قضاء الضليل .. بؤرة بيئية ساخنة وواقع خدماتي بائس
19-02-2009 12:14 PM
عمون - خاص - إلى الشمال الشرقي من مدينة الزرقاء و على بعد عشرين كيلو متراً منها تقع بلدة الضليل ،هذه البلدة التي اختارها العديد من المزارعين ومع بداية السبعينات من القرن الماضي لإقامة مزارع لتربية الأبقار ،لتصبح الآن واحدة من اكثر المناطق في المملكة انتاجا وازدهارا في المجال الزراعي،فهناك مزارع تنتج كافة أنواع المحاصيل الزراعية و خاصة الأعلاف .
وكانت منطقة الضليل تشتهر بأحواضها المائية الجوفية التي أخذت بالنضوب مع مرور السنين جراء الضخ الجائر من الآبار وعدم كفاية المواسم المطرية لتعويض هذا الضخ .
إلى جانب تلك المزارع قامت هناك صناعات لإنتاج الألبان و مشتقاتها معتمده في مدخلاتها على ما تنتجه هذه المزارع من حليب الأبقار ،ثم قامت الحكومة بإنشاء منطقة صناعية حرة ،أصبحت تضم الآن عشرات المصانع التي في مجملها مختصة بصناعة الألبسة بالإضافة لصناعة الزيوت النباتية و المشروبات الغازية .
نتيجة لهذا النشاط الزراعي و الصناعي اخذ عدد سكان تلك المنطقة بالازدياد بحيث أصبح عددهم اليوم يفوق الأربعون ألف مواطن ،بالإضافة إلى خمسة عشرة ألف وافد من جنسيات آسيوية يعملون بالمنطقة الصناعية ،وكذلك وافدون من الشقيقة الكبرى مصر يعملون في مجال الزراعة.
مشاكل و هموم...
هموم ومشاكل المواطنين في الظليل تحدث عنها المختار يوسف الاتيم ،وهو بالمناسبة ضابط متقاعد من القوات المسلحة،يقول المختار ،"أصبحت بلدة الظليل تعج بالحركة و النشاط جراء تواجد العدد الكبير من المصانع و المزارع ،ما يعني بأنه يتوجب على الحكومة أن تلتفت إلى هذه المنطقة من حيث الخدمات ،فمن غير المعقول أن نبقى لهذا اليوم نعتمد على الحفر الامتصاصية لتصريف مياه الصرف الصحي ،لما يشكل ذلك من مضار صحية و بيئية، خاصة من حيث تلويث الأحواض المائية".
ثم يضيف "طالبنا عدة مرات بأن يتم ترفيع قضاء الظليل إلى لواء ،لما سينعكس ذلك على توفير خدمات إدارية إضافية وفقا لما يقتضيه هذا الترفيع، وذلك للتخفيف على المواطنين لإنجاز معاملاتهم ،حيث يضطرون الآن العودة إلى محافظة الزرقاء بكل صغيرة و كبيرة "، وينهي المختار حديثه بتوجيه نداء لوزير الصحة للاهتمام بالمركز الصحي بحيث يصبح مركز صحي شامل بدوام أربع و عشرين ساعة ،كون المواطنين الآن يتوجهون إلى مستشفى الزرقاء الحكومي بعد انتهاء دوام المركز الصحي عند الساعة الثالثة بعد الظهر.
جولة برفقة رئيس البلدية.
رئيس بلدية الضليل نضال العوضات أكد على ما جاء من مطالب المختار يوسف ،وأضاف" إن هناك مشاكل أخرى ناجمة عن وجود المصانع بالقضاء ،فعدا عن قيام بعض هذه المصانع بكب نفاياتها بأماكن غير مخصصة لذلك ،ما يكبدنا جهود و تكاليف إضافية لأزالتها ،فأن حركة الشاحنات الثقيلة التي تقوم بنقل مدخلات الإنتاج و مخرجاته،تتسبب بتدمير البنية التحتية من شوارع و أنابيب مياه ،من دون أن يكون هناك أي نوع من المساهمة أو التعويض لإعادة صيانة هذه الشوارع ،ثم يضيف رئيس البلدية "إن البلدية من حيث المبدأ لا تستفيد من أي عائد مادي يذكر جراء وجود هذه المصانع داخل حدود التنظيم".
وادي الضليل ..مكب نفايات
وبعيدا عن مركز القضاء وصولا الى وادي الضليل ،هذا الوادي الواقع ما بين بلدتي الظليل و الخالدية ،وخارج مسؤولية كلتاهما ،وهذا ما يجعل منه مكب أنقاض و نفايات ،متسببة بتلويث مياه الوادي الناجمة عن الأمطار ،وتعيق انسيابها ،وهنا ينبه رئيس البلدية كل من وزارة الأشغال العامة و وزارة البيئة الى الالتفات إلى هذا الوادي كونه يقع ضمن مسؤوليتهم.
مزارع الأبقار.
منطقة المزارع ...مكرهة بيئية
اما منطقة مزارع الأبقار ،وهي أيضا تقع خارج حدود التنظيم ،ويوجد بها نحو 140 مزرعة ،بعدد إجمالي للأبقار يزيد عن 9000 بقرة .المسير بالسيارة ما بين المزارع كان بغاية الصعوبة ،كون الطرقات مهملة وغير معبدة و تنتشر بها الحفر و المستنقعات الناجمة عن مياه الأمطار،وما لفت انتباهنا انتشار الكلاب الضالة التي تتغذى على جيف الأبقار النافقة المرمية في بعض الساحات الفارغة بين المزارع ،مشكًلة مكارة صحية و بيئية كبيرة.
الدكتور احمد الخطيب ،مالك لأحدى مزارع الأبقار هناك ،وهو كذلك رئيس لأحدى الجمعيات الزراعية ،تحدث إلينا قائلاً"في بداية السبعينات من القرن الماضي ،قمنا مجموعة من المزارعين بإقامة مزارعنا بهده المنطقة ،حيث فتحنا الطرق وعبدناها على نفقتنا الخاصة ،وبعد ذلك بفترة قمنا بتثبيت ملكيات المزارع بدائرة الأراضي ،ما يعني انتقال مسؤولية توفير الخدمات لهذه المزارع إلى جهات حكومية ممثلة بوزارة الأشغال و وزارة البلديات ،وكون المزارع تقع خارج حدود تنظيم بلدية الظليل ،فأننا نقوم بترخيص مزارعنا عن طريق مجلس الخدمات المشترك "ويضيف الدكتور "للأسف هذا المجلس لا يقدم لنا أي خدمات ،سوى انه وفر لنا مكب للنفايات ،نقوم نحن كأصحاب مزارع بجمعها و نقلها إلى هذا المكب ،وفوق ذلك تقوم جمعيتنا بدفع مبلغ 4500 دينار سنوياً مقابل السماح لنا باستخدام هذا المكب".
أما عن روث البقر المستخدم كسماد يقول الدكتور الخطيب"كنا بالماضي نقوم ببيعه إلى متعهدين يقومون بجمعه من مزارعنا ومن ثم يبيعونه إلى مزارع خضار و فواكه بمناطق أخرى "ويضيف الخطيب "اليوم هناك متعهدين نعطيهم الروث مجاناً، ولديهم تراخيص من وزاره البيئة لاستئجار أراضي لتجميع الروث عليها بطريقة بدائية ،ما يؤدي لتجمع و تكاثر الحشرات الطائرة و الزاحفة و القوارض عليها متسببة بمكارة صحية و بيئية".
أخيرا يناشد الدكتور الخطيب الجهات المعنية من وزارة الأشغال و وزارة البلديات والزراعة و البيئة للاهتمام بهم كمزارعين كونهم يعانوا الأمرين نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف و انخفاض أسعار الحليب ،ما يجعلهم غير قادرين على توفير أي مبالغ لرصدها للقيام بما يلزم من أعمال تعبيد الطرق و إنارتها و كذلك رش المبيدات لمكافحة الحشرات و القوارض .ويحذر الدكتور من أن إهمالهم سوف يؤدي إلى زوال هذا القطاع الهام ،لما له من دور في توفير الحليب الطازج و اللحوم الحمراء.