facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الإعلام ومجالس النواب


د. رلى الفرا الحروب
30-03-2009 12:54 AM

لطالما مرت العلاقة بين وسائل الإعلام ومجالس النواب بموجات من المد والجزر، وهي علاقة بالغة الحيوية والأهمية لأن الإعلام هو صانع الرأي العام، وصورة المجلس في الإعلام تؤثر على صورته ليس لدى الشارع فحسب، بل حتى في أروقة صنع القرار، وهي علاقة فريدة من حيث أن مجلس النواب يفترض به أن يكون عين الشعب على الحكومة كما أن الإعلام يفترض به أن يكون عين الشعب أيضا ولكن على الجميع بمن فيهم مجلس النواب، وإن كان مجلس النواب يشترك مع الإعلام في الدور الرقابي، إلا أنه يمتاز عنه بدوره التشريعي، وهو دور لا يسع الصحافة إلا التأثير فيه بشكل غير مباشر عبر صناعة الرأي العام وتوجيهه، وهو ما يشكل قوى ضاغطة عظيمة التأثير في النظم الديموقراطية ومتوسطة التأثير في النظم الأقل ديموقراطية، ولكن السلطة تبقى في نهاية الأمر لدى أصحاب القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإن استثنينا القضاء باعتباره السلطة الثالثة، فإن مؤسسة الحكم فعليا يتم تقاسمها بين الحكومة والبرلمان.
في مجلسي النواب الأخيرين كانت هنالك حالة من عدم الرضا الواضح عن أداء المجلس شعبيا وإعلاميا وحتى حكوميا، بل إن تلك الحالة امتدت إلى أن يقول جلالة الملك عبد الله الثاني صراحة للنواب عام 2005 إن الشارع غير راض عن ادائهم موحيا بأنه هو أيضا غير راض عن ذلك الأداء، وهو ما عكسه استطلاع الرأي الأخير الذي أغضب المجلس وكان بمثابة الضوء الأخضر للإعلاميين لينهالوا جلدا فيه حتى أن بعضهم طالب بحله باعتباره بات عديم الجدوى ولا يحقق غاياته.
المجلس الحالي قيمه الإعلاميون باعتباره أسوأ مما سبقه، والمجلس السابق قيم ايضا باعتباره اسوأ مما سبقه، وهو ما عكسته استطلاعات الرأي ناهيك عن مقالات الكتاب والبرامج الإذاعية والتفزيونية المختلفة، ومن ثم فإن صورة المجلس في تراجع وهو أمر لا ينبغي تجاهله ويفترض أن يدرس بعناية لتحليل الأسباب الكامنة وراء ذلك التقييم السلبي في وسائل الإعلام والشارع وحتى في أروقة صنع القرار والعمل بجدية لتلافي السلبيات وتعظيم الإيجابيات ومن ثم تغيير الصورة.
رئيس مجلس النواب السيد عبد الهادي المجالي تنبه مؤخرا إلى ذلك الخلل ويبدو أن حالة الشفافية والانفتاح الإعلامي الجديدة التي بدأت تسم عمل الحكومة وأذرعها المختلفة انعكست إيجابا على المجلس الذي بدأ يفكر في انفتاح جدي على وسائل الإعلام بعد فترة قاحلة تعالت فيها دعوات الانغلاق وإقفال باب الجلسات واجتماعات اللجان أمام الصحف ووسائل الإعلام ووصلت إلى حد المطالبة بطرد بعض الصحفيين والمصورين من المجلس ومنع آخرين من دخوله بل وضرب بعضهم الآخر وشتمه تحت القبة.
وكما ضيق النواب الخناق على الحريات في بعض بنود القوانين ومنها المطبوعات والنشر ومكافحة الإرهاب والوعظ والإرشاد والأحزاب والبلديات والاجتماعات العامة، ضيق الإعلاميون الخناق على المجلس أيضا وبات أداء أعضائه ليس واقعا تحت المجهر فقط بل عرضة للشكوى الدائمة والنقد المستمر، وإن كان ذلك النقد يستند إلى أسس موضوعية في الكثير منه إلا أن بعضه جانبته الموضوعية وغرق في الشخصنة والاحكام الانطباعية بعيدا عن تحليل الحقائق والأرقام ومحاكمتها بمنطقية وعدالة، وهو ما ساهم في توتير العلاقة بين الطرفين حتى ضاق صدر كل منهما بالآخر، فما عاد المجلس يحتمل النقد العلني في وسائل الإعلام وما عادت وسائل الإعلام تجد أي متسع من الوقت أو المصادر لمجاملة المجلس، وتشكلت لدى البعض قناعة بأن كلا من الطرفين يتربص بالآخر ويحاول تحجيمه أو الثأر منه.
وإن كنا نستطيع التماس العذر للإعلام في بعض السلوكات التي جانبت الموضوعية باعتبار النقد جزءا لا يتجزأ من دور الإعلام، وباعتبار أن تقييم الدوافع والأهداف مسألة غير واضحة المعالم ولا يمكن الجزم بها في كثير من الأحيان، إلا أننا لا نستطيع التماس العذر للمجلس فهو مجلس الشعب ويفترض بممثليه أن يحتملوا النقد ويرحبوا به لأنه عون لهم في مهمتهم ولأن من جاء من الشعب عليه أن يرحب بوجهة نظر الشعب فيه سواء كان ذلك الشعب مواطنين بسطاء أم إعلاميين أم سياسيين، وكما يراقب النواب أداء الحكومة فإن الشعب من حقه مراقبة أداء نوابه الذين يمثلونه، ومن ثم فإن سلوك المجلس مؤخرا باللجوء إلى القضاء لمحاكمة كاتب هنا أو صحيفة هناك لا يمكن أن يدخل في باب سعة الصدر أو السلوك الديموقراطي الذكي المدرك لدور كل مؤسسة وأهدافها في المشهد المجتمعي.
الأسوأ من ذلك أن الكثير من النواب في المجلس الأخير تبنوا سياسة الانغلاق الحكومي السابق فقاطعوا الصحافة والصحفيين وهو ما حرم الإعلام من مصادر هامة مطلعة وليس سرا أن نقول إن مطبخ الدولة كلها يمكن اشتمام رائحته في المجلس فالنواب بحكم دورهم ووظيفتهم مطلعون على الخبايا التي يجهلها الصحفيون وهو ما يجعلهم مصدرا ثمينا للمعلومات، ولكن ما حدث خلال العام الماضي أن الإعلام فقد الصلة بكل من المجلس والحكومة وحتى الديوان وبعض المؤسسات الحيوية الأخرى، وهو ما أوقع الجميع في حالة من الارتباك والضيق وفتح الباب على مصراعيه أمام الإشاعات والتكهنات وحول الصحافة من فن كشف المعلومات والوقائع ونقل الأخبار وتحليل الأحداث والمواقف والتنبؤ بها واقتراح البدائل والحلول إلى فن الحدس والتخمين غير المستند إلى حقائق في بعض الأحيان، وهو ما أضعفها وأثار استياء معظم العاملين فيها، ولأن نقد الحكومة وغيرها من المؤسسات الحيوية التي تساهم في صنع القرار مكلف للغاية لم يجد الإعلاميون أمامهم سوى مجلس النواب ينهالون عليه بالتقريع والتأنيب سواء كان ذلك اللوم في موضعه أم لم يكن.
في لقائه برؤساء تحرير الصحف مساء الأربعاء الماضي تحدث السيد المجالي بصدر مفتوح وأعلن ما يمكن اعتباره ضمنيا بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين الإعلام ومجلس النواب، فقد وعد بمزيد من الانفتاح على الإعلام ليرى الجمهور حقيقة ما يقوم به المجلس، بل إنه وعد ببث جلسات اللجان ومناقشاتها وليس جلسات التصويت فحسب، كما كان يحدث في السابق، وتساءل في هذا السياق : " نعلم أن استطلاعات الرأي أظهرت تدنيا ملموسا في شعبية المجلس وعدم رضا كبيرا عن أدائه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هي المعايير التي قيم الجمهور في ضوئها أداء المجلس؟"
واستطرد السيد المجالي إلى القول إن كثيرا من الناس يجهلون دور المجلس خارجيا وأهمية هذا الدور للأردن، فمجلس الأمة ليس واحدا من أركان الحكم داخليا فحسب، بل إنه واجهة ديموقراطية للأردن في الخارج والبرلمانيون الأردنيون مشاركون في ستة اتحادات وهيئات برلمانية عربية وإقليمية ودولية منها البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي واتحاد البرلمان الدولي والبرلمان الأورومتوسطي والبرلمان الإسلامي والبرلمان الآسيوي، وهم مشاركون نشطون في كل الاجتماعات واللجان وأصحاب وجهات نظر محترمة لأنهم يتعاملون مع دورهم بجدية ويحضرون لما يطرحونه من اقتراحات ويقدمونه من مداخلات، حتى أن البرلمانيين الأوروبيين كثيرا ما يمتدحون نشاط واهتمام البرلمانيين الأردنيين، وليس سرا أن الأردن من أفضل الدول العربية أداء فيما يتعلق بالعمل البرلماني الخارجي.
المجالي أثار نقطة أخرى هامة ردا على المطالبين بحل مجلس النواب ومنتقدي سفر النواب إلى الخارج حين قال إن المنح والمساعدات التي تأتي إلى الأردن تقدمها دول ديموقراطية وأن البرلمانات هي من يوافق على تلك المنح، وعندما يكون الأردن دولة ديموقراطية وحين يشارك نوابنا في اللجان البرلمانية المشتركة ويواجهون النواب في تلك الدول ويشرحون حاجاتنا وقضايانا فإن ذلك يسهل الحصول على تلك المساعدات، وبالرغم من أن الفضل كله يعود إلى جلالة الملك وعلاقاته الوثيقة والواسعة، إلا أن رأس الدولة يجلس مع نظرائه في قمة الهرم وتترك التفاصيل للحكومات ومجالس النواب والشيوخ، وهنا يأتي دورنا الذي لا يقل في أهميته عن دور الحكومة بطواقمها العاملة والمفاوضة.
أما فيما يتعلق بمصاريف السفرات والمياومات والإعفاءات من الجمارك وكوتا الحج، فقد وضح المجالي أن النواب لم يعتدوا على حق أحد وأن كوتا الحج المخصصة للنواب كانت فوق كوتا الأردن بمعنى أنها إضافية، كما أن النواب لم يتعدوا على فلس واحد من أموال الخزينة يتخطى حدود الميزانية المخصصة للمجلس لا في السفرات ولا في غيرها، ودعا البعض إلى إعادة النظر في تقييمهم لمسألة سفر النواب باعتبارها ضرورية وليست للمتعة وشم الهواء كما يعتقدون، وأكد الرئيس المجالي أن 104 نواب سافروا خلال عامين بما لا يقل عن مرتين إلى ثلاث مرات وبمعدل تسعة إلى عشرة أيام ، وهذا يعني أن الغالبية العظمى شاركت وقامت بدورها المطلوب منها في هذا الباب وفق تصريحاته.
الرئيس المجالي وفي معرض استشهاده بأهمية الدور الخارجي الذي يلعبه البرلمانيون الأردنيون اشار ايضا إلى الجلسة الأخيرة للبرلمان الأورومتوسطي التي ترأسها الأردن وقال إن الجلسة كانت مناصرة لفلسطين وجاءت قرارات اللجنة السياسية للبرلمان قوية تتضمن الإدانة لإسرائيل والمطالبة بفتح المعابر وأكد المجالي على نقطة بالغة الأهمية في هذا السياق حين قال " في تلك الجلسة وللمرة الأولى منذ عقود لم يقف أي برلماني ليدافع عن إسرائيل حتى أن المندوب الإسرائيلي خرج عن الأصول المتعارف عليها واضطر إلى إهانة الحاضرين قائلا: أنتم كلكم منافقون!"
داخليا، اشتكى المجالي من أن الشعب يطالب النواب بأكثر من دورهم التشريعي والرقابي، واعترف بأن المهام التنفيذية التي تثقل كاهل النواب عبر طلبات التعيين والنقل والترقية والوساطة للخروج من المشكلات القانونية والاجتماعية ومد الخدمات والبنى التحتية إلى بعض الأماكن وغير ذلك من مطالب هي في صميم عمل السلطة التنفيذية كانت سببا في نقد الصحافة لأداء النواب وتراجع ذلك الأداء أحيانا عن المستوى الأمثل، وأضاف: " شخصيا أتمنى أن لا يضطر النائب للتوسط لدى الحكومة وأتمنى أن لا يستجيب المسؤول إلا إن كان الطالب مظلوما أو لو حق لم يأخذه"، ولكنه تساءل في الوقت ذاته قائلا: "هناك 400-500 مراجع يوميا يطرقون أبواب المجلس غير من يراجعون النواب في البيوت، فإن نحن طردناهم إلى أين يذهبون؟ أين هي الأبواب المفتوحة للناس؟ ليس هنالك باب سوى باب المجلس فما الذي تتوقعون منا فعله؟ هل نطردهم أم نساعدهم؟ ألسنا نواب الشعب؟ أوليس المواطنون الذين يراجعوننا من هذا الشعب وهذه الدولة؟!!
العلاقة بين الإعلام الموضوعي ومجالس الأمة كعلاقة الفرد بمرآته، فالمرآة تفقد وظيفتها إن لم ينظر فيها الفرد، والفرد يفقد رؤيته وجزءا كبيرا من قدرته على تقييم ذاته إن لم ينظر إلى المرآة، أما العلاقة بين الإعلام المنحاز أو المتحامل ومجالس الأمة فهي كالعلاقة بين الماشطة او أخصائية التجميل والزبون، فكلتاهما تملك القدرة على تجميله أو تسفيهه، وفي كلتا الحالتين تبقى تأثيرات النفع والضرر تبادلية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :