facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قوة الإشاعة


د. رلى الفرا الحروب
02-07-2008 03:00 AM

ليس الأردنيون وحدهم من يهوون الإشاعات. للإشاعة قوة مذهلة تتجاوز الحدود والأعراق، وتتفوق على الحقائق في كثير من الأحيان.لماذا يهوى البشر الإشاعة؟ لأنها أكثر إثارة من الحقيقة.

في تقرير ذكي وطريف نشرته الواشنطن بوست بالأمس عن تأثير الإشاعة على فرص أوباما في الوصول إلى البيت الأبيض نقل الصحفي إيلي سازلو صورة تستثير التأمل عن قوة الإشاعة في مدينة فيندلي الواقعة في ولاية اوهايو والملقبة بمدينة العلم نظرا لوطنية سكانها الذين يمثلون نمطا نموذجيا للطبقة البيضاء المتوسطة العاملة القادمة من الغرب الأوسط والتي تعتبر نفسها المدافعة عن القيم الأمريكية والممثلة الشرعية للهوية الأمريكية.

في مدينة العلم تلك يروي لنا سازلو قصصا مثيرة عن سكان شارع "الكلية" الذين يؤلفون الإشاعات حول أوباما ويصدقونها لتنتشر بينهم كما النار في الهشيم دونما أي فرصة للحقيقة التي تجد نفسها مطرودة ومعزولة في تلك البلدة.

السكان النمطيون البيض في المدينة البيضاء (93% من سكانها بيض) يأبون إلا أن يصدقوا أن أوباما مسلم متطرف ولد في أفريقيا ويكره الهوية الأمريكية ويرفض قسم الولاء للعلم الأمريكي بل ويزعمون أنه رفض من قبل ارتداء دبوس يحمل العلم الأمريكي.

سكان شارع الكلية موطن الإشاعات ضد أوباما في تلك البلدة نموذج للأمريكي الأبيض المتقدم في العمر الذي لم يغادر بلدته طيلة حياته والذي يخشى التغيير ويحاربه.

مروجو الإشاعات ضد أوباما ومعتنقوها أعمارهم جميعهم فوق السبعين ويتبادلون علاقات حميمة مع بعضهم البعض فقد ساعدوا في تربية أبنائهم وأحفادهم وتعاونوا في مواطن الشدة وهم يعتبرون أنفسهم مصادر أكثر مصداقية للأخبار من نشرات الأخبار والكتب والصحف وطلاب جامعة فيندلي الذين يقومون بحملات كل ليلة ثلاثاء لنشر الحقيقة عن أوباما لاستبدال الشائعات.

في بلدة فيندلي يعلن أولئك الأمريكيون البيض الذين لم يغادروا مدينتهم قط ويغرسون الأعلام الأمريكية بفخر أمام منازلهم وفي حياتهم التي يعتبرونها مثالية رفضهم للتغيير وإصرارهم على تصديق الإشاعة بدلا من الحقيقة ويقولون إن أوباما الشاب الأسمر القادم من أفريقيا والذي يحمل شعار التغيير سيجلب أسرته الأفريقية إلى أميركا بشكل غير شرعي لمنحها الجنسية ويعتقدون بأنه سيؤدي إلى تغيير سلبي في البيت الأبيض ولا يترددون في الإعلان أنهم غير جاهزين لأوباما وأنه يشكل كارثة للسياسة الأمريكية، وعندما يواجهون بالحقائق عن أوباما فإنهم يغلقون الأبواب والنوافذ ويصمون الآذان والعقول ويعلقون قائلين: من نصدق؟ نشرات الأخبار التي يقدمها أناس مجهولون والصحف المليئة بالكذب والتدليس التي تخبرنا أن أوباما مسيحي متسامح ولد في هاواي وله سجل مشرف في الخدمة المدنية أم أصدقاءنا الذين نعرفهم ونحبهم ونحترمهم والذين يخبروننا أن أوباما مسلم راديكالي ولد في أفريقيا ولا يصلح أن يكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية؟!

جماهير هذه الطبقة يمثلون الناخبين المتحمسين لهيلاري كلنتون وجون ماكين لا لشيء إلا لأن كلنتون وماكين يمثلان النموذج السياسي الذي يمكن لتلك الفئة التماهي معه فهما ينتميان إلى العرق الأبيض الأوروبي وهما كبيران في السن وقد أمضيا جل حياتهما في الخدمة العامة أو في الجيش والقواسم المشتركة التي تجمعهم بهما أكبر بكثير مما يجمعهم بأوباما، وهنا تتجلى مشكلة أوباما الرئيسة في الانتخابات القادمة في نوفمبر.

فرق الحقيقة التي شكلها طلاب الجامعة أعلنت فشلها في تحطيم قصور الإشاعات في تلك المدينة، وهي حقيقة تظهرها استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يعتقد أكثر من عشرة بالمائة من الأمريكيين أن أوباما مسلم وأنه يحتقر الهوية الأمريكية وأنه قد تشرب قيمه من قس متعصب يهاجم الأمريكيين.

الإشاعة سلاح إنساني فتاك يمكنه أن يهدم أقوى القلاع ويشوه أعظم الإنجازات ويعيد تشكيل الوعي الجماهيري وفق أسس زائفة تتناقض مع الحقائق تناقض الليل مع النهار، وفي بلادنا، كما في كل مكان، هنالك أناس متخصصون مهمتهم صنع الإشاعة وترويجها وهؤلاء لا يقبعون فقط في الصالونات السياسية ووسائل الإعلام بل في كل زاوية من وطننا، بعضهم يعملون بشكل مبرمج لتحقيق أهداف مدروسة وبعضهم الآخر يمارسون الإشاعة لمجرد الهواية والتسلية على حطام الوطن والشخصيات التي تساهم في بنائه.

هنالك تجربة قديمة في علم النفس تفسر الكيفية التي تنتقل بها الإشاعة وتتضخم ويمكن لأي كان تطبيقها للتأكد من صحتها.

يجلس المشاركون في دائرة ويهمس الأول جملة في أذن الثاني وهكذا دواليك وصولا إلى الشخص الأخير في الدائرة الذي يقوم ويعلن الجملة التي وصلته بصوت عال، فإذا بها شيء مختلف تماما عما همس به الشخص الأول في الدائرة.

هكذا هي الإشاعة ......بعض من حقيقة وكثير من الخيال والأكاذيب التي تكبر وتكبر حتى تصبح عصية على التمحيص، فهل هذا ما نريده لأنفسنا وأبنائنا ووطننا؟

لنحارب الإشاعة ببحثنا عن الحقيقة كي لا نصبح كسكان بلدة فيندلي الذين يقولون بفخر: هل نصدق جيراننا المحترمين الوطنيين الأذكياء الذين جاورونا طيلة خمس وثلاثين عاما أم نصدق نشرة الأخبار؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :