انشغل محمد ابن أختي ونديمي وحبيبي بتجهيز القبر فجبل التراب بغزير دمعه ... كنت قد أوصيت أن أدفن في المقبرة السفلى قريباً من بيتنا ﻷشرب الشاي الموجع بالشيح صباحاً مع ظل أمي عليها السلام ... غير أن أحداً لم يأبه للوصية فانتهى اﻷمر في العليا .
في المسجد الكبير ... جاء شيخ من أقصى القرية يسعى من ذوي اللحى المحناة المفرطة في الوهابية ... وقف بين المصلين وقال: كان كافرا" ﻻ تجوز الصلاة عليه في مساجد المسلمين ... قال آخر من المتقاعدين حديثي العهد بالوهابية: صلوا عليه في بيوتكم.
قال كهل على دين عمر : يا جماعه انتو صلوا عليه وربنا بحاسبه .... وهذا ما كان.
تاﻻ الجميلة اﻷنيقة كانت متشحة بالجورجيت اﻷسود ... وكانت منشغلة بترتيب باقة الورد التي ستضعها على القبر...حرصت على أن توثق رباط سعفة نخيل مع الباقة ... هي تعرف كم أنا أحب العراق ... ثم تأكدت بنفسها أن محمد قد حفر في اﻷسمنت ما يشبه الغدير الصغير ... ليشرب الطير كلما مر من هنا ... "تماما" كما أوصيت .