" من قتل في غارة من هدم أو متفجرات أو نحوه فهو شهيد " .. فيما تختار " فضائيات " او تحتار في ذلك حين تطلق اسم " قتلى" او " فقدوا حياتهم " او " لقوا حتفهم " على من يستشهدون في غزة جراء العدوان الاسرائيلي المتدحرج عليها ..

في الوقت الذي يذهب فيه الشرع الى ان تسميتهم باسماء مغايرة يعد اساءة بالغة الى المصطلحات الشرعية والى منزلة الشهيد " اكرم بني البشر " والى الشهداء الذين يحشرون مع النبيين والصديقين ويدخلون الجنة من غير حساب وهم الذين ورد ذكرهم مفرده ومثناه ومجموعة خمسا وخمسين مرة في القرآن الكريم .

وفي مشهد متناقض بين روايات اعلامية حول " ماهية الشهيد " تجوب معظم عواصم العالم مظاهرات منددة بالعدوان الاسرائيلي على غزة ومهللة " بالشهيد حبيب الله " في كلمات اضحت محفورة في الذاكرة العربية الجماعية التي عاصرت مشاهد العدوان والمظاهرات الموازية له والتي وحدت حناجرها مقوله تبدأ بلفظ الجلالة " لا اله الا الله وتختم بالقول والشهيد حبيب الله "

الاستاذ في قسم الفقه واصوله في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية يؤكد ان اقل ما يمكن تقديمه لمن هم في وجه الة الحرب الاسرائيلية ان نعطيهم القابهم التي حباهم اياها الله في شرعه وان نطلق عليهم " الشهداء " لانهم يقتلون في ساحة الحرب مشيرا الى ان تسميتهم باسماء مغايرة هو اساءة للمصطلحات الشرعية التي اكدت في مجملها على ان " من قتل في غارة من هدم أو متفجرات أو نحوه فهو شهيد "

ويضيف ان للشهداء فضل عظيم ومكانة رفيعة فإذا كان الله سبحانه وتعالى فضل المجاهدين على القاعدين فما بالنا بفضل الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله موضحا ان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بينا المكانة العالية التي أعدها الله سبحانه وتعالى للشهداء في الجنة، " إذ جعل أرواحهم في جوف طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت"
ويستشهد الدكتور السرطاوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوا الفردوس فأنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، قال: وفوقه عرش ومنه تفجر أنهار الجنة "

ويضيف ان الله سبحانه وتعالى ابرز منزلة الشهداء إذ جعلها برفقة النبيين والصديقين لأن الشهداء أدى بهم حرصهم على الطاعة، والجهد في إظهار الحق أن بذلوا مهجهم في إعلاء كلمة الله ولذلك جعل الله مكانتهم في الجنة مع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وفي سياق غير بعيد يسهب د. السرطاوي فيقول انه إذا كان للشهداء فضل عظيم ومكانة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى إلا إنهم ليسوا جميعا في درجة واحدة بل تتفاوت درجاتهم حسب ما قاموا به من تضحيات أثناء القتال، وحسب شعورهم الذي كان يخالجهم قبل الاستشهاد وموقفهم من الحرب التي استشهدوا فيها فالمتردد أدنى مرتبة من المقدام ومن يرغب في أن يقتل ويقتل أعلى مرتبة ممن يرغب في أن يقتل ولا يقتل .

ويعرج في هذا المقام على معنى الشهيد في الاصطلاح الشرعي اذ ان الشهيد هو من يقتل في سبيل الله من أجل الدفاع عن دينه ورد العدوان عن الإسلام والمسلمين لكي تكون كلمة الله هي العليا .

وقد وردت في القران الكريم ايات تشير الى الشهادة والشهداء ومنها "مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا " و " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ " وكذلك " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "


وعن الشهيد في السنة النبوية الشريفة يقول الدكتور السرطاوي لقد ورد في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة فضل الشهادة والشهداء في سبيل الله ومنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا ولها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، لما يرى من فضل للشهادة، فيتمنى أن يرجع فيقتل مرة أخرى "

اما الشهيد في اثار الصحابة فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال " والله إن من الناس ناساً يقاتلون ابتغاء الدنيا، وإن من الناس ناساً يقاتلون أن دهمهم القتال، ولا يستطيعون إلا إياه، وإن من الناس ناساً يقاتلون ابتغاء وجه الله أولئك الشهداء، وكل امرىء منهم يبعث على الذي يموت عليه، وإنها والله ما تدري نفس ما هو مفعول بها، ليس هذا الرجل الذي قد تبين لنا أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر."


وحول حكم الشهيد يقول الدكتور السرطاوي انه لا يغسل الشهيد لقوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد: " زملوهم بدمائهم وكلومهم " كما لا يصلى عليه، فقد ذهب جمهور الفقهاء الشافعي ومالك وأحمد إلى أن الشهيد لا يصلى عليه، أما الأحناف كما يوضح فيردون هذا الرأي ليصلوا عليه , أما إذا جرح المقاتل ونقل للعلاج ثم مات وهو محمول أو بعد نقله فأنه يغسل بيد ان الشهيد الذي لا يغسل هو من أجهز عليه في مصرعه ولم يحمل وهو حي إلى مكان آخر ومن قتل في غارة جراء هدم أو متفجرات أو نحوه فهو شهيد ولا يغسل ولا يكفن إلا في ثوبه ولا يصلى عليه في رأي الجمهور ويصلى عليه في رأي الأحناف..

ويضيف انه إذا كان للشهيد تلك المنزلة العظيمة فلا يجب علينا أن نحزن أو نجزع لقتل بعض أبنائنا في سبيل الدفاع عن دينهم وأرضهم لأنهم في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار مؤكدا ان النحيب على الشهيد حرام واما الدمع عليه فهو جائز فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي ابنه ابراهيم عليه السلام " ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا على فراقك لمحزونون "

ومن صور الشهداء الذين خلدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه ( حارثة ) فقد " سألت أم حارثة النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنها وكان قتل يوم بدر فقالت: يا رسول الله: إن كان ابني في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء عليه. فقال صلى الله عليه وسلم: " يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وأن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ".

ولقد رفع الإسلام قدر الشهداء وأعلى مقامهم لأنهم مدافعون عن الحق فهم الذين يدخلون الجنة من غير حساب بل يشفعون لغيرهم من الاهل والاقارب اذا صبر الاهل على مصابهم واحتسبوا شهدائهم عندالله منوها الى ان امهات شهداء غزة اللواتي يحتسبن ابنائهم عند الله عز وجل هم في مرتبة " الصحابية الجليلة الخنساء " .