خولة الحوراني .. سباكة في النهار وعارضة أزياء في الليل
18-03-2009 08:46 PM
عمون - صلاح العبّادي - خولة الحوراني.. حكاية امرأة شقت طريقها بعزيمة تمتلك إرادة التغيير، فكانت أول سباكة أردنية تعمل في مجال صيانة التمديدات الصحية المنزلية، في الوقت الذي تعمل فيه كعارضة أزياء تراثية.
تولدت هذه الفكرة لديها بعد أن تجاوزت سن الأربعين من العمر، وأبنائها الثلاثة لم يعودوا بحاجة إلى الرعاية كسنوات طفولتهم.
أرادت استثمار ساعات الصباح بعمل يفيدها ويمكنها من تحقيق ذاتها؛ عندها قررت الالتحاق في دورة التسويق الاجتماعي حول ترشيد استهلاك المياه، من خلال ملتقى سيدات الأعمال والمهن.
اقتنعت الحوراني بأهداف هذه الدورة وغدت واحدة من النساء اللواتي نذرن أنفسهن للتطوع في مجال توعية غيرهن من السيدات، حول أهمية ترشيد استهلاك المياه، واستخدام أجهزة التوفير؛ وأدركت بأن ربات المنازل يعانين من مشكلة الأعطال التي تصيب التمديدات الصحية المنزلية، عندها بدأت الحكاية..
حظيت بفرصة المشاركة في دورة صيانة أدوات صحية منزلية، عقدتها وكالة الإنماء الأمريكية بالتعاون مع الملتقى، وذلك في معهد التدريب المهني في عين الباشا، وانتظمت بـ150 ساعة تدريب في مدة ثلاثة أشهر.
ثماني سيدات حصلن على شهادة مزاولة مهنة عقب اجتيازهن للامتحان المقرر؛ لكنها هي الوحيدة التي عملت في مجالها، فأضفى عليها العمل شعور بالسعادة وثقة بالنفس لمواكبة التغيير، دون أن يكون عملها على حساب أسرتها وعلاقاتها الاجتماعية التي تخصص لها مزيد من الوقت، بينما تنشغل مساء في التحضير لعروض أزياء تراثية يجري التحضير لها.
اضاف عملها في مجال السباكة مزيد من الراحة لسيدات احتاجن لمهنتها، لصيانة أنابيب المياه المنزلية أو خلاطات أدوات صحية تنزف ماء؛ لا سيما وأن سيدات فضلن وجود امرأة تتولى هذا العمل نظراً لخصوصيته، في وقت يحتاجن إليه بينما يكون رب الأسرة في عمله، مما يحول دون إحضار سباك يتولى مهمة الصيانة.
وفي حديث للملحق أكدت أنها ترفض أن تزاول عملها في ساعات ما بعد الظهر؛ فهي ترى أن سعادتها في ممارسة العمل تتحقق من خلال عملها في أوقات لا يتواجد فيها رب أي من الأسر في منزله.
وبينت أن ما ساعد في اكتسابها الخبرة العملية قبيل مباشرتها في مزاولة المهنة هو مرافقتها لزوجها الذي يعمل في مجال المقاولات للإطلاع على ورش العمل لديه، واكتساب مزيد من مهارات التي يتطلبها العمل.
وتجدن بعض السيدات في عمل الحوراني كسباكة فرصة للإدلاء اليها بقصص من حياتهن الشخصية، طلبا لاستشارة في أمر ما، أو الرغبة في الفضفضة عن النفس والبوح بما يختزن في أنفسهن من أحاديث ترتبط بقضايا تهمن.
وبعد أن تعمل الحوراني في مجال السباكة تتفرغ لأعمال المنزل ولواجباتها الاجتماعية، وتجد متسعاً من الوقت لممارسة هواية ركوب الدراجة الهوائية ورياضة المشي لمدة ساعة ونصف يومياً، دون أن تغفل جانب القراءة فهي ترى بأن أهميتها تكمن في تغذية العقل والإطلاع على الثقافات الأخرى واكتساب مزيد من المعرفة.
وافضت بأن الرسم على الزجاج هو هواية أخرى تحرص على ممارستها، في الوقت الذي تتعلم فيه الخط العربي لتكمل مواهبها وهواياتها.
وبينت أن عملها الآخر في مجال عروض الأزياء التراثية دفعها لتكون مدربة في هذا المجال؛ فهي عملت على تدريب عارضات من الصم، عدا عن أخريات.
وتؤكد أهمية مساندة الرجل للمرأة ودفعها للعمل بما يعود عليها بالفائدة، لافتة إلى الدعم المعنوي التي تحظى به من قبل زوجها، وأقاربها نظراً لأهمية عملها وأثره في اجتياز حاجز "ثقافة العيب" الذي طالما التف أعمال مختلفة لها أهميتها وقيمتها.
ونفت وجود ما يسمى بـ "ثقافة العيب" مؤكدة أن العمل يبقى عملاً له شأنه مهما كانت صعوبته، مفضية بأن الجديد في عملها هو اجتياز عمل طالما حصر على الرجال دون السيدات.
وتعتزم خلال الشهر المقبل عقد دورات لسيدات، رغبة في حثهن على القيام بأعمال صيانة التمديدات الصحية المنزلية إذا اقتضت الحاجة، وتوعيتهن بضرورة توفير المياه.
ودعت السيدات لخوض عمل السباكة نظراً لما يحقق من دخل قد يصل إلى الف دينار بالنسبة للسيدات.
وذكرت بأنها تدرس الجدوى الاقتصادية لإقامة مشروع يهدف إلى تمكين مجموعة من السيدات من العمل فيه، ضمن فريق متخصص في أعمال الصيانة كافة التي يحتاجها المنزل.
وتؤمن الحوراني بأهمية عمل الشاب أثناء دراسته الجامعية؛ فهي ترى بأن الشاب ومنذ لحظة دخوله إلى الجامعة عليه أن يعمل في أوقات فراغها، لضمان عدم وجود أي أوقات فراغ لديه، وهو ما ترى فيه تمكين له ونهوض بقدراته، مشيرة إلى أنها حرصت على الحاق أبنائها بأعمال مختلفة وهم يجلسون على مقاعد الدراسة.
واختتمت حديثها بالقول "إن رسالة الأمومة هي أهم رسالة للمرأة، بعد ذلك عليها أن تكون فاعلة في المجتمع"، مؤكدة أن إنتاج المرأة بعد سن الأربعين يكون أكثر..
نقلاً عن ملحق شباب الرأي