facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




(الفساد في المجتمع: نتائجه، ومعالجته)


د. عمر مقدادي
23-10-2017 09:38 AM

إن الفساد عمومًا ظاهرة مركبة ومعقدة، تشمل الاختلالات التي تمس الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقيمي والأخلاقي في المجتمع، والذي يحتاج إلى تضافر الجهود لمعالجته والتخلص منه، ويبقى الفساد بشتى أطيافه أحد معاول الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ وعليه فإن أحسن وسيلة لمحاربة الفساد تتمثل في إعداد خطة استراتيجية وطنية شاملة بمشاركة واسعة من قطاعات المجتمع وأطيافه، لإعادة العدل بمختلف صوره في المجتمع ، وإنهاء الظلم وأشكال الاستغلال عن طريق ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحديث التشريعات وتغليظ العقوبات لردع كل من تسول له نفسه في ممارسة أي شكل أو مظهر من مظاهر الفساد في الدولة والمجتمع، وبالتأكيد فإن إنجاز قانون مكافحة الفساد والكسب غير المشروع ليس بالضرورة أن يكون كافيًا لوقف نهب المال العام واستغلال الوظائف على نحو كبير، فثمة قوانين كثيرة لا تجد احترامًا ولا تملك هيبة ولا تطبق بشكل عادل، وماذا سيكون موقف المواطن ليتأكد أن القانون موضع التنفيذ، مما قد يعمل على الخلط في الحدود بين المصلحة العامة والخاصة، وبخلاف التطبيق الفاعل للتشريعات سيتخلى المواطن عن احترامه للمؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

ربما يكون المدخل الصحيح لفهم الفساد في الأردن هو ملاحظة درجة المؤسسية والعبقرية في عمله ووسائله وحيله حتى يكاد يكون عصيًا على محاولات مكافحته مهما كانت جادة وصادقة، وحتى حين تتبنى هذه المكافحة جهات عليا في الدولة، فما تكشفه وسائل الإعلام ومناقشات السياسيين والمجالس النيابية من وقائع الفساد تدل على انتشار كبير وواسع للفساد وقيمه وممارساته في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية، ولعل أصعب ما يواجه الإعلامي الجاد والحر في الأردن هو البحث في موضوع الفساد، ودائما ما يكون أسهل منه بكثير توجيه النقد السياسي والمعارضة السياسية للحكومة وتوجهاتها ، وربما يكون المخفي منه أكبر بكثير مما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة.

لعل أخطار الفساد ونتائجه متعددة، وقد لا يكون أخطر نتائج الفساد هدر المال العام والخاص، ولكن الخطر الأكبر هو الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع، ويعَد ذلك خطرًا مباشرًا، حيث تضعف المؤسسات الحكومية والخاصة ويتراجع أداؤها، وقد يكون مفروغًا منه في بعض المؤسسات والمجالات الصحية والتعليمية والخدمات الأخرى ، حيث تصبح غير قادرة على أداء مهماتها بالشكل الأمثل، وفي النتائج المباشرة فإن الفساد والتهرب الضريبي يزيدان من عجز الموازنة العامة ويضعفان مستوى الإنفاق العام على السلع والخدمات الضرورية، فترتفع تكاليف الخدمات، ومهما يكن تغلغل الفساد وعبقريته، فإن الاعتقاد بعدم جدوى مكافحته هو ترف يجب تجنبه، فلا يملك المشتغلون بالإصلاح سوى العمل في أي ظرف، وقد تكون أعمال مكافحة الفساد مشروعًا نبيلًا ومرهقًا، ولكنه الخيار الوحيد الذي يبقي جذوة المقاومة والأمل حتى تكون الأجيال من أبناء الوطن قادرة على اقتناص وتوظيف الفرصة عندما تتهيأ لهزيمة الفساد بعد التمعن في أسباب الفساد ومظاهره في المجتمع والآثار المترتبة على وجوده وانتشاره ، ويوجد ثمة أفكار واقتراحات يمكن العمل عن طريقها لكشف الفساد وتقديره ومعالجته، وعليه فإننا نقدم المقترحات الآتية:

أولاً:- التخطيط: إعداد استراتيجية وطنية بمشاركة واسعة لمكافحة الفساد، لتشمل السلطات الثلاث والقطاعات المختلفة في المجتمع والدولة، وتطبيقها.

ثانيًا:- الشفافية: سنّ التشريعات والأنظمة والقوانين اللازمة، وضمان الشفافية بما لا يدع مجالاً للشك في تطبيقها الصارم في حق المخالفين، واعتماد نظام عقوبات رادعة وواضحة تناسب كل نوع من أنواع الفساد، حتى يتم الحد من ظهوره مره ثانية، بحيث تكون معلنة في وسائل الإعلام ومتاحة للجميع، وبيان الإجراءات التي تم اتخاذها حيالها وتعميمها على الدوائر والمؤسسات الحكومية ليكونوا عبرة لغيرهم.

ثالثًا:- التوعية المجتمعية: تفعيل دور العبادة والجامعات والمدارس والقنوات المسموعة والمرئية والصحف والمجلات المكتوبة والإلكترونية، في محاربة الفساد وخطورته على المجتمع، وبيان القصص والعبر عبر التاريخ حول الأقوام والشعوب السابقة وما ترتب عليهم بسبب الفساد، وارتباط ذلك في عقيدتنا السمحة التي تحارب هذه الظاهرة وتجرمها .

رابعًا:- التوعية الوظيفية: عقد ندوات في الدوائر الحكومية يحاضر فيها رجال دين حول دور الدين في القضاء على الفساد، وتوعية الموظفين لهذه الظاهرة الخطيرة وتداعياتها وتأثيرها على المجتمع، مع أهمية توضيح دورهم في الإخبار عن حالات الفساد في دوائرهم، وضرورة التزامهم الأخلاقي والسلوكي المرغوب في تلك المؤسسات.

خامسًا:- الموارد البشرية: توفير القيادات الشبابية النشيطة المؤمنة بالتطوير والتغيير والتي لديها مؤهلات علمية وخبرات عملية متراكمة، ودعمها وتأهيلها لقيادة العمل الوظيفي لضمان نجاحها في قيادة التغيير الإيجابي، والعدالة في التوظيف والاختيار وتوزيع المناصب والتنافس عليها، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بالاعتماد على الكفاءة والإبداع العلمي، وعدم الاعتماد على العلاقات الشخصية والمحسوبية والواسطة والعلاقات الأسرية.

سادسًا:- التطوير الإداري: ويتضمن اعتماد نظام تقويم عادل وشفاف لأداء للموظفين واعتماده كأساس للترقية وتقلد المناصب ويكون واضحًا ومعلنًا للجميع، وأن يراعى فيه الموضوعية والمسؤولية في التقويم، وعدم اعتماد سنوات الخدمة فقط في إشغال المناصب الإدارية والمالية والفنية (مع أهميتها)، ولكن يجب أن يترافق معها التحصيل العلمي والمعرفي والإيمان بالتطوير والتغيير والنزاهة والسلوك الحسن والاستقامة، وتنظيم الاجتماعات وعقد اللقاءات الدورية بين الرئيس أو المدير والمرؤوسين لديه للاطلاع على أعمالهم وإنجازاتهم ومناقشتها وحل المشاكل والمعوقات التي تواجههم، وتشكيل لجنة في كل دائرة حكومية للإصلاح الإداري، لدراسة الواقع الإداري وتغيير سلوك واتجاهات العاملين لمحاربة الفساد وعلاج الانحراف حال اكتشافه .

سابعًا:- التعزيز: إعداد نظام مكافأة مالية لمن يقوم بالتبليغ عن حالات الفساد بشتى صوره في المؤسسات العامة والخاصة، والابتعاد عن الشكاوى الكيدية ذات الطابع الشخصي، وإتاحة الفرصة لخلق نوع من الإبداع والتطوير لدى الموظفين ومكافآتهم على ذلك وتعليق أسمائهم في لوحة الشرف ليكون حافزاً لغيرهم من الموظفين.

ثامنًا:- الحوافز: تحسين الظروف المعاشية للموظفين من المستويات الوظيفية كافة، وتحسين الأجور والحوافز، وإيجاد كادر وظيفي مناسب لكل فئة وظيفية، وتناسب الدخل للموظف مع الظروف المعيشية في الأردن .

تاسعًا:- تنظيم العمل: وضع أدلة إنجاز المعاملات والشروط والمعايير المطلوبة وفق آليات ومعايير ضبط الجودة، ووضعها في مكان بارز لدى استعلامات الدوائر الحكومية، لخدمة المراجعين وعلى حاملات خاصة بذلك ومراجعتها بصفة دورية لتعويض النقص، وكذلك إضافة كل جديد لها، وضرورة التزام الموظفين بأخلاقيات العمل المؤسسي، وأداء قسَم الحفاظ على الأمانة، ولا سيما الموظفين الذين لديهم ذمة مالية أو الذين يشغلون وظائف قيادية للمحافظة على المال العام وعدم استغلاله لتحقيق مآرب شخصية، وكذلك عدم استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة، وتعزيز قيم المساءلة والمراقبة العامة والإعلامية والوضوح السياسي والإداري والإعلامي.

عاشرًا:- تبسيط الإجراءات: تبسيط القوانين والتشريعات والأنظمة، وجعلها أكثر شفافية، وتوضيح مفرداتها لكي لا تستغل من قبل ضعاف النفوس لتحقيق مآربهم من خلال استخدام الثغرات في القوانين وخاصة القابلة للتفسير بأكثر من رأي، وكذلك توفير الخدمات الإلكترونية، وتفعيل برنامج الحكومة الإلكترونية، ووضعه حيّز التنفيذ ليتمكن المواطن من متابعة معاملاته من أي مكان على شبكة المعلومات (الإنترنت) وتحديث البوابة الإلكترونية لكل مؤسسة دوريًا .

حادي عشر:- ضبط العمليات: ضبط عمليات وإجراءات عقود البنية التحتية مثل: الطرق والاتصالات والكهرباء والمياه والمباني الكبيرة، والعقود الاستشارية الكبرى، والتوكيلات التجارية، وإعادة النظر في مناصب المستشارين الإداريين والقانونيين والإعلاميين والشرعيين في المؤسسات ودراسة الجدوى من عملهم، وإعادة النظر في نمط وطريقة وإجراءات توزيع أموال المعونة والمنح الأجنبية والقروض للمشاريع ، وطريقة صرف بنود الموازنة للمؤسسات المختلفة، وضبط عمليات التدخل (القرابة والنسب والشراكة والمصلحة) بين شاغلي الوظائف الإدارية العليا والسياسية وعضوية مجالس الإدارة في الشركات.

حفظ الله الأردن وشعبه الوفي وقيادته الهاشمية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :