facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تكسير الهيبات و نظرية النوافذ المحطمة


اسامة احمد الازايدة
03-03-2018 02:37 AM

نجيدُ نحن العرب قراءة التاريخ و استقراء نظريات علم الاجتماع فيما مضى من احداث ، لكننا لا نحسن -البتّة - استطلاع القادم و لا نتعلم مما رأيناه في التاريخ البعيد و لا القريب.
حينما باغتَ الربيع العربي بلاد العرب بعد سكون بضعة عقود ادرك العديد منا المؤامرة الغربية و لمسنا (المساس بهيبة الدولة و رمزيتها كأحد أهداف الفوضى الخلّاقة)و ربما كان أول مساس جسيم برمزية الدولة لدينا منذ اكثر من أربعة عقود .
و قد تجاوز الاردن تلك المرحلة بحكمة زامنها الانقلاب العسكري في مصر فأخذنا منه حكمةً اخرى بالرغم من رفض ضمير الشعب لما حدث هناك ، و لا ننكر ما كان يحاك للأردن من مؤامرات خارجية لاحت في الأفق الا ان ضمير الشعب كان المحبِط لها ، و صمد الوطن بمواجهة رياح شرقيةٍ و أخرى غربية فلم تنثر بيادرنا المتواضعة و لم تكسّر جذور اشجارنا و ان هي نالت من اوراقها و بعض أغصانها .
أما اليوم و بعد بضع سنين عجاف لم نقدِّم لهنّ شيئاً ، لا يخفى ان جذورنا العصّية لم تعد بصلابتها ليس بسبب العامل الاقتصادي بل لان إداراتنا تفتقد الحكمة و لا تستمع للحكماء ، فمصدر الخطر هنا ذاتي و ليس خارجي.
كل يوم ؛ نفقد حصناً من حصوننا المعنوية ، فتتكسر هيبات الدولة ، الواحدة تلو الاخرى ، بسلطتيها التنفيذية و التشريعية ، لان من يتولى المنصب يقزّمه حسب حجمه فإن غادره تركه في حالة التقزّم فهو بذلك لا يؤذي نفسه بل يؤذي رمزية الصورة ليصبح سبباً للتندر او التذمر ، و لو جاء بعده حكيمٌ -بالفرض الساقط-لن يَسلم من النقد لان النوافذ غدت محطمة ،و رمزية المركز أصبحت في مهب الريح ، و أصبح شعور الغيور على الوطن كشعور من حضر ميّتاً يحتضر فيراقب موته؛ فتارةً يمسح جبينه و تارةً يُنقّطُ في حلقه و ليس لديه أي علاج له.
- فكيف للمواطن ان يستعيد ثقته بحكومات منذ ان خصخصت موجودات الوطن -و بدلا من ان تسد الديون - ضاعفت مديونية الدولة اكثر من خمسة أضعاف ، و كيف للمواطن ان يثق بحكومات تبيعه المحروقات بأكثر من ضعفي ثمنها عالميا، و كيف له ان يأمن لحكومات تقرّ أن العمرَ المتبقي لمؤسسة الضمان الاجتماعي قد لا يتجاوز عشرين عاما ، و كيف للمواطن ان يقتنع بحكومة تسمي إجراءات رفع الضرائب خطة تحفيز اقتصادي ، كيف له ان يستعيد مصداقية حكومة تعد يوم الخميس بعدم رفع أسعار المحروقات و ترفعها يوم السبت ، فأصبحت محلاً للتندر و أهانت رمزية منصب رئيس السلطة التنفيذية!
- كيف للمواطن أن يثق بمجلس نيابي أقر موازنة رفع الأسعار و الضرائب ثم أبدى غضبه من رفع الأسعار .
ما لا يدركه معظم مسؤولينا ان مفهوم عدم تجاوز ( الخط الأحمر) هو مفهوم بُنيوي قوامه ذهنية المواطن في عقله الباطن بأن ذلك الأمر لا يمكن تجاوزه ليس خوفاً من العقوبة بل لكونه معتقد ثابت ، تماما كما يحمي الانسان روحه و عرضه فإن زال هذا المعتقد فلن يحميه عقوبة و لن تردعه سجون و معتقلات .
على المسؤول و المؤتمن على مكتسبات الدولة ان يعي (نظرية النوافذ المحطمة ) تلك النظرية التي تؤكد ان الجريمة تنمو في بيئة من عدم الانتظام ، هذه النظرية تلقي بظلالها ايضا على هيبة المؤسسات ؛ فالمستشار او المسؤول المتعجرف إن هو أساء لمواطن و استغل نفوذه بإهانته دون وجه حق فقد كسّر نافذة مؤسسته و جعلها في مرمى النقد و الشتيمة احيانا ، و الوزير الذي يحيل عطاءات وزارته كأنما هي أعطياتٍ من مزرعته ، فهو بذلك يكسِّر نوافذ وزارته و يجعل للمُحقّ و غير المحقَّ ان ينال منها لأجله في اقرب فرصة تتاح .
و النائب الذي يندفع في إقرار موازنة ظالمة ثم يؤيد عزل قبته بزجاج عازل مخالفا الدستور الذي يؤكد علنية جلسات النواب إنما حطّم نوافذ السلطة التشريعية و جعلها بنظر الناس الممثلَ المتواطئَ عليهم.
لا أحد راضٍ عن تحّطُم صورة هيبة الدولة و لا حتى المعارض لسياسة الحكومة لكنها -نتيجة ما ذكر -انحدرت ككرة الثلج و لا زالت في بداية المنحدر فهل لدينا حكماء يوقفونها قبل ان تصل الى المنحدر .
سيادة القانون تأتي بعد وقف الكذب و التعسف و بعد إصلاح النوافذ المحطمة في كل المؤسسات .
لا نزال اليوم - و بايجابيةٍ غير مقنعة لمعظمنا- نتحدث بلغة البحث عن حلول تقينا شر قلب النار و ان كنّا على شفا حفرتها تلسعنا بشررها المتطاير هنا و هناك، لكنني أقول اننا لم نقعْ بعد و لا زال لدينا بعضٌ من أملٍ بأن نعيد تحصين أمرنا .
فأخرجوا الكاذبين و أصلحوا النوافذ ، عندها سيصطلح حالنا أسرع من خططكم الخمسية البائسة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :