facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كـامـيـرا خفـيـّة


راتب المرعي الدبوش
14-02-2016 02:52 PM

شاعَ في العُقودٍ الثلاثةِ الأخيرة ِ ، وخاصةً بعد انتشارِ ظاهرةِ الفضائياتِ التي مَلأتْ بلادَ العرب - نمطٌ من البرامجِ التلفازيّةِ ، يُسَمّيهِ أهلُهُ وذووهُ بالكاميرا الخفيّة .
وقد جاءتْ فكرةُ هذا النّمَطِ من البرامج نَقْلاً وتقليداً لما تفعلُه بعضُ محطاتِ التلفزةِ في الغرب . غيرَ أنّ الأصلَ الغربيّ ، سواء كان أوروبياً ، أو أمريكياً - مختلفٌ جداً عن الفَهْمِ المُشَوّهِ ، والمَغْلُوطِ الذي نقلتْهُ، أو تَمَثّلَتْهُ محطّاتُ التلفزةِ العربية .
تتصفُ برامجُ الكاميرا الخفيّةِ الأوروبيةُ والأمريكيةُ بما يُمْكِنُ أنْ نُسمّيَه (خفّةَ الدم ) . ويتميّـزُ القائمون على إنتاجِها بقُدْرتهم الفائقةِ على ابتكارِ العديدِ من المواقفِ الطريفة، والظريفة .
وهي مواقفُ لا تستدْعي ممّن يتعرضُ لها أكثرَ من ابتسامةٍ عَفْويَةٍ وطبيعية، بعيدةٍ عن التكلّفِ والتّصنّع؛ وذلك لسرعةِ اكتشافهِ سِرَّ الفكاهةِ في الموقف، ما يجعلُه يتعاملُ معه كموقفٍ عابرٍ، ومُسَلٍّ في آنٍ معاً.
أمّا ما يُسمّى ببرامجِ الكاميرا الخفيةِ في ( بلاد العُربِ أوطاني)، فهي لا تتعدّى وَضْعَ الطرَفِ المُستهدَفِ في موقفٍ مثيرٍ للأعصاب، باعثٍ على التوتّر، دافعٍ إلى إنهاءِ الموقفِ بمشروعِ مشاجرةٍ كبيرة. هذا إذا كان المُسْتَهْدَفُ من ذلك النوعِ الذي يمكنُ أنْ يثورَ ، وأنْ يلجأ إلى العنفِ ، واستخدام القوةِ للرّدع . أمّا
إذا لمْ يكنْ كذلك، لسببٍ أو لآخرَ، فهو في موقفٍ لا يُحْسَدُ عليه من الشّعورِ بالحَرَج ، وامتهانِ الكرامة.
وممّا يُميّزُ برامجَ الكاميرا الخفيّةِ عند الغربيين - أنها تُعرّضُ للموقفِ مجموعاتٍ من الناسِ في الوقتِ نفسِه، أو بشكلٍ متتابعٍ وسريع.
فهي لا تقصدُ فرداً مُحَدّداً بعينِه، ولا تُشْعِرُهُ بأنّه هو المقصود، ولا تـُخَطّطُ للإيقاعِ بفردٍ ما ؛ لأنّه هو بالذات ، ولا تُوحي بأيّ انطباعٍ ، يشير إلى أنّ في الأمرِ ما يُمكنُ تسميتُه بسبْقِ الإصرارِ والترصّد.
أما برامجُ الكاميرا الخفيةِ العربيةُ، فتستهدفُ، في العادةِ، فرداً واحداً، أو فرديْن معاً، بصورةٍ انتقائيةٍ تجعل من هذه البرامجِ أبعدَ ما تكونُ عن الذوقِ، وخفّةِ الدم. وتُحوّلُها إلى نوعٍ من (جَهْدِ البَلاءِ ) الذي يُسْتعاذُ منه.
ومن هنا ، فإنّ الموقفَ كثيراً ما يستدعي ألفاظاً خشنةً ، وتعبيراتٍ نابيةً ، وشتائمَ قاسيةً ، بل لجوءاً إلى الشّروعِ باستخدامِ العنفِ من قِبَلِ المُستهدَفِ الضحيّة ، لولا أن القائمَ على افتعالِ الموقفِ يبادرُ إلى الهَرَبِ ، مما يوشِكُ أن يتعرضَ له، وذلك بالتوسّلِ إلى المُستهدَفِ الضحيةِ أنْ ينظرَ معَه إلى حيثُ يُشير ... إلى الكاميرا المنـزويةِ في طَرَفٍ خفيّ ؛ ليصحوَ المستهدفُ الضحيةُ من هذا الكابوسِ المزعجِ الغليظِ الذي أثارَ أعصابَه إلى حدّ التفكيرِ بارتكابِ جريمة ، ولينتهيَ المشهدُ إمّا بإخفاءِ المستهدَفِ العربيّ وجهَه ؛ خجلاً من انفعالِه وتوترِه ( مع أنه مَعْذور ) ، أو باحتضانٍ مُفْتَعَلٍ وسَمِجٍ بين الطرفين ، لسانُ حالِ المُستهدَفِ فيه يقولُ لفريقِ البرنامج، ما لا أريدُ أنْ أتلفّظَ به.
***
أعتقدُ أنّ على المتعاملينَ ببرامجِ الكاميرا الخفيّةِ العربيةِ أن
يُدركوا أنّ هذا النمطَ من البرامجِ ،ليس مجردَ نوعٍ من"التخويثات" ، أو " العَبَاطةِ " أو " التّغابي"، يُمارسونَه كيفما اتّفق؛ لأنّ المتعةَ المَنْشودةَ ليست استمتاعَ الكاميرا والقائمينَ عليها بحالةِ الإرباكِ التي تصيبُ المواطنَ العربيَ في هذا الموقفِ المفتعلِ ، أو ذاك . بل إنّ المتعةَ الحقيقيةَ، هي متعةُ المُشاهِدِ بذكاءِ الكاميرا، وذكاءِ القائمينَ عليها، في ابتكارِ موقفٍ طريفٍ ما، لرصْدِ ردةِ الفعلِ السريعةِ والعفوية. أقولُ السريعةَ والعفوية ، لمن يمرّ بذلك الموقف.
ومعروفٌ أنّ المُشاهِدَ، وهو يشاهدُ التلفازَ في بيتِه، يضعُ نفسَه دائماً في موقعِ المستهدَف، بمعنى أنه لا يحبُ أن يكونَ موضوعاً لتلاعبِ القائمين على الكاميرا بهِ، بهذا الشكلِ الفجّ والغليظِ، البعيدِ عن الذوقِ والكياسة.
***
ونقطةٌ أخرى، لا بدّ من الإشارةِ إليها في معرضِ التباينِ بين الفهمِ الغربيِّ لبرامجِ الكاميرا الخفيةِ ، وفهمِنا العربيّ لها . وتتمثلُ هذه النقطةُ في المِساحةِ الزمنيةِ التي تستغرقُها اللقطةُ أو مجموعةُ اللقطاتِ التي تشكلُ نسيجَ البرنامج .
صحيحٌ أنّ عدداً غيرَ قليلٍ من الناسِ يمرّون بالموقفِ الذي تصطنعُه الكاميرا الغربية، ولكنّه موقفٌ لا يعيقُ أياً منهم، ولا يُعَطّلُه، ولا يُوقِعُه في مأزِق، ولا يُشْعِرُه بحرجٍ أو ضيق؛ لأنّ أياً منهم لا يَشعرُ أنه هو المُستهدَفُ شخصياً، ولأنّ كلّ فردٍ من هؤلاء لا يتعرضُ للموقفِ أكثرَ من ثوانٍ معدودات .
أما في الكاميرا الخفيةِ في بلادِ بني يعرب ، فالموقفُ يكادُ يكون كتغريبةِ بني هلال ، في طوله ، وتداخلاته ، وكالوقوع في
شجرة (علّيق ) أذى وألماً وتورّطاً .
شاهدوا برامجَ الكاميرا الخفيةِ التي ينتجُها الغرب : أوروبا وأمريكا ، ثم شاهدوا ما يُنتِجُه بنو قومِنا منها ، ولاحظوا الفرق . وهو فرقٌ هائلٌ وكبير .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :