facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التربية الوطنية في ثوب جديد


القاضي الدكتور جمال التميمي
23-01-2016 12:52 PM

يؤرقني جرد حساب لأيام كثيرة مضت تتكرر احداثها وتتواصل جرحا نازفا الهدف منها ليس البكاء والحزن على من مات بقدر ماهو تشخيص لمرض عضال استشرى في جسد الامة أجد من الواجب علينا بيان أسبابه ودوافعه ومسبباته علنا نصل إلى علاجه واستئصاله.

رصاص يطلق هنا وهناك بسبب خلاف بسيط أو نزاع لايرقى إلى حد التصورات الخاطئة لمستقبل مظلم يائس لا يتخلله امل عندما يغيب العقل وتسيطر العاطفة والسلوكيات العدوانية ليحل الرصاص والنار بدل الحكمة ونير الأفكار وهنا يظهر بوضوح حاجتنا الماسة والملحة لتشخيص الحالة وما آل إليه حالنا في زمان أصبح فيه الوطن محجا لكل محتاج.

وأصبح كذلك بيتا لكل من هدم بيته، وأسرة لكل من شردت أسرته. في العام الذي مضى كانت الساحة ساحة حرب في دول الجوار وقتل واستباحة دماء واموال واستقطاب الأعداء من كل مكان للعبث بكرامة الانسان والقاتل يقول الله أكبر والمقتول ينطبق بأن لا إله إلا الله فهل أمر الله بالقتل وسفك الدماء!. يعاد في الوطن العربي استنساخ شريعة الغاب بشكل أشد بؤسا وعنفا.

في الوطن العربي نعيد إنتاج البؤس والعنف بسبب التعدي على الهوية والبحث عن هويات خارج الحدود ترتبط بالاعتقاد فما أصعب أن تكون في وطنك بلا هوية أو تحت وصاية خارجية ومازال بعض انصاف المثقفين يقولون نعم للمجرم ونعم لدحر الإمبريالية وهل البراميل المتفجرة التي تنثر الأشلاء هناك تدحر إمبريالة أم تدحر كرامة وطن وتدحر هوية.

فما هي الحلول أمام هذا الواقع المؤلم وكيف لنا أن نخرج منه بلا بناء الدولة العربية على أسس عصرية عنوانها العدل واحترام الهوية ونشر الوعي ليكون ركيزة للسلم الاجتماعي.

أما الجرائم الداخلية التي تتعلق بإزهاق الأرواح فهل يكفي في مواجهتها سرعة القبض على القاتل أم أنها تقتضي مراجعة شاملة للأفكار والسلوك وإعادة بناء ثقافة قانونية وتحفيز قيم التسامح لمحاربة انتشار العدوانية فالمصالح معتبرة في التشريع حيث يقول ابن العربي : "لم يفهم الشريعة من لم يحكم بالمصلحة " وهل هناك مصلحة أكثر من حاجتنا لاحترام إنسانية الإنسان في عالم أصبح فيه الوطن هو بيت الأمان وأصبحت الأوطان الآمنة مصدر اعتزاز وافتخار وأصبحت حدود الأوطان هي السياج للبناء وتحفيز العطاء .

والمسؤولية تقع على رجالات الدولة لاستنهاض همم مثقفيها ومستنيريها لطرح مسألة في غاية الأهمية تتمثل في تحقيق الأمن المجتمعي وما يتبعه من أمن غذائي وفكري وتحقيق أدنى طموح للشباب يتمثل في حمايتهم من افتراس البطالة لأفكارهم وتحويلهم الى جيوش عاطلة عن العمل يسهل خداعهم ورسم صورة مستقبل لهم خارج الوطن أو بالخروج عليه.

ثم معالجة اتساع الفروقات بين الغني والفقير لتضييق فجوة التطرف والعنف التي تتولد من التذمر المستمر من الفرد بسبب السياسات الاقتصادية المتبعة وهذا كيف يكون بلا تكامل عربي على الأقل مع دول الجوار فالانهيار في الشَمال يولد تصدعا في الجنوب فمهمة الأمن الوطني لايمكن أن تتحقق دون أمن دول الجوار ولا يمكن لأي بلد عربي أن يحقق ذلك بمعزل عن الآخر فنحن أمام خطر انهيار الدولة الوطنية العربية ولن نستطيع الصمود إن لم يكن همنا الاول الحفاظ على الدولة الوطنية .

باختصار نحن بأمس الحاجة لرؤية شاملة لا تتخذ موقفا متحيزا تجاه المفاهيم والافكار لكن من يبني الرؤية وكيف يتم البناء في وقت مازلنا نتدارس مناهج تربيتنا الوطنية كما نقرأ قصة ألف ليلة وليلة وكما تسرد جداتنا الحكايات؟

كذلك الوعي بحجم التحديات والمخاطر التي تمر بها البلاد من مديونية وتحد أمني حيث الآلآف تتدفق على الحدود منهم المحتاج ومنهم المتحفز للقفز على المنجز الوطني فلم يعد التحدي الأمني سرا لذا نحن بحاجة اليوم لرؤية ثاقبة ووعي عميق ونقد حكيم فالمسألة أكبر من خطأ لمسؤول أو تصريح غير مسؤول ؛ المسألة تتعلق بالوجود والمهم لايقدم على الأهم والضرورات تبيح المحضورات فضرورة حماية الوطن تتقدم على غيرها من الضرورات لأن الوطن يعني حرية المعتقد وحماية الروح والعرض والمال فهو الحاضن للضروريات والحاجيات والتحسينات.

وكيف يتم كل ذلك في ظل غياب بوصلة واحدة تُعنى بالتربية الوطنية وتمتلك رؤيا استشرافية تغلق مصادر الخوف والقلق وتفتح طريق الحرية وازقة التفكير نحو الاعتدال في التعبير والاعتدال في الميول وتحترم انسانية الإنسان وتبني على المنجز الوطني محترمة النقد البناء لكنها لا تسمح بالتجني والاستقواء فمنظومة تربية وطنية عصرية مرتكزة على بعد تاريخي كفيلة بتغيير البوصلة من مراقبة الغروب الى كبد السماء, فالتلقين والحفظ الأصم لقيمنا الوطنية وإن كان مهما لكننا بحاجة لربط كل ذلك بما يدور حولنا لرسم ملامح المستقبل فالوطن لا يعني أن تعيش أنت في أمن بقدر ما يعني أن تعطي للأجيال القادمة مصدر البقاء وأن تعطي لمن يأتي بعدك قيمة مهمة وهي قيمة العطاء.

فكل منا قرأ عن الحرب العالمية الاولى والثانية وعن تاريخ أوروبا واكتشاف أمريكا لكننا بأمس الحاجة الآن لأن نعيد القراءة من جديد لربط التاريخ بهذا الحاضر المؤلم ولربط هذا الحاضر بكيف يكون المستقبل , وهي صرخة للخروج من ثوب التلقين الى فضاء الاكتشاف , فالدول التي حققت الرخاء لشعوبها هي تلك الدول القادرة على صهر الجميع في خندق واحد دون إغلاق أبواب التفكير وأصبحت هذه الدول تحارب عدوا ممكن أن يتشكل في المستقبل حيث تفكر القيادات هناك بشكل مستقبل الشعوب فهم يصنعون التربية الوطنية على أنقاض جراحات الآخرين مستغلين حالة الضعف والتشرذم والتفكك والضياع التي يعيشها الآخرون.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :