facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خوّ .. طريق العسكر إلى القلب


د. محمد عبدالكريم الزيود
02-06-2016 04:29 PM

في إحدى الصباحاتِ والندّى يسيلُ على الزجاج .. وقفتُ على الإشارة الضؤية، وصوت الوكيل يغطي على إزعاج المركبات الصباحي .. إصطفتْ بجانبي فتاة وشعرها كضمة ياسمين وفتحتْ الشباك .. سألتني ذات القميص الخاكي : هل هناك طريق آخر لأجتاز هذه الإشارة .. قلت لها : هل طريقكِ إلى ( خو)..!؟ وخفضتُ من أغنية وطنية صدحتْ بها الإذاعة .. أومأتْ برأسها لي ، فأكملتُ : كلّا .. لا طريق إلى خوّ إلّا من هنا ...
في خوّ مساحات من الصحاري المقفرة إلا من يسكنها من العسكر فنشروا فيها الدفئ والأنس والحياة ، ومع نسماتِ الفجر تصدح ميادينها بصوتهم وأناشيدهم وقت " الرياضة الصباحية" ، فترتفع معنوياتك وأنت تسير سائقا مع الطريق فتمتلئ نشوةً بهم ، وتودُّ أن تلتحق بالطوابير وتركض معهم وتمسح عرقهم وتقول لهم : يعطيكم العافية .
في خوّ أول أيام العسكرية وهم يعبرون " مدرسة التدريب" ، ويسجلون أسمائهم " نشامى " في دفتر الوطن ، ومشاريع " شهداء" فداء لترابه .. يلبسون " الفوتيك" ويتغنى أهلهم بالولد الذي إلتحق بالجيش ، وتزغرد الصبايا اللواتي ما زال درب العسكرية يخطف قلوبهن : "ولفي شاري الموت ولابس عسكري" ... ويزهو بالشعار الذي يعتلي " البوريه" ويبدأ بالصعود ذاك الفتى أول مدارج الرجولة .
في خوّ جنود على أبراج المعسكرات ، لا يضيرهم صيفها بحرّارته العالية ولا في الشتاء في برده وزمهريره ، يسابقون الندى وهم ثابتون ترقب عيونهم فلا يزورها النوم إلّا قليلا ، فتحمد الله أن هؤلاء الفتية قابضون على جمر تعبهم ، وعلى زناد بنادقهم ، مخافة أن تسهى حدقاتهم عن كائن من كان أن يمسّ عمّان وأخواتها.
من خوّ إنطلقت جحافل الكتائب والألوية إلى فلسطين وأعتلى صهوات الدبابات الجنود وهم يتناوبون " الحداء" فرحين بنصرة الأقصى فمنهم من عاد مجروح الفؤاد ومنهم من غادر إلى ربه راضيا شهيدا وسكن جارا للقدس وباب الواد ووادي التفاح والشيخ جراح .
في خوّ "السماء أقرب إلى الله" فهناك يصعد الشهداء وتعرج أرواحهم راضية مرضية جرّاء حادث تدريب أو تمرين على قتال .. ففي ميادينها يختلط البارود بالدم ، وفي سمائها تسمع هدير الطائرات وهي تتقن قنص الأعداء وصيدهم .. ومن هناك تدرّب "معاذ" كيف يلاحق فلول الأوباش بلا خوف .. ومن هناك إنطلق " راشد" وصحبه من الفتية المؤمنين نحو هدفهم ليباغتوا أعداء الحياة ولم تخذله الشجاعة ولكن الرصاص خذله فأسلم الروح مبتسما شهيدا إلى الله فجرا .
في خوّ ينتظر العسكر على جانب الطريق ، وقد أخذوا " إجازة" ، وينتظرون سيارة ليذهبوا لمشاهدة أم تنتظر طلّتهم بعد غياب ، أو زوجة ترقب الطريق كل مساء ، وقلوبهم تسبق خطاهم ، أو ابنة طلبتْ من أبيها " بكلة " شعر أو دفتر رسم .. راجعون وحاملون بقلوبهم الأماني والطمأنينة والسلام .
خوّ كالقلب تمرّ به كل الطرق إلى الوطن .. فرشوه العسكر تعبا وعرقا ودما .. خوّ طريق صبايا الجامعة الهاشمية ونشميات الجيش ونشاماه ... خوّ طريق الوطن المورد زهرا وألقا رغم صحراءه الموجعة كل صباح .
عاشتْ خوّ ... عاش العسكر .

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :