بما يشبه الانقلاب الفجائي توقف العديد من زعماء الدول الاوروبية عن ترديد كلماتهم الترحيبية باللاجئين والتي طالما رددوها في بدايات قدوم هؤلاء اللاجئين من مناطق الصراع المسلح في الشرق الاوسط وعلى الاخص في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها..وكانت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في مقدمة المرحبين يليها كبار المسؤولين في اليونان والسويد وجميعهم اعتبروا ما يحدث للاجئين مأساة إنسانية والاسوأ بعد الحرب العالمية الثانية..

وحسب لهذه الدول الاوروبية وقوفها الطيب مع قضية اللاجئين هذه في حين انتقد الموقف الاميركي والذي لم يعر اي اهتمام بها باعتبارها اعظم دولة في العالم والحجج التي قدمتها واشنطن كثيرة منها انها كانت مشغولة بالملفين الايراني والروسي..

فجأة...

ودون مقدمات تمهيدية انتهى شهر العسل الاوروبي بشأن قضية اللاجئين..المستشارة الالمانية إنجيلا ميركل رفعت عقيرتها بالشكوى منهم معلنة: « بأن لا مكان لأي لاجئ يعادي السامية وإسرائيل «..وانها.. « ستخفض اعداد اللاجئين العام الحالي «..فوق ذلك ووفق الشرطة الالمانية قام مجهولون بإلقاء قنبلة يدوية على إحدى مراكز اللجوء ولم تعرف الجهة التي قامت بهذا الهجوم..!..معلنة الحكومة الالمانية بأن اعمال العنف ضد اللاجئين قد وصلت 173 هجوما في العام 2015 مقابل 28 هجوما العام 2014..!

وفي السويد فرضت الحكومة قيودا جديدة لمنع تدفق اللاجئين الى البلاد..واعلن وزير الداخلية (اندري يجمان ) «ان الحكومة السويدية تستعد لترحيل ما يقارب 80 الفا من اللاجئين الذين دخلوا البلاد..وإن لم يرحلوا طواعية سنقوم بترحيلهم بالقوة«..!

وفي اليونان لوحظ تراجع الاهتمام بعمليات الانقاذ للاجئين، فقد اعلن خفر السواحل اليوناني عن حصيلة جديدة من الغرقى فقد قضى24 لاجئا بعد غرق زورقهم في بحر ايجة منهم 10 اطفال..كما غرق في مكان اخر خمسة صبيان وخمس فتيات كما انقذ عشرة من اللاجئين..من جانبها اتهمت المفوضية العليا للاجئين الحكومة اليونانية بإهمالها لكثير من واجباتها وقد ردت اليونان على هذه الاتهامات قائلة: « إن لهذه المشكلة بعدا تاريخيا وتتطلب عملا جماعيا مشتركا».

كما اعلنت الحكومة النمساوية أنها تنوي تخفيض اعداد اللاجئين القادمين اليها والى النصف في حين اعلنت حكومات اوروبية أخرى انها لن تستقبل اي لاجئ باستثناء الاطفال الذين فقدوا والديهم.. وحذر كتاب في الصحافة الاوروبية من اسلمة اوروبا والتأكيد على نقاء الجنس الاوروبي مذكرين بدخول العثمانيين لبلغراد وفينا والعرب لاسبانيا وكاد عبد الرحمن الغافقي دخول باريس..!

ماذا نقول بعد ماجرى للاجئين السوريين والعراقيين وقبلهم اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم في العالم العربي.. والشرق كله سوى مقولة الشاعر الانجليزي «روديارد كبلنج «: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا..!..

إنها تحمل الكثير من معاني الحقيقة التي لا تقبل التغيير وانها تجسد واقع العلاقات بين الشرق والغرب لا في التقاليد والموروثات الروحية والثقافة فحسب وانما تجسد حالة السياسة المعارضة ايضا، فقد كان الشرق القديم مختلفا عن الغرب القديم وما يزال هذا الاختلاف قائما حتى الان ولن يختلف في المستقبل..!


الرأي