facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين تلفزيون عتيق، وخبرة معتقة


عارف البطوش
29-03-2007 02:00 AM

أيام كان التلفزيون الأردني إجباريا يقحمنا عنوة أو غير عنوة في ما يريد وما لا نريد ..... أيام كان ينهي بثه حين ينتصف الليل على اعتبار أننا أفرطنا في السهرو قد بالغنا في عد النجوم وأن الزمن كله يتوقف عند هذه الساعة الموغلة في الخطورة.
في تلك الأيام الخوالي حين كانت الدائرة المزركشة بألوان قوس قزح تطل فجأة كإ نذار ثقيل الظل بوجوب التوجه الى فراشنا قبل أن تبتدأ سمفونية الطنين التي تبتدأ بحرف الشين ثم ينتصفها ثم تنتهي به فيتوتر كياننا العصبي كله من أخمص أقدامنا الى فروات رؤوسنا.

في تلك الأيام كنا ربع نتفهم ذلك لسببين بسيطين أولهما أن لا بديل،... و ثانيهما أن لا بديل.

حين كانت نشرة الأخبار تؤكد بأن الوطن قد حقق نموا أقتصاديا هذا العام بنسبة كذا ، كنت أعتقد بأنهم يتحدثون عن وطن آخر فلا مؤشرات لهذا النمو في قريتنا التي لا ينمو بها شيئا سوى الفقروالفقراء ، إلا إذا كانوا يقصدون بالوطن كل الوطن ما عدا قريتنا.

في تلك الأيام كنا ثلث نتفهم ذلك.

وحين كان الحاج مازن القبج بصوته الأبوي الحنون يعلمنا للمرة الأولى بعد الألف كيف نقلم أشجارنا وشجيراتنا وكيف نجعل من حصاد القمح هذا العام حصادا وفيرا ، كنت أعتقد بأننا سلة خبز العالم وأن لا علاقة بين هطول الغيث وغزارة الإنتاج ، وأن ما يقال عن العلاقة بين الماء والزرع مجرد نظريات علميه بائدة ثبت فيما بعد بأنها عارية عن الصحة.

في تلك الأيام، كنا نصف نتفهم ذلك.

أما برنامج الصحة والحياة الذي كان يبتدأ بموسيقى تصويرية لا تبعث لا على الصحة ولا على الحياة، ثم ينتقل من الموضوع الطبي البحت الذي يناقشه، الى التحدث عن أوضاعنا الصحية في ظل الرفاه الصحي الذي تقدمه الحكومة للأردنيين ، كنت أعتقد أيضا بأن قريتنا غير مشمولة بهذا الكلام الكبير فالتمرجي "عودة الله" - رحمه الله - كان يغلي الحقنة المعدنية الوحيدة في شبه العيادة الوحيدة، لعشرات المرات قبل اهتراء الحقنة وإناء الغلي ويديه أيضا.

في تلك الأيام كنا نتفهم ذلك.

أجمل ما في تلك الأيام كان المخلوقات الكرتونية وخصوصا (عدنان ولينا) فصديقي عبسي كان يشفي غليلي من أولئك الأرهابيين الذي يتربصون بلينا شرا.... ليس سرا بأن عبسي كان يشفي غليلي من التلفزيون الأردني كله.

في تلك الأيام العجاف كنا نتفهم ذلك ونصْف ، إذ لا بد مما ليس منه بد.

أما اليوم في الزمن الفضائي المكثف، ومقاهي الأنترنت، فإنني لا أفهم ولا أتفهم ولا أريد أن أتفهم ، و سأقنع كل من حولي بإن لا يفهموا و لا يتفهموا لماذا يصر التلفزيون الأردني على المضي قدما بالإستخفاف بعقولنا وإهانة أذواقنا وطردنا من فضاء الوطن الأجمل الى فضاءات أرحب بحثا عمن يحترم أدمغتنا و يصدقنا القول .

كم هو محزن بإن يتحول تلفزيون الوطن الى مجرد قناة عتيقة يلمحها الأردنيون لمحا فقط أثناء رحلة تنقل الريموت في الفضاءات التي تعرف إداراتها جيدا بإن العالم كل العالم أصبح أصغر حجما من زقاق ضيق في قرية أضيق.

كم هو مؤلم أن تهجرنا إدارات بلا رؤيا تركت النظر الى ما وراء الأفق فأغرقت نفسها في رمال التفاصيل المتحركة فهاجرنا الى ما وراء وراء الأفق وقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل.

كم يغث الروح أن رؤية القائمين على تلفزيون الوطن لا تتجاوز غرة أدنى غصن على أقصر
و أقرب شجرة لمبنى التلفزيون في حديقته.

كم يثير السخرية أن تلفزيوننا في مرحلة ما قبل الفضائيات ورغم كل ما سردته عنه من تقرحات كان أكثر ألقا وبهاء من تلفزيوننا اليوم رغم كل ما يسرده القائمون علية من نجاحات مزعومة،فالرعيل الأول كان يعمل بالحد الأدنى من أدوات العمل ومتطلباته.

كم هو مضحك حتى تبين النواجذ أن إستراتيجية التلفزيون الأردني ما تزال بالأبيض والأسود هذا إن كان هناك من استراتيجية أصلا.


_mowaten@yahoo.commowaten





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :