facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عمّا تبقى من فرصتنا الأخيرة


اللواء المتقاعد مصلح الكايد
01-12-2017 11:42 PM

مع تسارع تعقيد المشهد الخارجي وانعكاساته على الداخل في المجالات جميعها، يتزايد السؤال عن المخارج؟ وإنّ استشراف المستقبل ليقضي بالعودة للماضي، فالأردن الذي لم ينعم بالراحة منذ تأسيسه معايشا الازمات الداخلية و الخارجية لم ينجُ عبثا بل بذكاء سياسي و خطى واثقة، فنجح في الحفاظ على كرامة شعبه مجنبا إياه ويلات تجرّع أشقّاء لنا مرارتها و ما زالوا.

إنّ العلاقة مع إسرائيل في أسوأ أحوالها ، فاليمين الرافض لمعاهدة السلام باشر سياساته التصعيديّة منذ عقدين حينما تسلم السلطة بعد اغتيال رابين بشهور ، و إن تعطيل مشروع الوطن البديل و تصفية القضية الفلسطينية ليغيظ نتنياهو و حزبه ، فتمسك شعبيّ الضفتين بالأرض و السيادة و صلابة السياسة الأردنية تدفعان بإسرائيل لإظهار إفلاسها السياسي عبر محاولات الاستفزاز الموسمية للوصاية الهاشمية على الأقصى أو باستضافة مهزوزين لا يقوون على الوقوف بثبات خلف المنصة كمعارضة أردنية في الخارج ، أو بالتعظيم من الخطر الإيراني كعامل مشترك رغم دعم إسرائيل لها عسكرياً في حربها مع العراق " إيران – كونترا ".
لقد أعلنّا موقفنـا السيادي و السياسي بمحاكمة قاتل أبنائنا الشهداء ، أمّا أدوات التصدّي لإسرائيل متدرجة و كثيرة منها الخفيّ و المعلن ، و لن نعدم الوسيلة للحفاظ على حقوقنا إن تراجعوا عن التزاماتهم تجاه محاكمة القاتل واتفاقيتي الغاز و ناقل البحرين فمنابر القضاء الدولي مفتوحة للمطالبة بحقوقنا و بالتعويض عن أي ضرر يترتب على انسحاب إسرائيل كما فعلت هي مع أشقائنا المصريين عند انقطاع الغاز ، و من المبكّر التداعي لإنهاء معاهدة السلام من جانبنا فتلك مواجهة مع المجتمع الدولي تسعى إسرائيل بيأس أن تجرنا نحوهـا منذ زمن ، فالسياسيون لا يقلقهم التعقيد بل هو أصل السياسة ، كما يحسنون اختيار الأدوات ابتداء بالدبلوماسية و انتهاء بالجيوش .

و من يتحدث عن عزل الأردن أو بأن هناك من يستطيع الإملاء عليه لا يعرفه ، فما من مشهد سياسي اكتمل في المنطقة دون مباركتنا ، و لا تقتصر قدرتنا على اللعب بالأوراق المكشوفة ، و لولا عقلانية نظامنا و توازنه تجاه تجاذبات المحيط لزال هو الآخر ، فنحن نمتلك الثبات الانفعالي و لا نؤمن بالسرعة سوى في الرّد العسكريّ .

المصالحة الفلسطينية مسعى أردنيّ قديم ، رغم أنّي لا أتوقّع استمرارها هذه المرّة فالمصالحة السياسية تتبع الاتفاق و لا يتبعها ، كما أنّها تحتاج كفلاء تضمن مصالحهم المشتركة مع الفرقاء التقريب بينهم عند السير بها ، و ما عودة الاهتمام العربيّ بالقضية الفلسطينية إلّا ثمرة للجهود الملكية ، فملف كسب التأييد العربي و الدولي لها صاحب أولويّة في الأجندة الهاشميّة منذ الثورة العربية الكبرى .

و ما من أحدٍ يرغب بتحدّي الأردن ، فهو بنك المعلومات إذا تحدثنا في العمق الاستخباري ، و هو الذي يمتلك جيشا عالي الهمّة و شعبا يواجه الإرهاب بصدور عارية ، و بعقول شعبه و سواعدهم قامت دول و نعمت بالأمن و الاستقرار .
شعبه الذي أورثه حبّا لا حقدا ، و أخفى عن مناهج أبنائه و بناته ما يزرع الضغينة لأيّ شقيق عربيّ ، و دفن الكثير من التاريخ الأسود في صدور الهاشميين و المخلصين من السّياسيّين و أبناء الأجهزة الأمنيّة ، ليسود التسامح مع الداخل و الخارج .

التسامح الذي أسس النظام الهاشمي مُلكه على قيمه النبيلة ، و شكّل إعجازا سياسيا استحال على أعظم ديمقراطيات العالم الإتيان بمثله ، فبعض من فرّوا للخارج في السابق كلاجئين سياسيين أعيدوا لتولي أعلى المناصب بعد أن كانت مشنقة الإعدام تنتظرهم ، و بعض من اعتقلوا في الأمس لتغريدهم خارج السرب السياسي بانتماءات حزبيّة كانت ضرورات الاستقرار تفرض حظرهـا أصبحوا وزراء و نوّاب ، و هذا القدر من الكياسة و الثقة هو ذاته الذي أجبر خصوم الأمس على الاستدارة نحونا ، فنحن نخطو في السياسة كما في الشطرنج لا النرد .

تماما كما فعل الأردنّ في ما ترك من أبواب مواربة تصلح أن تكون ساحة لتحالفات أوسع ، فالثبات و الاتزان في السياسة لا يعنيان التصنّم ، بل مصدر القوة و معيارها يكمن في القدرة على التحرّك بحرّية ، و الأردنّ هو المُنتَظَر لدى قوى عديدة للتحالف و ليس بمُنتظِر و هذا نتاج دورنا المحوري و احترام العالم لنا .
داخليا ، نترك الشأن الاقتصادي لذوي الاختصاص أمّا سياسيّا فما أنجز على صعيد الإصلاح السياسي و الإدارة المحلّية كافٍ ، فالحكومات البرلمانية مقامرة سياسية ستحرف البوصلة خارجيا نظرا لاختلاف المشارب العقائدية بين الإسلامي و اليساري و غيرهما ، و في صيانة منظومة الاحزاب و تطعيم الحكومات بحزبيّين ما يفي بالغرض لحين استقرار المحيط و إعادة تشكّل مراكز القوى .

و إنّ محيط الألغام يستلزم منظومة إعلامية مضادّة قادرة على وزن الأمور ، كالإعلام التركي الذي استعصى على ماكينة الحرب الإعلاميّة العبريّة في محاولات عدة كان منها تسريب خبر لقاء للرئيس أردوغان بأولمرت قبيل الحرب على غزّة للدلالة على مباركته للأمر . فالإعلام الواعي لا يقع فريسة لخصمه و لا يستقي منه المعلومة ، و انضباط الإعلام لا يقيّد الحريّة بل يحصّن المجتمع و يعزز تماسكه .

تبقى سيادة القانون العنصر الضامن للوحدة الوطنية ، و لا قيمة للتثقيف إن لم يحاكي الواقع فالشعور بالظلم و التمييز عنصر هدم ، و لا رادع يحول دون مخالفة القانون إّلا بقدر احترامه لدى الشعب ، و لن يخشى المواطن من عقاب القانون إن لم يرى فيه مظلّة قويّة تحمي الجميع و هذا معيار العدالة الجامعة التي لا تفرق .

على الحكومات أن تسعى للإصلاح الشامل بما تحظاه من دعم ملكي ، و من حولها قواتنا الباسلة و أجهزتنا المتيقظة الكفيلة برد كل معتد بإذن الله المستمرّة بالتطهير الذاتيّ الحافظ للنزاهة و الكفاءة فهي عنصر الأمان الثالث بعد الله و الملك .

فانتهاء الأزمة في مسرح القتال لا يعني الاسترخاء ، و لعل التقديرات والدراسات الأمنية و التاريخ لتؤكد جميعها على استهداف التنظيمات المنهزمة لاستقرار المناطق المحيطة ، إمّا استعراضا أو انتقاما أو سعيا لفتح جبهات جديدة ، و في الخلايا النائمة و الذئاب المنفردة دليل على خلل أدّى لتسرّب الفكر الضالّ إلى المجتمع ، و محاربة ذلك تتطلّب أصحاب فكر يرسمون طريق المجابهة و التطويق ، و ما كلّ خطيب و إمام قادر على هذا بل إنّا بحاجة لأداء تشاركيّ لا تختطف فيه الادوار و لا تتزاحم .

فرصتنا الأخيرة ستبقى سانحة ، فقيادتنا الهاشمية تحت لواء مليك يشهد العالم بأنه صانع سلام و محارب عظيم ، و قد أثبت الأردن طيلة السنوات الصعبة الماضية بأنه قادر على صنع الفرص ، لكن حساسية المرحلة تتطلب جهدا استثنائيا لا روتينيّا تشترك فيه الجهات العليمة كلّ في مجاله ، فتقديم النصيحة لصنّاع القرار ليس معلّقا على تولّي الوظيفة ، و الأمانة لا ترتبط بالمسؤوليّة بل بالولاء و الانتماء .

و الله وليّ التوفيق .





  • 1 عبادي 03-12-2017 | 10:45 AM

    اتحفتنا باشا ، هاي الخبرات الي الوطن محتاجها.

  • 2 احمد عبدالقادر فريحات 04-12-2017 | 08:08 AM

    سلمت وسلمت يداك على هذا المقال والمكنون الرائع .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :