facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مجزرة غزة .. وثقافة التخوين


30-12-2008 03:32 PM

لا اعتقد ان هناك شعبا في العالم ، يهوى ممارسة توجيه تهم الخيانة والعمالة ، كما هو حال الشعب العربي ، حتى اصبح التخوين جزءا اساسيا من ثقافة المواطن العربي ، وهي صفة مكتسبة ، ترعرعت في الاربعينات والخمسينات والستينات ، على اثر نكبة فلسطين ، وما افرزته من هزائم ، استدعت من اطراف ما الدفاع عن نفسها ، فكان الهجوم على الاخرين ، واتهامهم بالخيانة ، لتبرير ضعفهم او غبائهم او تواطؤهم ، هو خير وسيلة للدفاع عن انفسهم .


لقد خيل لنا ان هذه الثقافة بدأت بالتلاشي مع نهاية الستينات ، في اعقاب هزيمة حزيران 1967 ، حين اصبح التوجه العربي العام اكثر عقلانية ، حيث بدأت مسيرة الحل السلمي ، بقبول قرار مجلس الامن الدولي 242 ، وبدء شعار التضامن العربي ، الذي كانت سوريا بقيادة الرئيس الراحل حافظ الاسد ، قد اعطته زخما قويا بعد عام 1970، فلم يعد هناك انظمة تقدمية وانظمة رجعية ، فلكل دوره في مسيرة التضامن العربي ، وحتى الحلم العربي بالوحدة ، والذي كان يتجاذبه تياران ، احدهما يطالب بها وحدة للأنطمة التقدمية فقط ، اصبح في ظل التضامن العربي حلما يطلب من الجميع ، لان الوحدة هي الوحدة ، وهي الهدف الاسمى للجميع .


ثقافة التخوين العربية ، هي نتاج القمع الفكري ، وانعدام حرية الرأي ، وقمع الرأي الآخر ، لكي تصبح جميع الآراء نسخة عن رأي صاحب القوة والنفوذ ، وعلى الجميع ان يتقمص هذا الرأي ، وان يظهر القناعة به ، ليس من مبدأ احترام والتزام الاقلية برأي الاكثرية ، بل من مبدأ القمع والقهر والتسلط ، ولعل نتائج الاستفتاءات العربية التي كانت لا تقل عن 99% ووصلت في مراحل متقدمة الى 100% هي احدى مظاهر هذا القمع والتسلط .


وما دمنا بصدد الحديث عن غزة وفلسطين ، فلا بد ان نتذكر ان اكثر ابناء فلسطين ، الذي تعرض لتهم العمالة والتخوين ، هو المرحوم ياسر عرفات ، وكلنا يتذكر ايضا صلابته في مفاوضات كامب ديفيد الثانية مع ايهود باراك ، وبرعاية الرئيس الامريكي الاسبق بل كلنتون ، حيث رفض بكل عناد التنازل قيد انملة في موضوع القدس وحق اللاجئين في العودة ، فكان ان قال له الرئيس كلينتون قولته المشهورة " انني سوف اكون اخر رئيس امريكي يصافحك " وهذ ما كان ، عندما جاء الرئيس الامريكي الحالي بوش ، وقاطع عرفات ، ثم كان حصاره في المقاطعة عام 2002 بعد اجتياح الضفة الغربية ، وما حدث من مجازر مماثلة لمجازر غزة ، واستمر حصار عرفات حتى اخر لحظة في حياته ، والتي يقال انها انتهت بالاغتيال سما ، فماذا يقول الآن من امتهنوا اتهامه بالعمالة والخيانة .


الاتهامات التي اعتدنا سماعها من الرسميين العرب واجهزة اعلامهم ، انسحبت ايضا على الشارع ، وفي نفس المجال ، اذكر انه وبعد الاعلان عن اتفاق غزة – اريحا اولا ، عام 1994 ، ودخول قوات الشرطة الفلسطينية لمناطق السلطة ، سمعت يوما احد اصدقائي المعارضين لاتفاق اوسلوا ، يقول متهكما ، ان الشرطة الفلسطينية غير فلسطينية ، ويقصد انها مرتزقة ، اضافة الى اتهامات اخرى بالبطش للفلسطينيين ، وعندما وقع الاجتياح الاسرائيلي السابق للضفة الغربية ، سقط من الشرطة الفلسطينية العديد من الشهداء دفاعا عن شعبهم ، يقارب ما سقط من الاخرين ، فلماذا كانت هذه الاتهامات الباطلة ، والتي لا اعتقد ان اصحابها قد تراجعوا عنها ، فقط من اجل المكابرة .


اليوم تتجدد معزوفة التخوين ضد السلطة الفلسطينية في رام الله ، وضد انظمة عربية اخرى ، مترافقة مع المجازر البشعة التي ترتكبها اسرائيل ، ضد الابرياء من ابناء القطاع ، وهي اتهامات تعمق الانقسام ، وليست في مصلحة الشعب الفلسطيني ، وهي قبل ذلك ، غير مثبته بالدليل القاطع ، وانا هنا لا اود الدفاع عن احد ، بل ادعو الى عدم القاء التهم جزافا ، لما لها من آثار مستقبلية سلبية على العلاقات العربية العربية .


لله در القضية الفلسطينية ، كم سقط من اجلها ضحايا ابرياء بتهمة العمالة والخيانة ، اما اغتيالا جسديا او اغتيالا للشخصية ، ورغم ان الزمن اللاحق قد انصف العديد منهم ، فثبت ان سياساتهم هي السياسة العقلانية الفاعلة ، الا ان اخرين ما زالوا ينتظرون الانصاف .


ندعو لاهلنا واخوتنا في غزة بالفرج القريب ، من هذا المصاب الذي أدمى قلوبنا ، وان تتلمس الامة الطريق القويم ، لنجدتهم ومساندتهم وانهاء معاناتهم .

m_nasrawin@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :