facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اشكالية الثنائية بين الدين والسياسة


د. محمد العايدي
01-02-2018 05:59 PM

السياسة تنتمى إلى هذا العالم بكل فضائله ورذائله، نعم هي صناعة شريفة إذا ما أحسن أصحابها سوس البشر على قانون مقبول أو متفق عليه، وإذا ما أحسنوا تدابير شؤون الناس وقودهم نحو الأصلح، فكل صاحب فن يرجع إليه في فنه كالطبيب والمهندس والمفتي وغيرهم إلا السياسي على العكس من ذلك فهو الذي يرجع إلى الناس من أجل تحقيق إرادتهم في تشكيل المجتمع الذي يحبون العيش فيه.

ومع ذلك فإن السياسة سلاحها الدهاء والخداع والمناورة، وهي مجال لانتاج القوة والهمجية والطبقية في المجتمع، أو أداة لانتهاك الحريات وغصب الحقوق وسوق البشر إلى معسكرات الاعتقال، أو الى خطف الابرياء، أو الى خوض حروب مقدسة يكون أول ضحاياها القائمون بها كما دلت التجارب ماضياً وحاضراً، وفي المجتمعات الدينية أو العلمانية على حد سواء.

أما اليوم فلم تعد السياسة شريفة على خلاف الأصل الذي يجب أن تكون عليه فنحن أمام مرض يعم البسيطة بدءأ من (الهبل) الأمريكي، إلى الشرك الأعظم المسمى (الفيتو)، إلى مجلس الرعب (الأمن) الذي يعيق ولادة العدل في العالم ويعطل مشاريع السلام في معظم الأحيان.

فنحن اليوم أمام مشكلتين أو معضلتين وهما:

أولاً: مشكلة السياسة في العالم العربي

1- مشكلة الاستبداد السلطوي: نستطيع أن نقول أننا دخلنا نفقاً مظلماً ويكاد يكون مسدوداً أمام مشكلة التداول السلمي للسلطة في الوطن العربي، فأصحاب السلطة فيه لا يتروك سلطتهم المستمدة من الشعوب أصلاً الا أي يقتلوا أو يسحلوا أو يسجنوا أو ينفون من الأرض أو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، سنة الله في كل من يستعبدون شعوبهم ويهمشون إرادة الشعوب ويستخفون بها .

فالسياسة في العالم العربي هي (قانون القهر والقوة)، والساسة لا يسعون لبناء علاقات إنسانية مع الغير بل لاستعبادهم (فالكل يحارب الكل)، وهذا سرّ استعصاء الحياة السياسية في عالمنا العربي لأنها مبنية على علاقات القوة، ولذلك تجد من أراد التغيير يعمد إلى القوة .

والأمر الثاني في مشكلة السياسة في عالمنا العربي أن الساسة يعطون لأنفسهم مساحات واسعة من السلطة يتغولون فيها على إرادة المخالفين، ولذلك المجتمعات التي يعطي الساسة لانفسهم الكثير من السلطة يكون فيها الكثير من الفساد، والمجتمعات التي يكون للساسة فيها القليل من السلطة تجد فيها القليل من الفساد، فكلما اتسعت مساحة السلطة للساسة كلما اتسعت مساحة الفساد .

2- مشكلة المعارضة اللاواعية: مع أن المعارضة هي لبّ الصحة السياسية، ومفيدة للحاكم قبل المحكوم في فرامل السيارة الاجتماعية إلا اننا في العالم العربي قد منينا بمعارضة ينقصها غالباً الوعي في العمل السياسي وإن كانت تحمل أيدلوجيات جيدة تجعل لها قاعدة جماهيرية مقبولة إذا أنها تحاكي إرادة الشعوب، إلا أنها غير قادرة على انفاذ مشاريعها وبرامجها من خلال العمل الحزبي أو الجماعي، وذلك لأنهم يسعون لفرض ذواتهم من خلال مشاريعهم، فيستغلون الشعارات المحترمة عند الجماهير لمصالحهم لا لمصالح الناس الذين يمثلونهم، أو أنهم يحملون برامج وشعارات أكبر من امكاناتهم، وهذا فشل في التصور يجعلهم يراوحون مكانهم، أو أنهم يختزلون المعارضة في فرد فلا تبقى هذه المعارضة غالباً في أول منعطف يتعرض فيه هذا الفرد إلى الانتكاسة.

المشكلة الأخرى أن جميع الفرقاء في المعارضة يرضعون من ثقافة الإكراه نفسها، وهذا مايريده الساسة بل ويعملون على ايجاده بين المعارضات، فكل جهة تريد أن تخضع ارادة الأخرى، وهنا نعيش تصارع الارادات، وفي النهاية يستفرد السلطويون بالسلطة مع أن الأصل في الإرادات أن تتحد من أجل تفوت الفرصة على السياسين للتلاعب بهم، والاستقواء عليهم، فيظهر عندنا مايسمى باحادية السلطة التي تؤدي إلى التسلط والقهر والظلم من غير رقيب ولا حسيب، وهنا نقول للساسة يكفي ايجاد شعارات وانتاج قوى واليآت مضادة من أجل ضرب مشروع المعارضة والاستفراد بالسلطة.

ثانيا: مشكلة التدين
1- نحن أمام حالة حماسية خطيرة للدين من غير فهم منهجي له، مع استحضار لتاريخ مرير، وواقع بئيس، واستبداد سياسي مازال يقود المجتمع إلى كوارث مخيفة وخطيرة، وايجاد جماعات متشددة يستغلها الساسة من أجل انفاذ مشاريعهم الاستعمارية أو الاستبدادية، وهذه الحالة أدّت بدورها إلى حالة أخطر من الجمود والاندفاع نحو المجهول، ومن هنا وجب على النخب المثقفة في المجتمع من الدعاة والعلماء وأصحاب القرار أن يعملوا على منهجة الدين، بدل من إرسال الرسائل الحماسية غير الممنهجة، والتي بدورها تأخذ المجتمع نحو العنف والتطرف، وعليه فإن العنف والتطرف لا ينتمي إلى الدين وإنما هي ممارسات خاطئة مبنية على الجهل وعدم المعرفة بالهوية والذات والحقيقة.

2- اختزال مفهوم الدين الواسع الشامل بالمذهب والحزب والجماعة، والتي تجذر لمفهوم الاقصائية وإلغاء الآخر، مع أن الدين قبل أن يكون ديناً هو علم، والعلم يمتاز بالحيادية ولا يتلون، وهو سابق على التقولب بمذهب أو جماعة أو حزب، ولكن ما يحصل العكس فتجد البعض يتدين ويتمذهب ويتحزب قبل أن يتعلم ويتمنهج، فنصير فوضويين بالدين ومتطرفين بالدين، مع أن المشكلة ليس في الدين ولكن في البناء المعرفي والعلمي الحيادي الذي يجب أن يسبق هذا التدين، ومن هنا كان من الخطأ أن نتعامل مع المذهب والحزب على أنه الهوية المعرفية، بل الهوية المعرفية لنا هو العلم فنحن نتعصب للعلم والمعرفة لا للمذهب والحزب فأينما كانت المعرفة والعلم فثمّ الدين.

ومن هنا أرى أن المسألة تتعدى ثنائية الدين والسياسة أو الإسلام والسياسة أو حتى الأديان فيما بينها، وإنما المشكلة في البنية المعرفية التي يجب أن ترسخ في نفوس الناس بيحث يصير الدين عالمياً، لا مغلقاً، ولا مغلفاً بغلاف النظرة الأحادية، لأن الدين إذا صار علماً يصير عالمياً يستوعب الجميع -واقصد بكونه علماً أي مبنياً على الحجة والبرهان والدليل لا التقليد فحسب-، ويتقبله كل الناس على اختلاف ميولاتهم واتجاهاتهم، فمن يؤمن به يتقبله كدين وعلم، ومن لا يؤمن به يتقبله كعلم.

وعلى الساسة أن يؤمنوا بأن الوسط الاجتماعي هو الذي يصنع السياسة والساسة كما تصنع خلية النحل ملكتها من أصغر العاملات، وبهذا المنطق تنتهي إشكالية الدين والسياسة، فلا تغول من الساسة على الشعوب لأنهم ينظرون لأنفسهم على أنهم فرع عن إرادة الشعب وإنما وجدوا لتحقيق إرادة شعوبهم، وبهذا تنتهي حالة الاستبداد السلطوي، ولا الدين يوصف بالانغلاق بوصفه علماً، وبتخلصه من النظرة الأحادية التي هي أساس التطرف.





  • 1 02-02-2018 | 08:44 PM

    انا مع كل كلمه من كلامك لأنه من المهم جدا معرفه هذه الحقائق يا دكتور محمد لكن أجد أن الناس بدءت تتفهم هذه الأمور حاليا

  • 2 02-02-2018 | 08:47 PM

    يحفظك الله شيخنا العزيز أنت واﻷسرة الكريمة ويبارك فيك ويجزيك خيرا.اللهم سدد خطانا وخطى جميع الناس على طريق الحق والخير والصلاح وأدخلنا في رحمتك إنك سميع مجيب الدعاء.

  • 3 فؤاد الشرع 02-02-2018 | 09:13 PM

    أنا اعتقد ان السياسه في الوطن العربي يجب أن يوحدها الدين واللغه والتاريخ من اجل حل مشكلة العرب والمسلمين في عصرنا الحالي حيث اننا نمر بمرحلة تفكك وضعف سيئه للغايه وتشكل هذه المرحله خطوره كبيره على العالم العربي والإسلامي

  • 4 معاذ 02-02-2018 | 09:18 PM

    رائع دكتور، والله اعجاز الشريعة اللتي لا تبقي احدا خارج المعادلة

  • 5 02-02-2018 | 10:11 PM

    والله يا دكتور ينقصنا الوعي الثقافي لأننا في زمن لا يعرف من أين نبدأ وكيف ينتهي وفي أي الاتجاه نسير

  • 6 عبد الرحمن الخياط 05-02-2018 | 11:46 AM

    السلام عليكم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الخلق والمرسلين والحمد لله على نعمه الاسلام وعلى نعمه الله التى انعم الله عليك فيها نعمه بصيره الايمان لا تعليق على خير الكلام كما احتوتها هذه الكلملت انرت بها العقول والحمدلله وفقك الله لكل خير

  • 7 ابوبسام الحداد 07-02-2018 | 04:11 PM

    الكللام جواهر بس للاسف مافي مين يقدر ويجمع زادك الله من فضله وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه

  • 8 سامر الخليلي 12-02-2018 | 02:19 AM

    جزاك الله كل خير يا دكتور

    آفة « الأنا » هي آفة خطيرة أول ظهورها بالنسبة لنا كان عند بدء خلق الإنسان ، عندما أمر إبليس بالسجود ولم يفعل . وبرر ذلك بقوله: انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . وبعد ذلك انتقلت تلك الآفة إلينا نحن البشر . وفي أيامنا تقوم على تلك الآفة الرأسمالية الغربية بقمتها التي يمثلها الشيطان الرجيم ، وتحته عبيده من البشر اللذين يعتقدون أنهم أسياد الارض وما سواهم هم عبيدا لهم ، وتحتهم خدامهم من المنتفعين بمنافع شخصية على حساب مجتمعاتهم . وتحتهم العوام اللذين ينسحقون تحت أقدام ذلك البناء المجرم . وهذا البناء القائم على « الأنا » والذي يسعى دوما لترسيخ الطبقية الاستعبادية يتلون بأشكال مختلفة قائمة الكذب والخداع ولا يحترم فيما او مبادئ ، وإنما يتخذها أحيانا شعارات يخدع بها العوام ويتركها عند انتهاء منفعتها بالنسبة له.

    وأما الشخصية الإسلامية فهي تقوم على الصدق والأمانة ، ومراعاة حب التملك الشخصي ولكن بشرط أن لا يكون ذلك التملك على حساب سحق الآخر ، وأن لا يكون ذلك التملك على حساب مخالفة مبادئ الفضيلة التي جاء بها الإسلام ، والتي تراعي حق الإنسانية كلها بالعيش الكريم . ولا مكان للآنا البغيضة في شخصية المسلم . وهذا هو الأساس الذي قامت عليه السياسة الدينية الإسلامية بالقرن الاول من عمر الامة ، وبعد ذلك تذبذب ذلك الظهور الديني السياسي بجماله بين مد وجزر خلال مسيرة الامة إلى أن وصلنا في أيامنا الحالية إلى انحسار ذلك الطهور ، وطغيان السياسة الرأسمالية الاستعبادية الخالية من المبادئ على المشهد . ..وياللاسف !-


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :