facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نفوذ الكلام !!


خيري منصور
14-02-2016 01:46 AM

في دراسة معمّقة وشيّقة لعالم الانثروبولوجيا بيير كلاستر عن قوة الكلام ونفوذه هناك ملاحظة بالغة الاهمية، نادرا ما تستوقف الناس، هي ان بعض الكلام قد يكون فارغا وعديم المعنى، لكنه يستمد قوته واهميته من المصدر الذي يأتي منه، ومقابل ذلك هناك كلام منطقي وله دلالات تستحق التأمل لا يستوقف احدا لأن مصدره مجهول او لا يحظى بأية مكانة.

ويلخص هذا العالم المعادلة بقوله هناك فارق جوهري وحاسم بين نفوذ الكلام وكلام النفوذ، ولو جرّب احدنا حتى في حياتنا اليومية ان يذكر عبارات ثم ينسبها لمشاهير لوجدت آذانا صاغية، لكنها اذا قيلت بدون ذكر مصدرها تبدو مألوفة وعادية.

ونحن في العالم العربي احوج من غيرنا الى دراسات من هذا النوع كي ندرك كم هي سطوة الاسم او الموقع، وهناك تجربة في هذا السياق اجراها واحد من ابرز النقاد الانجليز هو د . ريتشاردز، تتلخص في انه قدّم لتلامذته مقولات، بعد ان تلاعب باسماء اصحابها، فكانت النتيجة صادمة، حيث فضّل التلاميذ عبارات جوفاء منسوبة الى فلاسفة على عبارات الفلاسفة المنسوبة الى اشخاص عاديين ونكرات.

وفي ثقافتنا العربية تضخّمت وتسرطنت هذه الظاهرة، ولم يعد للكلام اية قيمة اذا كان منسوبا لاناس لا نفوذ لهم ولا مكانة، وربما لهذا السبب كان المتنبي -وهو اشهر شاعر في ديوان العرب- بذل جهده للحصول على ولاية، واعترف في احدى قصائده ان لسانه من الشعراء لكن قلبه من الامراء والسلاطين، فكانت قصائد الهجاء والمديح بالنسبة له ذات هدف واحد هو الحصول على موقع وجاه.

ومن تجليات هذه الظاهرة في ايامنا ان اهم المهن في التاريخ البشري كالكتابة اصبحت مطية لبلوغ وظيفة مما افقد الكثيرين من اصحاب المهنة الكفاءة وتطوير الذات لأن عيونهم على مكان آخر.

وما كان للمقولة المأثورة والخرقاء وهي ان فلانا ادركته مهنة الادب ان تعبر الاجيال لولا ان هناك خللا جذريا في فهم دور الابداع في تطوير المجتمعات والحضارات . والى أن يأتي الوقت الذي نحتكم فيه الى قيمة الكلام من منطقه وتماسكه سنبقى اسرى كلام النّفوذ.

أقول اخيرا ان اول تجربة نقدية في تاريخنا هي ما فعلته زوجة امرىء القيس حين تورطت بذكر اخطاء زوجها فطلّقها على الفور !!.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :