facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المجلس الاقتصادي - الاجتماعي: هل يكون برلمان المجتمع المدني؟


باتر محمد وردم
29-03-2007 02:00 AM

تعمل الحكومة حاليا على إنشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأردن كأحد أدوات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وربما السياسي أيضا ، وهذه الفكرة هي محاولة للتمثل ببعض الدول الأوروبية التي تعتمد نظام الديمقراطية الاجتماعية ودولة الرفاه في إنشاء مجالس استشارية تضم ممثلين عن العمال والمجتمع المدني والنقاباتهذه الفكرة في جوهرها ممتازة ولكن هناك الكثير من الحذر لدينا في الأردن بسبب تجارب سابقة كثيرة في تحويل أفكار خلاقة ومبدعة إلى واقع محبط ومؤسف. المجلس الاقتصادي - الاجتماعي يمثل على الورق منبرا للشركاء المدنيين في صناعة القرار الاقتصادي والاجتماعي للمشاركة في اتخاذ قرار يضع في عين الاعتبار المصلحة المشتركة لهذه القوى وفي جو من إطار من الشفافية. ولكن في الواقع فإن الكثير سوف يعتمد على كيفية تحويل الفكرة إلى واقع من خلال الإجراءات العملية لإنشاء المجلس وتحديد مهامه وآليات عمله وعضويته.
إذا انتهى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لأن يضم في عضويته 5 وزراء سابقين و5 مدراء لشركات عامة وخاصة وغاب عن عضويته النقابات والعمال والمجتمع المدني فإن هذه الفكرة ستتحول مرة أخرى إلى جسم بيروقراطي يشكل عبئا على الدولة وعلى المجتمع.
الأردن بحاجة ماسة إلى مجلس اقتصادي اجتماعي بمثابة مجموعة مستشارين من أفضل العقول والخبرات التنموية المحلية ليساهموا في إرشاد الحكومة لتطوير خططها وسياساتها في مجالات الاقتصاد والتنمية بما يكفل حماية الحقوق المشتركة لقطاعات الإنتاج والاستهلاك أيضا ، والحرص على توفير نسبة عالية من العدالة الاجتماعية ، وهي كما اسلفنا فكرة نشأت في النظم الأوروبية الديمقراطية الاجتماعية وقد تطورت الآن في دول أوروبا الشرقية بعد خروجها من الشمولية الشيوعية وتمثل شكلا هاما من التشاركية في اتخاذ القرار فقط في حال كانت لهذا المجلس قوة استشارية مؤثرة وليس مجرد ديكور آخر للإصلاح يتم عرضه في سياق تقييم التجربة الإصلاحية الأردنية ، أيا كانت هذه التجربة.
السياسات الاقتصادية التي نفذها الأردن في السنوات العشر الماضية على وجه الخصوص كانت تمثل وصفات ليبرالية اقتصادية دولية ، تتعاطى بقلة اهتمام مع الأولويات الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة ، وربما كانت في وقت ما البديل الوحيد في ظل اقتصاد عولمي منفتح وتراجع في الإنتاج المحلي ولكن في الفترة الأخيرة ارتفعت نسبة النمو في الأردن إلى حوالي 6% مما يعني أن الأردن اجتاز المرحلة الصعبة وباتت الحاجة ماسة إلى إحداث تبديل في العقيدة الاقتصادية الليبرالية لصالح برنامج جديد رفيق بالطبقات الوسطى والفقيرة. المجالس الاقتصادية والاجتماعية في أوروبا ومنها إسبانيا التي يزور وفد مجلسها الأردن حاليا تضم ممثلين عن النقابات المهنية والعمالية والمجتمع المدني والقطاعات الإنتاجية المدنية ، ومهمتها هي تقديم المشورة في ما يتعلق بالتشريعات والسياسات الحكومية قبل إقرارها من قبل الحكومة ، وقبل مناقشتها في مجلس النواب أيضا. هذا المجلس قد يساهم في تصويب بعض مشاريع القوانين إذا تم تشكيل المجلس بطريقة تعكس ايضا مصالح الطبقات الاجتماعية ولكن دوره سيكون محدودا في عملية صياغة التشريعات والتي تبقى مرهونة بمجلس النواب والأعيان ، وفي تجربتنا الأردنية القريبة عرفنا تماما بأن مجلس نواب قانون الصوت الواحد قادر على تدمير وإقصاء كل الروح التقدمية والإصلاحية التي يمكن أن تتضمنها التشريعات.
وفي هذا السياق يمكن ان يكون دور المجلس أكثر أهمية في السياسات الحكومية وخطط العمل ، والتي تمر في دائرة التخطيط والتنفيذ بدون أن تمر على مجلس النواب. في دائرة فعالة من الخبراء الحكوميين والمجلس الاقتصادي الاجتماعي يمكن ضمان تطوير منظومة سياسات متوافقة مع الطموحات الاقتصادية للمجتمع الأردني وقطاعاته الإنتاجية ، وهي السياسات التي يفترض أن تظهر في الموازنات العامة وفي خطط واستراتيجيات الوزارات والمؤسسات العامة.
قد يمثل المجلس الاقتصادي الاجتماعي برلمانا موازيا يمثل المجتمع المدني الحقيقي في الأردن مثل النقابات والمنظمات الاجتماعية وهذا سيكون إضافة نوعية هامة لطريقة اتخاذ القرار في الأردن ، فهذه القطاعات بقيت في كثير من الأحيان مغيبة عن مناقشة القوانين والسياسات ، حيث لم يتمكن مجلس النواب الذي يتكون من مجموعة أفراد يمثلون مصالح محلية ضيقة من تأطير الدفاع عن المصالح الاجتماعية في الأردن.
في الوضع النموذجي المطبق دوليا يمكن إصدار قانون خاص لإنشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي كمؤسسة وطنية مستقلة ماليا وإداريا (مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان) وتحديد عضويته بخبراء مشهود لهم في كافة قطاعات التنمية مثل مكافحة الفقر والبطالة والصحة والزراعة والمرأة والشباب والبيئة والتنمية المحلية والمياه والطاقة والسكان ، يمثلون النقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني المختصة والمؤسسات الخيرية والاتحادات الاجتماعية.
يقوم هذا المجلس بمناقشة ومراجعة سياسات وقوانين الدولة التي تعدها الحكومة ويقدمون رأيا استشاريا حولها.
هذا الرأي قد لا يكون ملزما للحكومة ولكنه يمثل ويوثق رأي المجتمع المدني بحيث تكون له قوة أخلاقية اجتماعية من المفترض أن تأخذها الحكومات بعين الإعتبار.
يقوم المجلس أيضا بتقديم توصيات للحكومة مبنية على دراسات قطاعية لأولويات التنمية ويشكل نوعا من "خلية تفكير اقتصادية اجتماعية" مستقلة ولكن قيمة المجلس المضافة يجب أن تكون دائما صلاحية تمثيله للمجتمع المدني وقطاعات الإنتاج والاستهلاك والتنمية المحلية المختلفة عن الحكومة والقطاع الخاص والتي تملك عدة أدوات للتأثير على الرأي.
هناك الكثير من الأبعاد الإيجابية لفكرة إنشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي ولكن من المؤمل أن يتم إنتاج هذا المجلس بطريقة صحيحة تجعله ممثلا لمصالح قوى المجتمع المدني وليس إطارا آخر مفرغا من التأثير والمصداقية كما حدث في الكثير من الأفكار النبيلة التي فقدت مصداقيتها عند الولادة مباشرة،





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :