عمون -تنظم جماعة عمان لحوارات المستقبل مؤتمراً عالمياً حول العرب المسيحيون ودورهم في بناء الحضارة والدولة العربيتين.
ووفق عمان لحوارات المستقبل فإن المؤتمر يأتي في إطار جهود تحصين المجتمع, ضد كل عوامل الفرقه والعنصرية والعصبية, وفي إطار السعي للحفاظ على تماسك مكونات المجتمع العربي وعوامل تقدمه ورقيه وسعياً منها لترسيخ مفهوم المواطنة القائمة على التعددية, وحرية الاختيار وأولها حرية المعتقد, وتأكيداً لمبدء احترام الأديان السماوية وأماكن العبادة.
وقال بلال حسن التل رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل إن المؤتمر يهدف إلى التصدي للغط الذي تصاعد في السنوات الأخيرة, خاصة مع تنامي الفكر التكفيري وتنظيماته في المنطقة حول وجود العرب المسيحيين في المنطقة ودورهم فيها, من خلال سعي المؤتمر إلى التأكيد على أن العرب المسيحيين هم جزء أساسي من النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي للمنطقة.
وقال لا تعارض بين الإسلام وهذه الحقيقة التاريخية الراسخة, التي زادتها متانةً الروابط بين المسلمين والمسيحيين منذ فجر الإسلام حيث تحدث القرآن الكريم كثيراً بالثناء على المسيحيين وهو ما سيخصص المؤتمر إحدى جلساته للحديث عنه تحت عنوان المسيح والمسيحيون في القرآن الكريم, بهدف إبراز المكانة الخاصة التي أفردها القرآن الكريم للسيد المسيح, وأمه السيدة مريم العذراء, وللمسيحيين من حيث أنهم الأقرب مودة للمسلمين, بهدف دحض مقولات التكفيريين والمتعصبين, ومن ثم سلوكهم المشين اتجاه المسيحيين باعتباره سلوكاً يخالف نصوص القرآن.
كما سيتناول المؤتمر المسيح والمسيحيون في السنة والسيرة النبوية, فبالإضافة إلى النص القرآني واحتفائه بالسيد المسيح وأمه السيدة مريم العذراء ومن ثم بالمسيحيين, فإن السيرة والسنة النبويتين احتفيتا قولاً وفعلاً بالمسيح وأمه العذراء مريم وبالمسيحيين, ويكفي التذكير بأن أم ولد سيدنا محمد كانت مسيحية هي السيدة ماريا, وقبل ذلك ومنذ بداية البعثة النبوية, فقد أمر رسول الله صحابته بالهجرة إلى الحبشة وطلب حماية ملك مسيحي هو النجاشي, وكذلك فقد استقبل عليه السلام وفداً من مسيحيي نجران في مسجده بالمدينة المنورة وحاورهم وأحسن وفادتهم, كما كان عليه السلام يوصي جيوشه بعدم التعرض للرهبان في أديرتهم وكنائسهم, وهو ما يسعى المؤتمر إلى التأكيد عليه من خلال إبراز العناية النبوية بالمسيحيين للرد على مقولات التكفيريين.
كما سيتناول المؤتمر دور العرب المسيحيين في الفتوحات الإسلامية منذ غزوة مؤتة وفتح دمشق وصولاً إلى فتح مصر وانتهاءً بمشاركتهم بمقاومة الفرنجة والاستعمار الحديث.
كما سيستعرض المؤتمر دور العرب المسيحيين في بناء الدولة العربية, في كل مراحل التاريخ حيث كان منهم الوزراء وقادة الجيش ورؤوساء الدواوين...الخ, لبيان أن مفهوم المواطنة هو الذي حكم العلاقة بين أبناء الوطن بصرف النظر عن دينهم.
كما سيخصص المؤتمر محوراً للحديث عن الدور الثقافي والأدبي للعرب المسيحيين في التاريخ العربي حيث لعب العرب المسيحيون دوراً هاماً في بناء الثقافة والأدب العربيين في كل مجالات الإبداع الثقافي والأدبي وفي الترجمة على وجه الخصوص, بهدف بيان الوحدة الثقافية للأمة, بالإضافة إلى أن محور من محاور المؤتمر سيتحدث عن دور العرب المسيحيين العلمي في بناء الحضارة العربية حيث برز العرب المسيحيون في المجال العلمي كالطب والعلوم وغيرهما من العلوم مما ساهم في بناء الحضارة العربية وتميزها.
كما سيناقش المؤتمر دور العرب المسيحيين في خدمة اللغة العربية حيث لعب العرب المسيحيون وكنائسهم وأديرتهم دوراً هاماً في خدمة اللغة العربية, التي هي لغة القرآن الكريم وقد برز منهم لغويون أفذاذ, ساهموا في إثراء اللغة العربية وحمايتها.
كما سيناقش المؤتمر دور العرب المسيحيين في القضايا القومية حيث لعب العرب المسيحيون دورا هاماً في كل القضايا القومية ابتداء من مناصرتهم لجيوش الفتح الإسلامي باعتبارها جيوش لتحرير العرب وبلادهم من الحكم الأجنبي, ثم مناصرتهم لكل القضايا العربية وانخراطهم في التصدي للمحتلين على مدار التاريخ, بما في ذلك التتار والصليبيين والاستعمار الأوروبي الحديث, لبيان مشاركة أبناء الأمة في الدفاع عنها بصرف النظر عن دينهم وعلى أساس المواطنة, والمشاركة بالتاريخ والجغرافيا والثقافة.
هذا وستدعى للمشاركة في المؤتمر المرجعيات الإسلامية والمسيحية من مختلف الطوائف والمذاهب ونخبة من المفكرين والكتّاب من العديد من الدول بالإضافة إلى الأكاديميين والبرلمانيين والقيادات النسائية والإعلامية ورجال المال والأعمال من المنطقة وخارجها بحيث يشكل المؤتمر تظاهرة قومية وعالمية لتأكيد مفهوم المواطنة القائمة على المشاركة والحاضنة للجميع.