجريت له عملية زراعة كبد ناجحة في شهر ديسمبر عام 2000 في مستشفى هنري فورد في في ديترويت على يد الجراح العالمي مروان ابو الجود رئيس دائرة جراحة الاعضاء في هنري فورد.
وهو يستعد للسفر الى عمان لقضاء اجازته السنوية بين الاهل والاصدقاء بعد اكثر من ثمان سنوات من الغربة، التقينا بشار علامات في ديترويت وكان هذا الحوار:
? عمون: وبعد مضي اكثر من ثمان سنوات على عملية زراعة الكبد التي اجريت لك عام 2000، كيف تشعر؟
? بشار: الحمد لله انا بصحة ممتازة، امارس نشاطاتي اليومية بشكل طبيعي جدا، اراجع اطبائي مرة كل ستة اشهر وهذه المراجعات هي روتينية حيث يطئنني الاطباء باني في وضع صحي ممتاز.
? عمون: كيف ومتى اكتشفت بانك مصاب بمرض التهاب الكبد الفيروسي (هابتايتس)؟
? بشار: في صيف عام 1990 كنت في الرابعة عشرة، وكنت امضي العطلة المدرسية مع اقربائي في عمان حيث لاحظو عوارض اصفرار في وجهي، وقلة نشاطي وانعدام شهيتي للطعام. وبعد معاينة دقيقة وكاملة من الاطباء في عمان تبين ان وظائف الكبد في الدم مرتفعة للغاية. وبعد فحوصات ركز من خلالها الاطباء على تشخيص المرض ونوعه الذي اثر سلبا على وظائف الكبد، وجاءت النتيجة – الصدمة بانني مصاب بمرض التهاب الكبد الفيروسي (هابتايتس)، وهذا المرض غير معروفة مسبباته، وهو غير معدِ. وتبدا عوارضه بفيروس يضرب جهاز المناعة في الجسم ويضعفه الى حد ان هذا الفيروس يهاجم خلايا الكبد ويعبث بها ويعطل عملها ومن ثم يتلف الكبد برمته. ولا يمكن للانسان العيش بدون كبد.
? عمون: كيف تعامل الاطباء في الاردن مع حالتك الصحية؟
? بشار: بعناية فائقة ودقة في التشخيص.
? عمون: ولماذا قررت المجيء الى الولايات المتحدة؟
? بشار: قرر الاطباء في عمان ان انقاذ حياتي يستدعي عملية جراحية لاستئصال كبدي واستبداله بكبد صحي آخر، وهذه الجراحة الدقيقة والخطيرة لم تكن متوفرة في الاردن في ذلك الوقت، فكان لابد لي ان اختار مابين اسرائيل والولايات المتحدة من اجل اجراء عملية الزرع الجراحية، فاخترت الولايات المتحدة الاميركية.
? عمون: متى جئت الى اميركا؟
? بشار: عام 1994 وبعد انتهائي من دراسة الثانوية العامة، حصلت على بعثة دراسية للطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الاردن، وبعد اقل من اسبوعين من التحاقي في الجامعة في عمان، تدهورت حالتي الصحية واصبح الاستمرار في الدراسة امرا مستحيلا، مما اجبرني الى دخول المستشفى في عمان لفترة ثلاثة اسابيع، قرر بعدها الاطباء ان حالتي الصحية لا تتحمل الانتظار، وبدا العد العكسي لاجراء عملية زراعة الكبد.
بعد ذلك مباشرة توجهت الى الولايات المتحدة، وفي ولاية مشيغن دخلت الى مستشفى هنري فورد في ديترويت وهناك تعرفت على العربي الاميركي الاختصاصي في زراعة الكبد والكلى الطبيب مروان ابو الجود، وهو ايضا رئيس قسم زراعة الاعضاء في المستشفى ذاته. وبدأ الدكتور ابو الجود الاشراف على معالجتي.
وكما تعلم بان الدكتور مروان ابو الجود هو بروفسور من امهر اطباء العالم في زراعة الكبد. وكانت اول خطوة للدكتور ابو الجود انه وضعني على قائمة الانتظار للحصول على متبرع يكون كبده مناسبا ويتقبله جسدي، وطال الانتظار الذي بدأ منذ عام 1994 حتى عام 2000 حيث حالفني الحظ بكبد متبرع مناسب، اجريت لي على اثرها عملية زرع تكللت والحمد لله بالنجاح.
وهنا اود ان اشير بان ليس هنالك في قواميس اللغات كلمات تستطيع ان تعبر عن شكري وامتناني للدكتور مروان ابو الجود، فهو نعم الانسان ونعم الطبيب، احتضنني منذ ان تعرفت عليه وبدأ بمعالجتي، لم اكن اشعر قط انني في حضرة طبيب نطاسي بارع فقط وانما في رعاية ملاك انزل الي من السماء. صدقني هكذا كان شعوري تجاه هذا الانسان الاستثنائي، وهكذا يشعر بقية المرضى الذين التقيتهم والذين كانوا يتلقون علاجهم على يدي الدكتور ابو الجود.
? عمون: هل ماتزال تتواصل مع الدكتور ابو الجود؟
? بشار: نعم باستمرار. تصور ان علاقتنا مغه تتطورت بشكل مدهش لدرجة انه اطلق على مولوده الذي رزق به قبل سنوات اسم (بشار) تيمنا بشخصي.
? عمون: كيف كنت تقضي فترة الانتظار؟
? بشار: كانت فترة صعبة للغاية لكنها مهمة جدا، كنت اراجع بشكل يومي اطباء في مستشفى هنري فورد ولهم اختصاصات متعددة، اخضعوني لنظام غذائي معين وصعب، وكنت امارس التمارين الرياضية الخفيفة، اضافة الى المطالعة المستمرة سُمح لي بالعودة الى الاردن ريثما يتم الحصول على متبرع مناسب، وكان الدكتور ابو الجود على اتصال دائم مع اطبائي في عمان للتنسيق معهم. وقبل شهرين من العملية ساءت حالتي بشكل كبير جدا وعدت الى مشيغن ومنحني مستشفى هنري فورد "جرس انذار" لازمني ليلا نهارا لاشعاري واستدعائي الى المستشفى لاجراء عملية الزرع في لحظة توفر الكبد. وهكذا كان حيث رن "جرس الانذار" الذي كنت احمله في جيبي، ذهبت فورا الى المستشفى وكان ذلك في شهر كانون الاول (ديسمبر) عام 2000، حيث خضعت لعملية زراعة الكبد الجراحية والتي استغرقت سبع ساعات متواصلة، تحت اشراف البروفسور مروان ابو الجود.
? عمون: زراعة الكبد انقذت حياتك، حدثنا عن هذه التجربة؟
? بشار: كانت العملية بمثابة ولادة جديدة لي. بعد العملية مباشرة وضعت في غرفة خاصة لمدة اسبوع، لم يسمح لاحد بزيارتي الا طبيبي والممرضات تحسبا من التعرض الى عدوى الانفلونزا او اي نوع من الالتهابات التي قد تساهم في فشل الزراعة. بعدها سمح لي الاطباء بالذهاب الى البيت مع استمرار المراقبة، تخوفا من امكانية الرفض للعضو المزروع.
? عمون: هل وجدت فرقا بين الاطباء الاميركيين والاردنيين؟
? بشار: ليس هناك، في رأيي، فرق كبير بين قدرات ومعلومات ومهنية الاطباء في الاردن والاطباء في اميركا، لكنني وجدت ان الاطباء الاميركيين اكثر حذرا في وصف الادوية من نظرائهم الاردنيين. ورأيت ايضا ان عملية ابلاغ المريض مباشرة عن وضعه الصحي بالتفصيل هو واجب قانوني على الطبيب الاميركي، بينما الطبيب في الارن وعالمنا العربي بشكل عام يتوجه بالشرح المقتضب عن حالة المريض الى الاهل وليس للمريض مباشرة!
? عمون: هل تعرفت على عائلة المتبرع بالكبد؟
? بشار: نعم، عن طريق منظمة تدعى (تطابق الاعضاء) كانت المسافة ساعتين في السيارة من مكان سكني، المتبرع رجل في الخامسة والاربعين من عمره، غير متزوج، قضى في حادث سير مؤسف’ تبرع بجميع اعضائه. تعرفت على جميع افراد عائلته وكان لقاءا مفعما بالمشاعر والاحاسيس والتقدير والحب والاحترام للراحل وعائلته، لقاء عزز في نفسي الايمان بالله عز وجل.
? عمون: هل اخترت البقاء في اميركا بمحض ارادتك ام ان متابعة عملية الزراعة تتطلب ذلك؟
? بشار: بالرغم من توفر العلاجات والرعاية الطبية ذاتها في مستشفيات عمان، والتي احظى بها هنا في مشيغن في حال قررت العودة الى الاردن، الا انني وبمساعدة الدكتور مروان ابو الجود وجهوده المشكورة، تعرفت على رجل الاعمال العربي الاميركي الحاج نسيب فواز الذي يملك ويدير شركة "انرجي انترناشيونال" ومقرها الرئيسي في مدينة كانتون – مشيغن، والذي تكفل باجراء معاملات اقامتي القانونية في اميركا بعد ان منحني فرصة للعمل في قسم المحاسبة في مؤسسته المرموقة.
لا يمكن ان اصف مدى تقديري وامتناني العميقين وسعادتي الكبيرة للخدمات الجلية التي قدماها لي الحاج نسيب فواز والدكتور المبدع مروان ابو الجود في توفير فرصة البقاء والعمل في ولاية مشيغن. اتمنى ان يتحلى جميع افراد الجالية بهذه الصفات الانسانية الرفيعة التي يتمتع بها كلا الرجلين، فهما فعلا نموذجا نادرا للانسانية. واني اذ انتهز هذه الفرصة لاتمنى لهما من كل قلبي استمرارية التوفيق والنجاح والعيش الكريم والصحة وبالمناسبة فقد حصلت على الكرت الاخضر الشهر الماضي فقط.
وانا الان اتابع دراستي الجامعية حيث التحقت بجامعة مشيغن للحصول على ماجستير في ادارة الاعمال، بعد ان حصلت على شهادة واجازة في المحاسبة القانونية من ولاية مشيغن.
? عمون: ماذا تقول لتشجيع الناس على فكرة التبرع بالاعضاء؟
? بشار: كل يوم يقوم الاطباء بمحاولات لانقاذ حياة مئات المرضى ممن ينتظرون على لوائح طويلة للحصول على اعضاء تعطيهم املا في حياة جديدة بعيدا عن خطر الموت، لكن المطلوب المزيد من التبرع من اجل انقاذ حياة الذين ينتظرون "رنة الجرس" بفارغ الصبر وكثيرا من الامل. والحقيقة المؤسفة ان كثيرا من المرضى خسروا حياتهم وهم ينتظرون.
اريد ان اقول ان مشاعر الحب الصادق التي رأيتها في عيون شقيقة المتبرع الذي احمل الان كبده لا يمكن وصفها، انها مشاعر الحزن المجبول بالامل والمحفور على وجهها، رحمه الله واسكنه فسيح جناته، قد انقذت حياة خمسة من المرضى الذين كانوا قد فقدوا الامل في الحياة وهم ينتظرون "رنة جرس" الانقاذ، وانا واحد منهم.
وعبر هذا الموقع "عمون" الذي يجمع الناس من كل انحاء العالم.. اتوجه الى الاردنيين الاحباء ان يؤمنوا بمبدأ التبرع بالاعضاء... وانه يبادروا الى المساهمة في انقاذ حياة المرضى الذين هم بحاجة الى اجمل هدية للحياة...!
? عمون: عمون: تمنياتنا لك بالصحة الدائمة ونأمل ان تقضي اجازة ممتعة في الوطن الحبيب الاردن.
? بشار: شكرا لك يااخي وليم وشكرا لعمون والقائمين عليها الاساتذة سمير الحياري وباسل العكور والكاتب المبدع فايز الفايز.
Williams@myacc.org