facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العقائد والانظمه الشموليه


د. عاكف الزعبي
13-04-2017 09:15 PM

" شخص حقير اختلس اموال الدولة واغتصب قاصراً وتجسس لحساب كوريا الجنوبية وفر خوفاً من ان ينال عقابه القانوني على جرائمه " . هكذا وصفت حكومةكوريا الشمالية مواطنها الدبلوماسي الذي ترك عمله في سفارة بلاده في لندن منشقاً عن النظام. اوصاف تعكس تقاليد الأنظمةالشمولية .فمن يخالفها الرأي مرتد ويستحق ان تلصق به شتى التهم.

الوطنية والاخلاق والنزاهة في نظر النظام المستبد في كوريا الشمالية هي كل ما يتيح لعائلة راس النظام التي حكمت البلاد لمدة سبعين عاماً منذ 1948 ان تستمر في حكمها الى ما شاء الله. وفي سبيل ذلك ومن اجله لا يتردد النظام عن اجبار كل دبلوماسي يخدم في الخارج على ترك احد اطفاله في البلاد رهينه تمنع والده ان يفكر في الخروج عن ولائه للنظام .

جميع الانظمة العقائدية انتهت الى الشمولية . وكانت قد بدأت وطنيه مخلصه وقادت بلدانها الى التحرر من الاستعمار ، وساعدت دولاً اخرى على نيل حريتها . لم يكن ثمة شك في نوايا قادتها وغايات عقائدهم الوطنية في تأمين حياة فضلى لشعوبهم بعد استقلالها. لكن اجتهادهم العقيدي في ادارة الدوله لم يلبث ان خذلهم سياسياً وهم يقدمون التنميه ويتجاهلون الحريات السياسيه . وما ان تعثرت سياساتهم التنمويه حتى احست الشعوببانها قد تعرضت للغدر حيث خسرت حرياتهادون ان تحظى بالمكاسب التنمويه الموعوده. وحصل ما لم يكن بالحسبان عندما تشبث القادة بالسلطةبعد الفشل . وما كان للتشبث ان ينجح دون المزيد من التضييق على الحريات السياسيةوالشخصية لتجد الأنظمة نفسها في النهاية في مواجهة مفتوحه مع تطلعات شعوبها ، ولم تجد غير الاستبداد طريقاً للاحتفاظ بالسلطة .

في الوطن العربي عدة شواهد على انظمة ابتدأت وطنية عقائديةوانتهت الى الشمولية . كرست نظام الحزب الواحد والحزب القائد ، واعتمدت القطاع العام لقيادةالتنمية واسقطت الحريات السياسيه من حساباتها العمليه وابقت عليها شعاراً للاستهلاك فقط . فصار ذلك هو التحدي الاصعب لها في بناء الدولة . وتشبثت بالسلطة في مواجهة التحديات وعندما تعرض كيان الدولة للاهتزاز لم تكن بحجم التحدي فخذلت شعوبها من جديد بعد ان خذلتها اصلاً ولم تمكنها من امتلاك ادوات تدافع بها عن وحدتها الوطنية وكيان دولتها . حيث كان المجتمع يفتقد للأحزابالفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام الحر والنخب المستقلة عن فلك النظام . ما جعل انهيار الدولة نتيجة طبيعية متوقعه . ولعل من المستغرب انه لم يكن ثمة ما يمنع بعض هذه الأنظمة من مواصلة التشبث بالسلطة فوق الخراب والحرائق والجثث .

دروس كثيره يمكن ان تستفيد منها الانظمة السياسية في الدول الناميةوالدول العربية بخاصة حتى لا تنزلق الى الشمولية وتعرض الوحدةالوطنية فيها للخطر بما قد ينذر باهتزاز اركان الدولة فتواجه ما واجهته الأنظمةالشمولية حتى وان لم تكن بالأصل انظمة عقائدية . اذ ليس شرطاً لشمولية النظام ان يبدأ عقائدياً فللشمولية اسباب عديده مختلفة .

الريعية في الاقتصاد سبب رئيس لتحول النظام السياسي الى نظام شمولي عندما يدير الموارد الطبيعيه ويعتمد على انتاج وتصدير المواد الخام ، وعندما يمارس منح الامتيازات والخدمات وفرص العمل لفئة محدده على غير اساس المنافسه والكفاءه الاقتصاديه ، وعندما يحول النظام الحكومة الى المشغل الاكبر للأيديالعاملة ، وعندما يتمدد القطاع العام وتتوسع الشركاتالحكومية ، وعندما تجري محاصرة القطاع الخاص . تجاهل اختيارات المجتمع والتدخل لمصادرتها سبب آخر للشمولية ، كما ان استفراد السلطات الرسميةفي القرارات دون مشاركة من المجتمع الاهلي يعزز الشمولية ، وتداخل سلطات الدولة بدلاً من استقلالها وتغولبعضها على البعض الآخر يقود ايضاً الى الشمولية تماماً مثلما هو الحال في الهيمنة الرسمية علىالاعلام وتدجين النخب واختطافها.

العقائد لم تحل دون انزلاقالانظمه للشمولية مع انها بدأت بزعم حرصها على احترام ارادة الشعب . وانظمة غير عقائدية انزلقت للشموليهلاسباب اخرى تخصها.غير ان العقائد تبقى المصدر الاقرب والاخطر للوقوع في براثن الشموليه ، اذ لا يلبث عمى العقيده ان يتجلى بالرؤيه ذات البعد الواحد وعمى الالوان عند هندسة القوانين واختيار القيادات ورسم السياسات انتهاء بتفيذها على ارض الواقع .

الانظمه السياسيه في الدول الناميه ومعظمها غير عقائديه تقع في شرك الخطوة الاولى للشموليه عندما تبدأ بصناعة الزعيم الاوحد بدلاً من مباشرة بناء المؤسسات الديمقراطيه . وتواصل خطواتها عندما يغيب سعيها للانفتاح والتشاركيه الوطنيه ولا مركزية الاداره .

وتدخل مراحلها النهائيه عندما يتحول الزعيم الاوحد الى طاغوت ويختفي دور المجتمع المدني ويتم اختطاف السلطه للنخب بانواعها وتفرض السلطه هيمنتها على الاعلام .





  • 1 ابراهيم ابوغربية 15-04-2017 | 02:39 PM

    مقال رائع حتى و ان تجنب الكاتب الخوض في مصير تلك الانظمة و كلفة ذلك المصير على الاوطان


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :