facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رب نظرة أورثت حزناً طال


خالد القشطيني
12-08-2017 02:35 AM

كثيراً ما تنطلق التغييرات السياسية في دنيا الشرق الأوسط من انقلابات أو ثورات وأحياناً انتخابات. بيد أن التغييرات السياسية في الغرب كثيراً ما تحدث نتيجة فضيحة أخلاقية، مالية أو جنسية. قلما سمعنا عن تغيرات تجري في بلداننا بنتيجة ذلك. هذا لا يعني أن تلك البلدان بريئة من مثل هذه الفضائح ولكننا نتعامل معها كشيء طبيعي وأحياناً كنوع من «المرجلة» و«الجدعنة». نسمع عنها ونضحك.
بيد أن الكثير من الزعماء الغربيين سقطوا وانتهى دورهم بسبب فضيحة أو علاقة مشبوهة. أفل نجم الكثيرين من ساسة إنجلترا نتيجة انفضاح علاقة مع غانية. هكذا سقط بروفيومو، وزير الدفاع في حكومة ماكميلان. وكذا انتهى الحال مع جريمي ثورب وديفيد ميلر. التاريخ الإنجليزي يحفل بمثل هؤلاء الضحايا.
يشمئز الإنجليز بصورة خاصة من الإيقاع بامرأة متزوجة. كانت الخيانة الزوجية السبب الوحيد للطلاق تقريباً. وكان وما زال من حق الزوج أن يقاضي من يغرر بزوجته ويطالبه بتعويض كبير.
ممن تغلبت شهوتهم على واجباتهم كان السير تشارلز دايك، النائب البرلماني الذي تألق نجمه في حزب الأحرار في أواخر القرن التاسع عشر وأصبح اليد اليمنى لرئيس الوزراء غلادستون وزعيم الحزب. كان الجميع يتوقعون منه أن يخلف غلادستون العجوز في رئاسة الحزب، لولا أن الشيطان وسوس في ذهنه وأوقعه في حب امرأة متزوجة. سرعان ما ذاع أمر الفضيحة وانطلق زوجها السير كروفورد في مقاضاة تشارلز دايك بدعوى التغرير وانتهاك عرض امرأة متزوجة. جرى ذلك وأصبحت الدعوى من أشنع ما شهدته بريطانيا من فضائح.
أصبحت فضيحة السير تشارلز من أكبر الصدمات التي تلقاها غلادستون الورع في حياته السياسية. لم يعد أمامه غير أن يعيد تشكيل الوزارة بحيث يسقط منها تشارلز دايك. وكتب على الطريقة الإنجليزية في محضر تأليف الوزارة الجديدة: «دايك غير متوفر للمشاركة!» ثم بعث إليه برسالة تعتبر من قمم الأدب السياسي الفيكتوري، حيث قال:
«عزيز دايك،
أكتب إليك في اليوم الأول من ذهابي لأداء عملي المرهق لأعبر لك عن عميق أسفي في أن الظروف الراهنة ستحرمني بالنيابة عن حكومة جديدة من الاستفادة من القدرة العظيمة التي أثبتم في شتى الميادين حسن تقديمها كخدمة رائعة وزاهرة للتاج وللبلاد. لا بد أن تدرك جيداً أن شعوري المطلق من جانبي بالحاجز الخارجي في عزلة تامة عن أي نقص في ثقتي الذاتية. وهو آخر ما يخطر لي أن أرغب في الإشارة إليه. من أين لي أن أختم هذه الكلمات دون أن أعبر لك بحرارة عن رغبتي في أن أرى مهمة نبيلة وطويلة الأمد تحجز لك بامتياز عام».
وبهذه الرسالة أطفئت الأنوار على ذلك المستقبل المهيب الذي كان ينتظر تشارلز دايك. رب نظرة أورثت نزوة، ونزوة ساعة أورثت حزناً طويلاً.

الشرق الأوسط





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :