facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بوادر ديمقراطية غير مشجعة


سامر حيدر المجالي
12-09-2008 03:00 AM

بعيدا عن اتخاذ موقف يؤيد أحد الطرفين في السجال الذي دارت رحاه بين التيار الوطني وخصومه ، يجدر بنا أن نقف موقفا تقييميا ، يبتعد في هدفه عن نقد تجربة التيار بسلبياتها وايجابياتها ، ويبتعد كذلك عن تقييم فحوى خطاب المنتقدين ودعاواهم ، ليسلك سبيلا يتجه إلى رأس النبع الذي من أجله تُجترحُ التجارب وتُستحدثُ الأفكار ، أي الديمقراطية ، فننظر إلى شكل الخلاف القائم وأسلوب كل طرف في إدارة هذا الخلاف .

عند هذه النقطة بالذات توضع الإدعاءات الديمقراطية على المحك ، وتنبئ الأكمة عما وراءها .

الملاحظ أن الخلاف ومنذ إطلاق صافرة البداية يتجه إلى كسر العظم والإمعان في ذكر المثالب والنقائص ، ففي مقابل الحديث عن جثث جامدة يتم الحديث عن جثث هامدة ، وفي مقابل الاتهام بتطبيق أجندة تتبناها الدولة يتم الاتهام باستيراد أجندة خارجية والعمل على تطبيقها . وفي مقابل الأصنام تتحرك أوثان .

كل هذا وسط حالة من الاستقطاب يرى كل طرف نفسه خلالها مركز اللعبة والحارس الأمين على العملية الديمقراطية والمعبر عن صوت الأغلبية الصامتة . نقضُ الآخر ونفيه هو المسلك الذي يسلكه الديمقراطيون عندنا تعبيرا عن نوازعهم الديمقراطية وتأكيدا على إيمانهم بالتعددية والرأي الآخر !!

وهذا مسلك له جذور راسخة ، وهو السبب الذي من أجله دفعنا أثمانا غالية على طريق التقدم والحضارة دون أن نظفر منهما بشيء ، اللهم إلا بقشور براقة ومسميات خلت من مضمونها . قضية المسميات هذه هي المشكلة الرئيسية ، وهي المفتاح لفهم النوازع التي من أجلها نغرق في تقديسنا للمسميات وتزويقها ، متناسين المضمون والجوهر . الديمقراطية هي واحد من المسميات التي تم اختزالها في عملية اقتراع وصناديق انتخابية ، ولجان مشرفة تُباع وتُشترى ، وناخبين يتفاهمون بلغة ( القناوي ) و( الشباري ) قبل أن يدلي واحدهم بصوته الانتخابي .

تناسينا أو تجاهلنا عن سبق إصرار وترصد أن لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين ، وأن الدواء في غير محله مهلكة ومفسدة . المسميات عندنا وسيلة للتجمل لا أكثر ، ومهرب نريد أن نعوض من خلاله النقص الساكن في أعماقنا وشعورنا بأن العالم في واد ونحن في واد آخر . بل هي أكثر من ذلك ، هي تخل عن الواجبات والأمانة الملقاة على عاتقنا ، وطريقة نضمن من خلالها أن يستمر الركود وتدور عجلة الزمان دون تغيير يذكر .

نعود إلى الخلاف ، ولعل من الأدق أن نستبدل الآن كلمة الخلاف بكلمة الشقاق فهي الأقرب إلى مضمون كلامنا ، فالخلاف محمود والشقاق مذموم ، وما تردي أحوالنا إلا ثمرة رئيسية من ثمار الشقاق الدائم . نقول هنا أن الشكل الذي اتخذه الخلاف فتحول إلى شقاق ومعركة تكسير عظم وفرض مفاهيم مغلوطة ، هو نتاج تاريخي لشقاق طويل وطريقة في الفهم تَدَخَّلَ خلالها لاعبون كثر ، اتبعوا نفس النهج والتكتيك في تعاملهم مع الآخر المختلف .

زمن طويل رأى فيه الإسلامي نفسه الحارس الأمين والأوحد على الشريعة والقيم الأخلاقية ، ورأى الوطني خلاله نفسه حامي حمى الوطن والذاب عن سياجه دون خلق الله أجمعين ، واعتبر اليساري فيه نفسه وبشكل حصري حارس المستضعفين ومحقق أحلام الطبقات الكادحة . عَجِزَ الجميعُ عن التواصل ، فالذي يحتكر الخيرية في هذا الوجود جدير بأن ينبذ الشر الموجود في الآخر ، ثم يعمل على القضاء عليه قضاء مبرما .

ثم يتبجح الجميع بالديمقراطية ويلهثون وراء المسميات ، تماما كما صنعت مسميات أخرى من قبل ثم تم تجريدها من مضمونها . المعركة ولا معركة ، محاربة الاستعمار ونحن أول جنوده ، التنمية والخيرات تنهب ، المجتمع المدني والانقلاب يتلو الانقلاب ، حقوق الإنسان والسجون مكتظة بسجناء لم تعرف التهم الموجهة إليهم ، وأخيرا الديمقراطية ونبذ الآخر وإخراجه من الوجود . الحقيقة ، كان على التيار الوطني أن يحافظ على رباطة جأشه أمام أول نقد يتعرض له ، فضريبة الديمقراطية تكمن هنا ، في سعة الصدر واستيعاب الآخر .

كان على التيار أن يستثمر النقد الذي وجه إليه ليبرهن على ديمقراطيته وترحيبه بالنقد مهما كان حادا وموجها . أما أن يكون لديه هذا الكم من الحساسية ويخوض في تاريخ الآخرين ونواياهم منذ اللحظة الأولى ، فهذه نقطة سوداء تلقي بظلالها على ادعاءات الديمقراطية من أساسها .
Samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :